الرباط - الدار البيضاء
بعد سنة كاملة من صدور الحكم الابتدائي في قضية “سرقة ساعات الملك”، ما تزال بياضات كثيرة تطبع الملف الذي هز الرأي العام الوطني فور افتضاح أمر اختفاء 36 ساعة تخص الملك محمد السادس من إقامته الشخصية ب قصر مراكش، وتتضح بمرور السنوات خبايا السرقات التي انطلقت منذ أوائل سنة 2013.هسبريس تتقفى أثر الخادمة الشخصية لغرفة الملك، والمكلف بإصلاح أجهزة التبريد والتدفئة بالإقامة الشخصية، بطلي القضية التي انكشفت ملابساتها سنة 2019، وتكشف كيف تجولت ساعات الملك بمختلف الأنواع (MONT BLANC – ROLEX – BVLGARI – BLANCPAIN)، في مدن فاس وسلا والدار البيضاء، ثم طارت إلى تركيا، وحجم المسروقات والمبالغ المستخلصة وطرق بيع الساعات الفاخرة.بدايات السرقةأوائل سنة 2013، كانت (س. ك)، الرباطية الأربعينية الخادمة الشخصية للملك منذ سنة 2008، على موعد مع أول عملية سرقة بعد معاينتها الساعات داخل إقامة قصر مراكش، وذلك باختلاس ساعتين اثنتين مرصعتين بالذهب، والتوجه بهما إلى أحد باعة المجوهرات النفيسة بحي القرية بسلا للتداول بشأن الثمن وإمكانية البيع.
أولى صعوبات مباشرة العملية كانت غياب أي تواصيل تفيد حدوث عملية شراء قانونية للساعات، ما كان يفتح نقاشات جانبية مع المقتنين حول ملكية الساعات، قبل أن تهتدي الخادمة الشخصية للملك إلى فكرة تذويب الساعات بمحل بائع المجوهرات (م. أ)، وإزالة الذهب الذي بداخلها ورمي ما تبقى من إطارات في قنوات الصرف الصحي.
عائد العملية الأولى 5 ملايين سنتيم، شجع كثيرا (س. ك) على مواصلة السرقات من الإقامة الشخصية للملك، لتأتي العملية الثانية عبر دفعتين ولبائع الذهب في حي القرية بسلا نفسه، لكن هذه المرة بعد سنتين من العملية الأولى بمعية (س. ج)، وهو المكلف بصيانة الأجهزة بالإقامة، دون إخباره بداية بمصدر الساعات الحقيقي، وتبني فكرة كونها هدايا من دولة الإمارات العربية المتحدة.
طمع الخادمة وعامل الصيانة (ثلاثيني)، سيدفعهما لبيع 5 ساعات فاخرة، بعد أن أخذتها (س. ك) من الغرفة الشخصية للملك وسلمتها إلى (س. ج)، بغرض بيعها للمشتري ذاته بحي القرية بسلا، اثنتين بمبلغ 4.5 ملايين سنتيم، وثلاثة لاحقا بمبلغ 7 ملايين ونصف مليون سنتيم، وعقبها ستأتي عملية أخرى ثالثة عمل فيها المتورطون على تذويب الذهب الموجود بالساعات والحصول على مبلغ 5 ملايين ونصف مليون سنتيم.
عامل الصيانة، الذي يأخذ عمولة على كل عملية لا تتجاوز المليون إلى المليون ونصف، سيباشر بدوره مسارات أخرى للبحث عن هامش ربح أكبر، وعن روابط أمتن بـ (س. ك)، وذلك بإقامة علاقة سرية معها، مع وعود بالزواج وحفلات سهر مرفوقة بمخدرات صلبة.
ساعات الملك تتجول في حافلات النقل العمومي
ضعف العمولة من تاجر المجوهرات السلاوي، سيدفع الاثنين إلى البحث عن مزيد من الأرباح، وذلك عبر توجه (س. ج) إلى مدينة فاس لبيع 11 ساعة، عبر 4 دفعات، وسيتداول فكرة الفك والتذويب مع الرجل، وسيقتنع بالأمر، ليفك ثلاث ساعات أواخر سنة 2017 مقابل 7 ملايين سنتيم.الذهاب والإياب من فاس سيصبح عادة لدى (س. ج)، وذلك بحمله ثلاث ساعات جديدة إلى البائع (ز. م) والحصول على مبلغ 6 ملايين ونصف مليون سنتيم، لتليها العملية الثالثة التي سيستخلص منها مبلغ 7 ملايين سنتيم، ثم بعد شهرين عملية جديدة بمبلغ 6 ملايين ونصف مليون سنتيم، لتكون حصيلة “اللصين” بقصر مراكش من عمليات فاس ما يقرب من 27 مليون سنتيم. لكن مشقة الذهاب المتكرر إلى مدينة فاس عبر وسائل النقل العمومي ستدفع الإثنين إلى البحث عن بائع مجوهرات يكون في محيط الدار البيضاء والرباط، ليستقر رأيهما على الذهاب إلى العاصمة الاقتصادية لدى تاجر يعرفه (س. ج)، ثم بعدها العودة إلى تاجر حي القرية بسلا.
مشوار الذهاب إلى البيضاء
بعد مشاوير بحث عن مشتر في الدار البيضاء، سيتم الاتفاق على (خ. ب) ليتسلم 11 ساعة مسروقة (مجموع عائدها 25.5 مليون) عبر دفعات، 3 ساعات روليكس بمبلغ 6 ملايين، ثم ساعتين بمبلغ 4.5 ملايين، وبعدها ثلاث ساعات روليكس بـ7 ملايين.تحركات المتورطين في مدينة الدار البيضاء، ستتجه نحو النهاية، بعد قرار (س. ج) استخلاص مبالغ سرية من البيع، مستغلا عدم حضور (س. ك) للعمليات التي تتم بمحل بائع المجوهرات بسيدي عثمان، حيث ستأتي العملية الأخيرة ببيع ذهب ثلاث ساعات من النوع الرفيع بثمانية ملايين.
العودة إلى “قرية” سلا
بعد تفطن (س. ك) لعمليات السرقة التي يقوم بها شريكها، وعدم اقتناع (س. ج) بالسعر الذي تباع بها محتويات الساعات الباهظة من الذهب، سيعود المتورطان سنة 2019، إلى المشتري الأول (م. ا)، لكن هذه المرة بطمع أكبر، بعد اكتشاف قيمة الساعات في حالة بيعها كما هي دون تفكيك أو تذويب.صيف سنة 2019، ستتوجه (س. ك) صوب محل مجوهرات القرية بسلا من أجل بيع ساعتين يدويتين، ويمكنها البائع من 6 ملايين، لكنه سيخبرها بأهمية المبالغ التي ستستخلص في حالة بيع الساعات كما هي، وهو ما جرى الاتفاق عليه بالنسبة للعملية المقبلة.شهر أكتوبر من عام 2019، ستأتي (س. ك) بساعة واحدة تحصل فيها على 10 ملايين سنتيم، ضخت في حسابها البنكي، بعد أن بيعت كما هي، وتليها اثنتان بمبلغ 6 ملايين تسلمتها ابنة المحكومة بـ15 سنة سجنا، ليصل عائد كافة العمليات من 2013 إلى 2019 إلى 91 مليون سنتيم.
سيارات وشقق ومخدرات
مبالغ مهمة استخلصتها الخادمة الشخصية للملك بمعية عشيقها المشتغل في أعمال الصيانة، دفعتهما إلى اقتناء سيارتين من طراز ألماني (7.5 ملايين – 16 مليون)، كما سيقتنيان شقتين واحدة بسلا (24 مليون) والأخرى بالدار البيضاء (27 مليون سنتيم)، في أفق الزواج، لكن قبله نظم الثنائي سهرات كثيرة في سلا والبيضاء.
واستثمر العاشقان عائد الساعات الفاخرة كذلك في تنظيم جلسات حميمية كثيرة، استهلكت فيها مخدرات صلبة متنوعة (شيرا – كوكايين)، فضلا عن أقراص الإكستازي وبعض أنواع الخمور، لتتوسع تهم المتابعة وتشمل تكوين عصابة إجرامية، والسرقة الموصوفة، والفساد، وتناول المخدرات.
ساعات الملك تطير
3 ساعات من ضمن 36 ساعة المسروقة، ستروج بكثرة بعد أن خرجت من محل (م.أ.ت) بحي القرية بسلا، لتتجول على مواقع التواصل الاجتماعي ومحلات البيع والشراء الأخرى، من خلال وساطات تجار وسماسرة منتوجات فاخرة، تؤكد عائلاتهم أنهم لم يكونوا على علم بكون الساعات مسروقة من القصر الملكي بمراكش.
وتحركت الساعات نهاية سنة 2019 في مناطق الدار البيضاء والرباط، اثنتان اقتنيتا بمبلغ 6 ملايين والثالثة اقتنيت في نونبر 2019 بمبلغ 18 مليونا، وهذه الأخيرة هي التي ستطير صوب مدينة إسطنبول التركية لتباع لسائح أردني متابع هو الآخر في حالة سراح على ذمة القضية نفسهاوألقي القبض على كافة المعتقلين على ذمة تفريعات القضية، وأودعوا سجن العرجات2 ليقضي كل واحد منهم مدة محكوميته التي نطق بها القضاء، في انتظار دخول الملف مرحلة التداول الاستئنافي، فيما تقبع خادمة الإقامة الشخصية للملك، بمعية مصلح آليات التدفئة والتبريد، في سجن تيفلت.
قد يهمك ايضا:
الملك محمد السادس يتنبأ بما يحدث في البيضاء منذ عام 2013
ملك المغرب يأمر بالتحقيق في التقصير في عملية إنجاز أحد المشاريع التنموية