الرئيسية » تحقيقات
صورة للجدران القديمة من تشاراكس سباسينو

بغداد ـ نجلاء الطائي

يعتبر "الصراع الحديث لعلم الآثار"، والذي يعني بدراسة النزاعات خلال القرنيين الـ 20 و 21، فرعٌ جديد ومزعج قليلًا في عالم الآثار، فهو يُمثل إشكالية كبيرة من عدة نواحي، أولا، نظرًا لأنَّ القليل جدا منه ينطوي على ما يعترف به معظم الناس كعلم آثار، كما أنَّه يعتمد على التنقيب عن المواد الأثرية في الأرض للدراسة، حيث تظل معظم الموروثات المادية للصراعات الحديثة فوق سطح الأرض، وتعتبر جزء لا يتجزأ من المجتمع الحالي، مما يستلزم إتباع نهج أكثر أنثروبولوجيا ومتعدد التخصصات.

ومن الأسباب أيضًا فإنَّ الفترات الزمنية قيد الدراسة غالبا ما تكون في ذاكرة حية، وغالبا ما تظل مثار جدل كبير داخل المناطق المتضررة، وهذا يعني أن علم الآثار الحديث عن الصراع يمكن أن يكون حقل ألغام سياسي، فضلًا عن أنَّه حقل ألغام فعلي.

وتقول ماري شيبرسون، عالمة الآثار البريطانية المتخصصة في العصر البرونزي لبلاد الرافدين: "أنا أعمل حاليا في العراق في محافظة البصرة في مدينة "كاركس سباسينو" التي يبلغ عمرها ألفي عام، والتي أسسها الإسكندر الأكبر في 324 قبل الميلاد، ولكن منذ ثلاثين عاما، كان الموقع موطنا لآلاف الجنود العراقيين، وكانت الحرب الإيرانية العراقية تسير نحو نهايتها، حيث استنفد الجانبان موجة من الهجمات التي جعلت عام 1987 أكثر دموية في الحرب، وقد أدى ذلك إلى حصار ما لا يقل عن 60 ألف جندي إيراني و20 ألف جندي عراقي.

ولم يكن "كاركس سباسينو" الموقع الأثري الوحيد الذي أعيد احتلاله خلال الصراع الذي دام ثماني سنوات، فالمنطقة الحدودية بين إيران والعراق غنية بشكل كبير بالآثار، والمواقع الأثرية في كثير من الأحيان كانت من أفضل المواقع الدفاعية، حيث تمتاز بارتفاع الأرض التي يمكن حفرها لصنع الخنادق، ولا يكاد يكون هناك موقع قديم في شرق العراق لا يحتوي بقايا مدفعية أو موقع مراقبة في الجزء العلوي منه، وفي "كاركس سباسينو" كانت الأسوار القديمة في المدينة القديمة ما أدي إلى استخدام الموقع في الخطوط الدفاعية العراقية شمال البصرة.
وتقف أسوار الطوب اللبن على الجانبين الشمالي والشرقي للمدينة (بشكل مناسب لصد الهجمات الإيرانية على الأرجح) على ارتفاع يصل إلى ثمانية أمتار فوق سهل الغريني المسطح وتمتد على بعد حوالي 3،5 كم، وعندما وصل الجيش العراقي، أعاد المهندسون تجهيز "كاركس سباسينو" للحرب الحديثة، وتم حفر 45 خندقًا على الأقل من خلال المستوى العلوي من الجدران القديمة، مع سلالم من الحطام على الجانب الداخلي بحيث كانت الدبابات والمدفعية جزءا لا يتجزأ من الأسوار، وعلى طول الجزء العلوي من الجدران القديمة، تم حفر مواقع المشاة في الطوب اللبن وتوصيلها بواسطة الخنادق التي تقف وراءها على طول المنحدر العكسي، ولايزال ما لا يقل عن 199 من هذه المخلفات مرئية في الجزء العلوي من الأسوار، وفي بعض المناطق لا يزال تشاهد بقايا أكياس الرمل التي كانت تستخدم كساتر.

وتعتبر التغييرات في الجدار القديم هي التذكير الأكثر وضوحا للحرب في "كاركس سباسينو"، ولكن الأثر الأكبر على الموقع الأثري كان من النشاط داخل الجدران، مما أضر مباني المدينة تحت سطح الأرض، أما أمام الجدران وما وراءها، فقد استخدم الجيش الجرافات لبناء السدود، فضلا عن حفر الخنادق المساعدة وحفر أماكن لتخزين المعدات والذخائر، وكانت ترتكز فيها مئات من المركبات، والدبابات، وناقلات النفط، وناقلات الوقود وشاحنات الإمداد، وراء وحول جدران "كاركس سباسينو".

وكما هو متوقع من هذا الاحتلال المكثف للمناظر الطبيعية، لا يزال هناك كمية كبيرة من المواد العسكرية هناك، على الرغم من أن هذا يختفي بسرعة في البيئة القاسية في جنوب العراق، وتوجد الشظايا المعدنية في كل مكان، ومعظمها لا يمكن تحديد هويتها، ولكن هناك شظايا كبيرة للمركبات، كما أن هناك بعض المتعلقات الشخصية في بعض الأحيان، خوذة أحيانا، أزرار، أو ربما بقايا معطف، أو جورب الجيش العراقي التي تعتبر بقايا للجنود الذين قتلوا هنا خلال الحرب.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

روسيا تعتقل مدير محطة زابوريجيا النووية والوكالة الذرية تطلب…
الكشف عن ثروة ترامب عقب قضية التهرب الضريبي
فرض عقوبات على 10 أشخاص وكيانين إيرانيين بسبب أنشطة…
طالبان تطالب إسلام آباد بوقف عبور الطائرات الأميركية مجالها…
الأرشيف الوطني الأميركي يكشف احتفاظ ترمب بـ700 وثيقة سرية…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة