القاهرة - جهاد التوني
أوضحت وزير التعاون الدولي الدكتورة سحر نصر، عن خطة عاجلة لتدبير التمويل اللازم لاستكمال المشروعات القومية التنموية الكبرى.
وأفادت نصر في حديث لـ"المغرب اليوم"، حول خطتها العاجلة: "لدينا مشروعات حالية تم التفاوض بشأنها وأسعى حاليًا إلى تفعيلها وتدبير ما يلزمها من تمويل بهدف استكمالها في أسرع وقت ممكن، كي نقدم الخدمات للمواطنين بكفاءة وسرعة عاليتين، وهذا ما أركز عليه بقوة في المقام الأول".
وأضافت: "أحاول أن أوفر لتلك المشروعات الموارد التمويلية بأحسن سعر وبأفضل اشتراطات ومميزات تفيد مصر، وذلك من خلال دراسة مدى تناسب الهيئات والصناديق الدولية بما تقدمه من خدمات في ضوء حاجة مصر، وهذا لأن هناك هيئات ومؤسسات دولية متخصصة تقوم على تقديم خدماتها في قطاعات التعليم والصحة وغيرها من البرامج التنموية والخدمية، وهيئات أخرى متخصصة في البرامج الاقتصادية والإصلاحية، ومهمتي انتقاء الهيئة أو المؤسسة الدولية المعنية بما أحتاجه ووفقًا لأولوياتي، في ضوء المشاريع المماثلة التي نفذته تلك الهيئات بنجاح في الدول الأخرى، بما يضمن الانتهاء من أعمال تنفيذ تلك المشروعات في مواعيدها المحددة، وهذا أمر في غاية الأهمية".
وأردفت: "أسعى أيضًا إلى التنسيق بين المشروعات وبعضها البعض في مختلف المحافظات، ونركز على تحقيق التنمية الشاملة في مناطق عدة وبطبيعة الحال جزء من طبيعة عملي هو التركيز وإعطاء الأولوية في تدبير التمويل اللازم للمشروعات القومية الكبرى، ومن المهم أيضًا أن يتم ذلك وفقًا لأولويات الحكومة ووفاء لاحتياجات المواطنين، لأنه أحيانًا يكون هناك مشروع يحظى بالأولوية لدى الهيئة الدولية ولا يحظى بالأولوية لدى الحكومة، ومن المهم جدًا نكون عارفين إحنا عاوزين إيه وعارفين إيه هي أولوياتنا حتى يمكننا توجيه الموارد بالشكل الأنسب والأصلح للوطن، وهذا أكثر هدف أركز عليه، ونسعى بعد ذلك إلى التنسيق بين المشروعات المماثلة في مختلف المحافظات، والوزارة حاليًا مقسمة لقطاعات مختصة بإدارة ملفات التفاوض مع هيئات بعينها، فهناك قطاع يعمل مع البنك الدولي، وآخر يعمل مع البنك الإسلامي للتنمية أو الاتحاد الأوروبي أو الصندوق السعودي للتنمية وهكذا كله لحشد التمويل اللازم للمشروعات التنموية.
وتابعت الدكتورة: "أريد توضيح نقطة الاقتراض من الخارج، مصر عضو مؤسس ومساهم في كثير من المؤسسات والهيئات والبنوك والصناديق الدولية، وعلي سبيل المثال لا الحصر، مصر ممثلة في مجلس إدارة صندوق النقد والبنك الدوليين، وتشارك بحصة تمويلية بتلك المؤسسات، ويجب أن نستفيد من الخدمات التي تقدمها تلك المؤسسات، شأننا في ذلك شأن الدول الأعضاء، لدينا محفظة تعاون وأولى بنا الاستفادة منها، وهذه المحفظة ليست قروض فحسب، وإنما خدمات فنية في ضوء خبرات الدول الأخرى، وكيف نكون مساهمين في البنك الدولي ولا نأخذ نصيبنا، ولدينا طرق كثيرة لتدبير التمويل اللازم، مثل سندات اليوروبوند والاقتراض من الداخل بنسبة فائدة 6%، أو طرح شهادات استثمارية كشهادات قناة السويس بنسبة فائدة 13%، أو من خلال بيع الأراضي للمستثمرين، وكلها طرق مشروعة، وأؤكد أن مستوى الدين الخارجي لمصر في حدود أمنه للغاية، وأقل من العادي لدول كثيرة نامية، ومن حقنا أخد نصيبنا من هذه الهيئات والصناديق الدولية متى شئنا ذلك، في ضوء أولوياتنا واحتياجاتنا".
واستطردت: "لدينا اختيارات عدة، إما أن نأخذ التمويل لدعم الموازنة العامة، وهذا النوع يتاح سريعًا من جانب المؤسسة الدولية، وتوجهه الحكومة وفقًا لما تراه مناسبًا من أوجه الإنفاق وحسب متطلباتها، أو بالإمكان الاتفاق مع المؤسسة الدولية على توجيه تمويلها للمشروعات الاستثمارية، كبناء المدارس والطرق ومشروعات الصرف الصحي ومياه الشرب والإسكان لمحدودي الدخل، وغيره من المشروعات، فإحدى الخيارات هو تدبير التمويل وفقًا لاحتياجات برنامج الحكومة، وهذا ما نسعى إليه حاليًا أو استثماره في مشروعات تنموية أخرى، لكن إتاحة تمويل المشروعات الاستثمارية لا يكون بسرعة إتاحته لدعم الموازنة، وفي سعينا إلى ذلك نبحث عن أفضل طرق التمويل ونقارن بين البدائل المختلفة، ونبحث سعر الفائدة هنا وهناك، وفترتي السماح والسداد هنا وهناك، ونقارن ونختار بين البدائل على هذا الأساس، وهو ما تبحثه الحكومة حاليًا.
وعند سؤالها حول وجود مزاعم بأن الحكومة تنتهج نهجًا توسعيًا في الاقتراض بما يثقل كاهل الخزانة، أجابت نصر: "أؤكد تمامًا أن هذا أمر غير صحيح على الإطلاق، ونسبة الدين الخارجي في مصر قليلة جدًا مقارنة بغيرها، بل إن اشتراطات الاقتراض الخارجي أفضل من الداخلي، الذي اعتبر هو الآخر دين لدى الحكومة، ولذلك نقارن بين شروط الداخل والخارج، ونرى الأحسن للبلد ولاحتياجاتها".
وتحدثت عن مفاوضات الحكومة الحالية مع المؤسسات الدولية، وقالت: "في البداية أود الإشارة إلى أن ما أشيع عن وجود مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حاليًا للحصول على قروض غير صحيح، ثم إن محفظة مصر مع البنك الدولي الذي نفاوضه حاليًا للحصول على 3 مليارات دولار، تبلغ 5.5 مليار دولار للعام الحالي والعامين المقبلين، أي خلال 3 أعوام، ومفاوضاتنا تُركز على الحصول على 3 مليارات دولار لدعم الموازنة العامة ونحتاج لضخها قبل نهاية ديسمبر المقبل، وتوجيه الجزء الأخر وقيمته 2.5 مليار دولار لمشروعات تنموية استثمارية، في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان".
واسترسلت حديثها: "أؤكد هنا أن قروض البنك قروض ميسرة أو يمكن أن نسميها قروض حسنة، بنسبة فائدة 1.68% يعني أقل من 2% وبفترة سماح 5 أعوام وأخرى للسداد تصل إلى 35 عامًا، والمفاوضات مع بعثة البنك جارية، لأن هناك إستراتيجية قطرية وأخرى غير قطرية، وكل الهيئات الدولية تُعد حاليًا إستراتيجيتها القطرية مع مصر كالبنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية، الذي نفاوضه هو الأخر على 1.5 مليار دولار، والبنك الإسلامي للتنمية وغيرهم، وأؤكد أن لدينا الفرصة كي نضع رؤية تنموية واضحة لبرنامج اقتصادي طموح يحظي بدعم كل المؤسسات الدولية، بعدما أشادوا به وأعلنوا اعتزامهم تقديم كل الدعم اللازم له، ولمشروعات الرئيس القومية، وعلى رأسها المليون ونصف فدان والمناطق الصناعية، وأعلن البنك الدولي اعتزامه إعطاءهما الأولوية في الدعم اللازم والخبرات الفنية الأخرى التي قدمها البنك".
ولفتت إلى الخبرات الفنية التي يقدمه البنك، قائلة: "التمويل ليس وحده مهمًا، لكن الدعم الفني وتقديم الخبرات الفنية أكثر أهمية أيضًا من التمويل، ونسعى إلى الاستفادة من خبرات الدول الناجحة في مشروعات بعينها، كالمشروعات الصناعية، والبنك يسعى إلى تقديم تلك الخبرات، والاستفادة من تجارب الغير".
وأضافت: "بعد اكتساب مصر صفة دولة عمليات في البنك الأوروبي، يمنحنا طفرة حقيقية في تنفيذ مشروعات التنمية الفترة المقبلة، وضخ أكبر حجم من التمويل الشهرين المقبلين بما ينشط الاقتصاد ويدفعه إلى النمو بشكل أكبر، كما أن تدبير التمويل لن يكون فقط عبر الاقتراض ولكن أيضًا عبر تشجيع الصادرات والتوسع في الأسواق وتنشيط السياحة، ونسعى ببرنامج الحكومة إلى تحسين مناخ الاستثمار، وحل مشكلات المستثمرين بحيث يستطيعوا ضخ استثمارات جديدة، ولعل اكتساب مصر صفة دولة عمليات أعقب تولي البنك الأوروبي عمل تقييم لمصر، لما يشعروا أن الاقتصاد جيد، والمضي في خارطة الطريق السياسية ووجود البرلمان وفيه استقرار عام، ويجدوا أن نسبة المخاطرة في مصر قلت بكثير، وهذا مؤشر جيد لأن مجلس إدارة البنك يضم في عضويته دولًا أوروبية صوتوا في النهاية وأجمعوا على ضم مصر إلى دول عمليات البنك".
وتابعت: "نحن لا نفاوض الصندوق حاليًا للحصول على قروض، لكن أي برنامج اقتصادي حكومي لابد له أن يتم التعاون بشأنه مع الهيئات الدولية المختصة بمراجعة وتقييم السياسة النقدية، مثل صندوق النقد الدولي، لكن البنك الدولي يركز على المشروعات التنموية بشكل أكبر، مثل تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والقضاء على الفقر، ودعم قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والنقل وغيرها، وحينما كنت في بعثة مصر في اجتماعات الصندوق والبنك الدوليين مؤخرًا، استمعنا لتوصيات الصندوق، لكن نحن من يقرر الأصلح والأنسب لمعرفتنا باحتياجاتنا، وأؤكد أن الدول التي عندها رؤية واضحة وتعرف أولوياتها ستستفيد بشكل أكبر من المساعدات الدولية، وتستطيع أيضًا فرض شروطها وأولوياتها، دون أن يفرض عليها أجندة أو رؤية بعينها، ونسعى إلى دعم الموازنة العامة بثلاثة مليارات دولار قبل نهاية العام الجاري، ويمكن للحكومة إنفاقها كيفما شاءت".
وأشادت وزير التعاون الدولي بالدور الخليجي في دعم الاقتصاد المصري، معبرة: "هو دور عظيم وفعال ولا يمكن لمصر أو المصريين أن يغفلوه، واجتمعت بالصندوق السعودي للتنمية والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والبنك الإسلامي للتنمية وغيرهم من المؤسسات العربية، وأكدوا دعمهم الكامل لبرنامج الحكومة، وفي هذا الإطار لدينا ورشة عمل الأسبوع المقبل مع البنك الإسلامي للتنمية لتسريع وتيرة تنفيذ مشروعاته في مصر خلال الفترة المقبلة".