عمّان - إيمان أبو قاعود
كشف الخبير العسكري الأردني الفريق الركن المتقاعد علي سلامة الخالدي أن تفاقم الأوضاع في مدينة معان جنوب الأردن يعود إلى عدم وضع خطط وإستراتيجيات وبرامج لتطوير واقع التنمية السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والاجتماعية والأمنية في المدينة، فيما معان تحتاج إلى جهد وقائي فاعل ومدرب ومحترف، يتطلب أن تقدم هذه الخدمة الأمنية من قبل قوى بشرية مؤهلة، وبأساليب علمية حديثة. وأضاف الخالدي لـ "المغرب اليوم" على خلفية الأحداث والتوترات التي شهدتها مدينة معان قبل أسبوعين بعد انتشار شريط فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يبين تمثيل أشخاص بجثث مطلوبين في وجود رجال أمن بعد مطادرة في إحدى الكسارات, أن أبناء معان يعيشون حالة من الإحباط والفراغ، حيث تتكاثر الفئات المتطرفة والأصولية، ويأخذون حيزًا كبيرًا في مجتمع معزول مغلق محافظ، يتم استثمار هذه البيئة البعيدة عن المركز، باتجاه يخدم الانفلات والتمرد والعصيان، ليتم استغلال معاناة الناس لإنجاز مشروع الفوضى، محاولة لنقل السخط والاحتجاجات إلى مناطق أخرى لتوسيع دائرة الاضطرابات لتحقيق أغراض سياسية منها تعريض الأمن الوطني للخطر . وبين الخالدي أن معان في وضعها الحالي تعاني من تدني مستوى الخدمات وعدم توفر فرص العمل، وضعف البنية التحتية، وضعف الإدارات المحلية، إضافة إلى التردد في اتخاذ القرار، الأمر الذي يصنع البيئة الخصبة للتجاوزات الأمنية والقانونية. وشدد الخالدي على وجود نخبة من العقلاء في مدينة معان الجنوبية قادرة على تجنيب المدينة نيران الفتنة، وتعمل لتقريب وجهات النظر بين المحتجين والإدارة المحلية، ولكن الفئة القليلة من مثيري الشغب تقاطعت مصالحهم، فهم ليسوا موحدي الأفكار والأهداف والأسباب، منهم أصحاب اتجاهات دينية، منهم أصحاب السوابق والقضايا الجُرمية (الإجرامية)، منهم العاطلون عن العمل، والساخطون على ضنك العيش والحاجة، والغالبية الصامتة منقادة إلى هذه الأقلية، وهي دومًا تناشد الدولة لفرض القانون، ممارسة صلاحياتها، القيام بمسؤولياتها تجاه المجتمع. واعتبر الخالدي أن مدينة معان تحتاج إلى جهد وقائي فاعل ومدرب ومحترف، يتطلب أن تقدم هذه الخدمة الأمنية من قبل قوى بشرية مؤهلة، وبأساليب علمية حديثة كون الأساليب القديمة أثبتت فشلها، لحرمان مثيري الشغب من البيئة الرخوة، وفرض سلطة القانون، تنفيذ الأنظمة، تطبيق التعليمات. ومن الجدير بالذكر أن الهدوء الحذر عاد إلى مدينة معان جنوب الأردن منذ الأسبوع الماضي, بعد أن ألقت الأجهزة الأمنية على 7 أشخاص على خلفية ظهورهم في مقطع فيديو عن التمثيل بجثة اثنين من المطلوبين اللذين قضَيَا إثر تبادل لإطلاق النار مع قوة أمنية قبل اسبوعين في منطقة الراشدية. وجرى تحليل مقطع الفيديو وتحديد هوية الأشخاص الظاهرين فيه، وبناءً عليه تم ضبط الأشخاص السبعة في وقت متأخر من مساء الثلاثاء الماضي، وتوديعهم إلى المدعي العام لإجراء المقتضى القانوني. وشهدت مدينة معان خلال الفترة الماضية اشتباكات يومية بين الأهالي وقوات الدرك الذي يستعمل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتجمهرين. وهدد وجهاء معان الحكومة الأردنية بالعصيان المدني المفتوح إذا لم تكشف عن حقيقة هذا الفيديو والتمثيل بجثث أبنائهم وتقديم الجناة للمحاكمة لنا هذا الفعل مخالف للدين والعادات والتقاليد. وأكد ذوو المصاب أن من أطلق النيران على ابنهم والمتوفين الاثنين اللذين كانا معه هم من الأجهزة الأمنية، وليس كما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ادعى ناشروها أن من قتلهم هم أشخاص مدنيون كانوا قريبين من منطقة المطاردة، بحسب ما أخبرهم ابنهم المصاب. وقال شقيق المصاب خلال اجتماع عقده وجهاء معان ان الاجهزة الامنية تركت المصابين الثلاثة في موقع المطاردة لمدة ساعتين كاملتين، دون أن تقدم لهم الإسعافات الأولية أو تنقلهم إلى المستشفى، الأمر الذي أدى إلى قيام بعض من كان بالقرب من منطقة المطاردة بتصوير الجثث والتنكيل بها، على حد وصفه. وصرح مصدر أمني إلى "المغرب اليوم" عن تفاصيل الحادثة أن قوة أمنية طاردت ثلاثة أشخاص في منطقة الراشدية بالمقربة من مقالع وكسارات قبل حوالي الأسبوعين، إثر تلقي مرتبات مديرية شرطة العقبة جنوب الأردن بلاغًا بقيامهم بإطلاق النار بصورة عشوائية على العاملين في بعض الكسارات وسرقة محتوياتها. وفور وصول القوة الأمنية لإرغام القوة الأمنية على الرد عليهم بالمثل بعد أن رفضوا الامتثال بتسليم أنفسهم. وأشار المصدر إلى أنه فور توقف إطلاق النار قام عدد من المواطنين بالصعود إلى المنطقة الجبلية التي كان المسلحون يتواجدون فيها وفي تلك اللحظة كان الأعداء أشخاص مجهولين بالنسبة للقوة الأمنية فتم إرسال عناصر أمنية بلباس مدني إلى تلك المنطقة لاستطلاع الأمر، ومعرفة هوية المسلحين، وضمان عدم تجدد الاشتباك في حال ثبوت أنهم من أبناء المنطقة نفسها، ومن أقارب المواطنين اللذين هُرعوا إلى المكان، وفور تيقن العناصر الامنية بالباس المدني بان المسلحين من خارج ابناء المنطقة تحفظوا على السلاح الناري الذي كان في حوزتهم، واستُدعي على الفور رجال الأمن العام والدرك الموجودين في محيط المنطقة، حيث تم إبعاد المواطنين من المكان مباشرة، ونقل الاشخاص إلى اقرب مستشفى.