غزة ـ محمد حبيب
أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية في غزة صالح النعامي أن المواجهة الأخيرة التي حدثت في قطاع غزة على مدار 8 أيام بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية حققت انجازا كبيرا للمقاومة على حساب انهيار قوة الردع لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي .وأوضح النعامي في مقابلة خاصة مع "مصر اليوم" أن قيادة الاحتلال الإسرائيلي أعلنت عند بداية عملياتها العسكرية في القطاع أنها تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية وضرب قدراتها بالإضافة إلى ترميم قوة الردع الإسرائيلية ،مؤكداً أنه بعد ثمانية أيام من المواجهة تبين أن قوة الردع الإسرائيلية قد انهارت أمام ضربات المقاومة التي لم يتوقعها الاحتلال مما كان له بالغ التأثير لدى الرأي العام الإسرائيلي نحو قدرات جيشه . وأشار النعامي أنه للمرة الأولى في تاريخ الكيان الصهيوني تصل صواريخ المقاومة الفلسطينية إلى قلب تل أبيب و إلى مشارف مدينة القدس المحتلة وهذا ما دفع حوالي 4 مليون إسرائيلي للاختباء في الملاجئ خوفاً من أن تصيبهم تلك الصواريخ هذا بالإضافة إلى شل الحياة بكامل في كل مدن الجنوب وأدى أيضا إلى إغلاق مؤسسات كبيرة كمطار اللد . أما بخصوص الهدف الأخيرين فيما يتعلق باغتيال قيادات المقاومة وضرب قدراتها فأشار النعامي بان أن هذين الهدفين لم يتحققا أيضا رغم استهداف عدد من القيادات العسكرية الفلسطينية ولكنها لم تكن بالنسبة التي أرادها الاحتلال ومقارنة مع الرهان الإسرائيلي . وفيما يخص بتدمير قدرات المقاومة فنوه النعامي إلى أنه من الواضح للعيان أن قدرات المقاومة لم تتأثر وما يدلل على ذلك قوة قدرة المقاومة على إطلاق مزيد من الصواريخ وخصوصاً بعيدة المدى في الأيام الأخيرة بل في الدقائق الأخيرة قبل دخول التهدئة حيز التنفيذ . وأشار النعامي الى تفاخر الاحتلال بضرب قدرات المقاومة كان ضرباً من الخيال حيث تبين فشل العمل ألاستخباري الإسرائيلي تجاه هذا الموضوع بحيث كان المفاجأة الكبرى لدى الاحتلال عندما أطلقت المقاومة صواريخ "أم 75" والتي لم يكن لدى استخبارات الاحتلال أي معلومات عنها وهذا ما يدلل على فشل العمل ألاستخباراتي لدى الاحتلال ودخوله المعركة بمعلومات ناقصة ومضللة . وأوضح النعامي أن غزة باتت لها مكانة دولية مميزة حيث عززت تلك الحرب الأخيرة مكانتها من خلال زيارة العديد من الشخصيات الدولية و الوزراء لإبداء تضامنهم مع سكان القطاع . وأشار النعامي الى أن كل التحليلات والتعليقات الإسرائيلية عقب هذه المواجهة ركزت على أن القيادة الإسرائيلية فشلت في هذه المعركة فشلاً ذريعاً أمام المقاومة الفلسطينية وأن التفاخر الوحيد الذي تفاخر به وزير الحرب باراك هو عدد القتلى في الجانب الفلسطيني كان تفاخراً في غير محله بحيث أن الإحصائيات تشير الى أن غالبية القتلى كانوا من الأطفال والنساء والمدنيين بشكل عام وهذا ما يؤكد على إفلاس الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أهداف المعلنة . وأشار النعامي أن ما يدلل على فشل الهجمات الإسرائيليّة الجوّية على قطاع غزّة في تحقيق أهدافها، في ضوء استمرار الفصائل الفلسطينيّة في قصف الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة بكثافة، هو مضاعفة إسرائيل تهديداتها بشنِّ هجومٍ برّي. فقد اعتقد نتنياهو وبراك أنّ الولايات المتّحدة وعددًا من الدول الأوروبيّة المهمّة تخشى قيام إسرائيل بشنِّ حربٍ برّية على قطاع غزّة، ما قد يقود إلى توسيع دائرة الصراع ويؤثّر سلبًا في العلاقات الإسرائيليّة - المصريّة. وقد راهَنَا على أن تقوم الولايات المتّحدة والدول المهمّة في أوروبا بالضّغط على الأطراف المعنيّة، ولا سيّما على مصر من أجل العمل للتوصّل إلى وقفِ إطلاق الصّواريخ، قبل أن تشنّ إسرائيل هجومًا بريًّا على غزّة. وتطرق النعامي الى قضية هامة وهي تجنيد 75 ألف جندي اسرائيلي لهذه الحرب وهي أضعاف عدد الجنود الذين كلفوا بحرب لبنان والذين كان عددهم حينها 25 ألف جندي وهو ما يدلل على تخبط الاحتلال بحيث خصص عدد جنود يستطيعون احتلال بقعة جغرافية كقطاع غزة ثلاث مرات . وأوضح النعامي أنّ خطّة نتنياهو وبراك الأساسيّة كانت تتمثّل في شنّ عدوانٍ قصير في مدّته الزمنيّة،لا يتجاوز 3 أيام يجري في بدايته اغتيال القائد العسكريّ أحمد الجعبري، وقصف مواقع منصّات الصواريخ البعيدة والمتوسّطة المدى، ومن ثمّ العمل على التوصّل إلى وقف إطلاق النار من خلال الضّغط على المقاومة في قطاع غزّة بالتّهديد بشنّ حربٍ برّية على القطاع حتّى تقبل المقاومة وقف إطلاق النّار وفقًا للشروط الإسرائيليّة ولكن ما حدث من رد عنيف من قبل المقاومة غير كل خطط العدو . وبخصوص تأثير تلك المعركة الأخيرة في غزة على التهديدات الإسرائيلية بضرب إيران أشار النعامي الى هذه الحرب سيكون لها تأثيرات نفسية على معنويات الجيش الإسرائيلي الذي لم يستطع تحقيق أهدافه مع قطاع غزة و مقاومته التي تمتلك وسائل قتالية محدودة ،خصوصاً وأن بنيامين نتنياهو كما يؤكد النعامي- بأنها أول حرب يخوضها في فترة حكمه وقد فشلت فشلاً مدوياً . وأكد النعامي أن التحديات أمام المقاومة الفلسطينية تبدأ الآن بعد انتهاء تلك المعركة ،موضحاً أن نتنياهو الان كالنمر الجريح الذي تطلق عليه الأسهم من كل مكان ويحاول الآن أن يثأر لهزيمته الساحقة في غزة موضحاً أن الحرب على غزة ستكون من ضمن أولويات أي حكومة إسرائيلية قادمة . وأشار النعامي أنه ووفقا لاستطلاعات الرأي العبري بعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، فقد مر تحالف نتنياهو - ليبرمان بسلام من الحرب ليحصل التحالف على 37 مقعدا في الكنيست،في الانتخابات الاسرائيلية القادمة المقررة في يناير 2013 في حين سيحصل معسكر اليمين الاسرائيلية على 70 مقعدا والوسط واليسار على 50 فقط في مؤشر واضح الى أن الحرب رفعت من أسهم اليمين المتطرف في اسرائيل . وأكد النعامي على ضرورة تبني إستراتيجية موحدة للمقاومة الفلسطينية إزاء أي مواجهة قادمة مع الاحتلال الذي سيتعطش للدماء خلال الفترة القادمة ،مؤكداً على ضرورة أن لا يترك المجال لكل فصيل فلسطيني أن يتعامل في الميدان لوحده وأن تتوقف مظاهر العبث لدى بعض الفصائل الصغيرة وأن يكون التنسيق بشكل عالي مع جمهورية مصر بحيث تكون الحاضنة لتلك المقاومة وتوقع النعامي أن تزداد قوة اليمين المتطرف لدى الكيان الصهيوني عقب تلك الحرب بحيث لن يسلموا بأن تبقى الأمور على حالها من تهدئة مع قطاع غزة . وفي رده على سؤال فيما إذا كانت مفاوضات التهدئة الأخيرة بين حماس والاحتلال ومن قبلها مفاوضات صفقة شاليط قد فتحت الباب لمفاوضات بين الجانبين في المستقبل أكد النعامي أن المفاوضات موجودة بين حماس والاحتلال بحيث أصبح هناك اعتراف إسرائيلي بكيان "حماس" وهذا يعكس رغبة لدى الاحتلال الإسرائيلي ولكنه يتم فيما يتعلق بترتيب أوضاع التهدئة وأمور طارئة كصفقة شاليط أما فيما يخص التفاوض في الشأن السياسي فاستبعد النعامي أن يتم ذلك خصوصاً وان المفاوضات مع الرئيس محمود عباس والذي قدم تنازلات كبيرة للاحتلال – كما يقول النعامي – أعتبره الاحتلال في نهاية المطاف بأنه أرهابي سياسي .