القاهرة ـ وكالات
وضعت دول عربية وإسلامية عدة قواتها الأمنية في حال التأهب، وعززت إجراءات حمايتها للسفارات الغربية لديها تحسبا لوقوع أعمال عنف بعد نشر رسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في مجلة فرنسية، في وقت يتوقع فيه خروج مظاهرات في العديد من بلدان العالم الإسلامي بعد صلاة الجمعة احتجاجا على الرسوم المسيئة. فقد شددت الحكومة المصرية الخميس على أنها ستطبق القانون بكل حزم وقوة ضد من يتعرض للسفارات والبعثات الدبلوماسية والممتلكات الأجنبية في مصر. وقال رئيس مجلس الوزراء المصري هشام قنديل في بيان إن الدولة مسؤولة عن هذه المقار وحمايتها وعدم المساس بها، وإنها ستطبق القانون بكل حزم وقوة ضد من يتعرض لها، معربا عن استنكاره الشديد لقيام مجلة فرنسية بنشر رسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وفي اليمن عززت وزارة الداخلية إجراءات الحماية حول البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية في العاصمة صنعاء تجنبا لتعرضها لأي اعتداء. وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "26 سبتمبر" اليمنية الخميس "أن تلك الإجراءات تشمل: إنزال عمل الدوريات والتحريات في محيط السفارات والمنظمات الدولية إلى جانب زيادة عدد الأفراد والأطقم المكلفة بعملية الحماية، وكذا التعقيب المتواصل على مستوى تنفيذ الخدمات الأمنية لواجباتها ويقظتها الأمنية ومعالجة أي قصور في هذا الجانب أولا بأول، منعا لحدوث أي خرق أمني". وفي تونس قررت وزارة الداخلية منع مظاهرات كان من المقرر خروجها اليوم الجمعة للاحتجاج على نشر تلك الرسوم. وكانت المظاهرات التي شهدتها العاصمة التونسية الأسبوع الماضي احتجاجا على فيلم مسيء للإسلام قد أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص خلال محاولة اقتحام السفارة الأميركية هناك. وفي هذا السياق قال المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية خالد طروش للجزيرة إن الأمن التونسي سيتعامل بحزم لتنفيذ قرار الوزارة بمنع مظاهرات الجمعة, وأضاف أن هنالك نوايا لدى البعض للقيام بأعمال عنف في إطار المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية تنديدا بالإساءات المتكررة للإسلام. تجددت الخميس المظاهرات المنددة بالفيلم والرسومات الكاريكاتيرية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في مختلف العواصم الإسلامية وبينها كابل وإسلام آباد وطهران. يأتي ذلك في حين دعت منظمة التعاون الإسلامي إلى "موقف موحد" في العالم ضد التحريض على الكراهية، وسعت الأمم المتحدة إلى تهدئة غضب المسلمين عبر الدعوة إلى رسم حدود لحرية التعبير. ففي أفغانستان تظاهر المئات احتجاجا على بث فيلم "براءة المسلمين" الذي أنتج وصور في الولايات المتحدة، وكذلك على نشر أسبوعية "شارلي إبدو" الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتيرية مسيئة إلى النبي محمد صلى الله عيه وسلم. وهتف المتظاهرون في كابل وغيرها من المناطق الأفغانية "الموت لفرنسا، الموت لأميركا" و"يعيش الإسلام وتعيش أفغانستان". وفي عاصمة باكستان إسلام آباد، تظاهر نحو خمسة آلاف شخص وحصلت اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن أسفرت عن إصابة نحو خمسين شخصا من الطرفين بجروح. كما سجلت مظاهرات أخرى شارك فيها أربعة آلاف في لاهور بشرق البلاد، دون وقوع حوادث. وفي العاصمة الإيرانية طهران تظاهر نحو مائة شخص أمام السفارة الفرنسية، وقال مراسل وكالة الأنباء الفرنسية إن المتظاهرين الذين منعهم عناصر الأمن من الاقتراب من السفارة رددوا "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل" و"الموت لفرنسا". ويتوقع أن يشهد نهار الجمعة مظاهرات أضخم مع توجيه غالبية الأحزاب السياسية والمنظمات الدينية في مختلف الدول الإسلامية دعوات بالتظاهر رفضا للفيلم وللرسوم المسيئة للمسلمين. وعلى المستوى الرسمي، دعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو الخميس في بيان إلى "موقف موحد" في العالم ضد التحريض على الكراهية بعد عرض فيلم مسيء إلى الاسلام ونشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. كما حذر من أن نشر الأسبوعية الفرنسية لرسوم كاريكاتيرية للرسول صلى الله عليه وسلم سيسهم في تفاقم الاضطرابات وأعمال العنف الحالية التي أثارها صدور فيلم "براءة المسلمين" المعادي للإسلام والذي لقي إدانة عالمية واسعة النطاق. بدورها، نددت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي بفيلم "براءة المسلمين" واعتبرته جزءا من حملة شاملة ضد الإسلام ترمي إلى إيذاء مشاعر المسلمين وتشويه صورة الإسلام الحقيقية، بما يفاقم انعدام التسامح. ووسط أجواء التوتر المستمرة أكد الأمين العام للأمم المتحد بان كي مون أن الفيلم المسيء للإسلام "فاضح ومخز". وقال بان كي مون أمس الأربعاء أمام صحافيين في نيويورك إن حرية التعبير "حق ثابت" يجب أن تتم حمايته بشرط ألا يصطدم بمعتقدات وقيم الآخرين. وفي سياق الإجراءات الاحترازية دعت وزارة الخارجية الأميركية الرعايا الأميركيين إلى إرجاء كل رحلاتهم "غير الضرورية" إلى باكستان، كما أعلنت السفارة الأميركية في إندونيسيا أنها ستغلق أبوابها الجمعة وكذلك البعثات الأميركية في شرق ووسط هذا البلد. وبدورها أعلنت فرنسا أنها ستغلق الجمعة سفاراتها وقنصلياتها ومراكزها الثقافية ومدارسها في حوالي 20 بلدا إسلاميا على الرغم من عدم وجود "تهديد فعلي لأي مؤسسة". كما تعتزم ألمانيا عدم فتح سفاراتها في الدول الإسلامية الجمعة تحسبا للتعرض لاحتجاجات على خلفية الفيلم والرسوم المسيئة. وقد أعلن وزير الخارجية الألماني أنه يدرس تعزيز حماية مؤسسات ألمانية أخرى بشكل إضافي، وذلك بعد أن أضرمت جموع من المحتجين النيران في السفارة الألمانية بالخرطوم قبل نحو أسبوع.