الرباط ـ الدارالبيضاء اليوم
في الوقت الذي تستمر فيه الأنشطة التحسيسية المنظمة في إطار الحملة الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء، وبينما تسعى الحكومة إلى رفع نسبة النساء في سوق الشغل، فجرت المستشارة البرلمانية فاطمة الإدريسي “فضيحة” من داخل الغرفة الثانية للبرلمان، بكشفها عن هضم الحقوق الأجرية لعاملات النظافة بالمؤسسة.
وقالت المستشارة البرلمانية المنتمية إلى فريق نقابة الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، في جلسة عمومية الثلاثاء، إن عاملات النظافة بالغرفة الثانية للبرلمان يحصلن على أجر شهري لا يتعدى 1600 درهم، لكنهن يوقّعن على وصولات تفيد بأنهم يحصلن على ثلاثة آلاف درهم.
وأضافت البرلمانية مخاطبة وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أن “عاملات النظافة في المؤسسات العمومية يشتغلن دون الحد الأدنى للأجر، ولا نحتاج أن نذهب بعيدا للبحث عن أمثلة، فهنا في مجلس المستشارين تتقاضى عاملات النظافة ألفا وستمئة درهم، في حين إنهم يوقّعن على ثلاثة آلاف درهم”.
مفاجأة ثانية كشفتها المستشارة البرلمانية فاطمة الزهراء الإدريسي ، تتعلق بأن ليس جميع عاملات النظافة بمجلس المستشارين يتقاضين 1600 درهم، بل إن منهنّ من لا تتعدى أجرتها الشهرية 800 درهم فقط.
وأوضحت الإدريسي أن عاملات النظافة اللواتي يشتغلن لمدة نصف يوم يحصلن على 800 درهم شهريا فقط، وتحصل نظيراتهن اللواتي يشتغلن بدوام كامل على 1600 درهم، وعلّقت على الموضوع بالقول: “لقد صدمنا عندما عرفنا هذا الأمر”.
وتفيد المعطيات التي قدمتها الإدريسي بأن عاملات النظافة بمجلس المستشارين يتوزعن على مجموعتين؛ المجموعة الأولى تبدأ عملها على الساعة السابعة إلى الساعة العاشرة صباحا، وتتقاضى العاملات اللواتي يشتغلن في هذه الفترة 800 درهم.
أما المجموعة الثانية من العاملات فيشتغلن بدوام كامل، من الساعة السابعة صباحا إلى الرابعة عصرا، غير أن العمل الدؤوب الذي يشهده المجلس، وأشغال الفرق والإدارة، يجعل عمل هؤلاء النساء يمتد أحيانا إلى الساعة الخامسة أو الخامسة والنصف، وفي بعض المرات إلى التاسعة أو العاشرة ليلا.
وكانت الحكومة قد رفعت الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص إلى 2828 درهما؛ وبمقارنة الأجر الذي حددته الحكومة مع ما تتقاضاه عاملات النظافة بمجلس المستشارين، فإن الأجر الحقيقي الذي تتلقاه اللواتي يحصلن منهن على 1600 درهم يقلّ بـ1228 درهما عن الأجر القانوني في حده الأدنى.
وذهبت المستشارة البرلمانية فاطمة الإدريسي إلى القول خلال الجلسة العمومية بمجلس المستشارين، إن شركات المناولة التي تتعاقد معها المؤسسات العمومية “تستثمر في اليد العاملة، وتشكّل وصمة عار بمباركة المؤسسات العمومية”، مسجّلة أن النساء العاملات في المغرب يعشن وضعية أكثر سوءا مقارنة مع الرجال، ذلك أن نسبة التصريح بالعاملات لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا تتعدى 30 في المئة.
وفيما لم يتسنّ أخذ رأي رئيس مجلس المستشارين في الموضوع، وهو في الوقت نفسه الأمين العام لمركزية نقابية، قالت الإدريسي، جوابا على سؤال لهسبريس حول الجهة التي تتحمل مسؤولية عدم تمتيع عاملات النظافة بمجلس المستشارين بالحد الأدنى للأجر، إن “المسؤولية مشتركة بين المجلس وشركة المناولة المشغّلة لعاملات النظافة”.
وأضافت أن المسطرة التي ينبغي أن تتتبع من طرف المؤسسات العمومية المتعاقدة مع شركات المناولة، تقتضي إخضاع هذه الأخيرة للمراقبة للتأكد من وفائها بما هو منصوص عليه في دفتر التحملات، في كل ما يخص حقوق المستخدمين، بما في ذلك تمكينهم من الحد الأدنى للأجر، والتصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأردفت أنه في حال أفضت عملية المراقبة إلى عدم وفاء شركة المناولة بالتزاماتها إزاء المستخدمين، يتم إنذارها من طرف المؤسسة المتعاقد معها. وإذا لم تبادر إلى تصحيح الوضع، يُفسخ العقد المبرم معها.
وخلّفت “الفضيحة” التي فجرتها الإدريسي صدمة وسط أعضاء مجلس المستشارين، خاصة وأن الكشف عنها جاء بعد أيام قليلة فقط من الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، الذي خلّده مجلس المستشارين بتنظيم ندوة في الموضوع قبل أيام.
وقالت المستشارة البرلمانية ذاتها : “كانت صدمتنا كبيرة؛ فبعد أن كشفت عن حقيقة أجور السيدات المكلفات بالنظافة بمجلس المستشارين، علمت أن منهن من لا يتقاضين سوى 800 درهم، إحداهن تصرف ثلاثمئة درهم في الشهر في النقل، ولا يتبقى لها سوى خمسمائة درهم”.
وأضافت: “هؤلاء السيدات هن اللواتي جهّزن القاعة التي احتفلنا فيها بتخليد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء بمجلس المستشارين، وفي الأخير نأتي نحن أعضاء وعضوات المجلس لنندد بالعنف الذي تتعرض له النساء، بينما حقوق هؤلاء السيدات اللواتي جهّزن القاعة مهضومة”، واصفة ظروف اشتغال هؤلاء النساء بـ”عبودية العصر الحديث”
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
مجلس المستشارين المغربي يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية 2022
ضعف ميزانية مجلس المستشارين المغربي يؤدي إلي امتعاض حزب "الأحرار"