الرباط - الدار البيضاء اليوم
قال الاتحاد العام للشغالين بالمغرب إن وفدا من النقابة، يترأسه النعم ميارة، الكاتب العام للهيئة ذاتها، قدّم مقترحاته للمساهمة في النقاش الوطني العمومي حول النموذج التنموي الجديد المأمول، بدعوة من شكيب بنموسى، رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي.
وأشار بلاغ إلى أن "اللقاء عرف تقديم النعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد، عرضا قيّمًا، بسط خلاله رؤية الاتحاد للنموذج التنموي الجديد، مؤكدا على حرص الاتحاد على استلهام العبر من خلال ضرورة تشخيص الواقع الحالي الذي يعيشه المغرب، في إطار النموذج التنموي الحالي، وما سبقه من نماذج تمت بلورتها منذ الاستقلال المغرب وإلى الآن".
وثمّن ميارة "المجهودات التي قام بها المغرب في عدد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية"، مسلطا الضوء في السياق نفسه على "مجموعة من الأعطاب والأسئلة المقلقة التي يعيشها المغرب والتي أظهرت محدودية النموذج التنموي الحالي؛ وهو ما يفرض، حسب المتدخل نفسه، "ضرورة بلورة وصياغة تصور جماعي إصلاحي يتلاءم والمتطلبات والاحتياجات التي تعيشها البلاد".
وأوضح النعم ميارة، في معرض كلمته، يضيف البلاغ، أن "الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، منذ تأسيسه في 20 مارس 1960، لم يكن يوما نقابة "خبزية" بمعناها القدحي، ولم ينزو صوب المواقف والقرارات ذات خلفية ظرفية أو آنية، فقد ظل دائما ذا رؤية سياسية استشرافية مرتبطة بدينامية المجتمع وحاجته للتغيير، ومنتصرا للذات السببية التي قامت عليها الحاجة والغائية من تأسيس النقابات باعتبارها شريك اجتماعي ووسيط ديمقراطي يساهم في تأطير عموم المواطنات والمواطنين، ويرسخ مظاهر السلم والأمن الاجتماعي".
وجاء ضمن البلاغ ذاته أن "ميارة أبرز في السياق نفسه الخطوات التي قام بها الاتحاد من أجل بلورة هذا التصور بداية بتنظيم لقاء دراسي حول النموذج التنموي، ووضع منصة لتلقي المقترحات والتصورات من طرف النقابات المنضوية تحت لواء الاتحاد وطنيا ومحليا، والتي هيئة رؤية تعبر عن انتظارات شريحة عريضة من الشغيلة المغربية".
وتقوم رؤية الاتحاد العام للنموذج التنموي المأمول، حسب البلاغ، على أزيد من 60 مقترح تدبير وإجراء، تتوزع على أربعة محاور أساسية هي: "تعزيز التحديث السياسي والحكامة المؤسساتية والديمقراطية"، و"تنمية الاستثمار وتقوية الاقتصاد الوطني"، و"تحسين مجال الحماية الاجتماعية وتقوية الاهتمام بالبعد الثقافي الوطني والبيئي"، و"تجاوز إكراهات العمل النقابي وتقوية حضور النقابة كشريك مجتمعي".
وفي الشق السياسي، ركز النعم ميارة على "ضرورة رسم وبلورة تعاقد سياسي جديد، ينتفض على النظرة الكلاسيكية لمفهوم المواطنة القائمة على التقاطب الثنائي الحاد والجامد بين الحقوق والواجبات، وهذا ما يستدعي ضرورة توفير فضاء أوسع للمشاركة الفاعلة لجميع المواطنات والمواطنين في صناعة القرار؛ وهو ما سيساهم في رفع تحدي إعادة ثقة المواطنين في المؤسسات".
كما دعا المتحدث إلى "تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل مبادئ الحكامة الجيدة، كآلية للتدبير في مختلف المرافق والمؤسسات العمومية، استنادا على الآليات الحديثة في التسيير"، مركزا على ضرورة "إعادة الاعتبار لمؤسسات الوساطة الديمقراطية من أحزاب وجمعيات ونقابات، خصوصا في ظل تنامي الديناميات غير المهيكلة والتي تضرب في عمق العمل النضالي الوطني المؤسساتي الذي تقوم به هذه المؤسسات".
وطالب الكاتب العام لـUGTM بضرورة "إجراء إصلاحات دستورية، تحاول تجاوز الاعطاب والنواقص التي أبانت عنها التجربة الدستورانية المغربية لدستور 2011، ما يفرض ضرورة إخراج تعديل دستوري لمجموعة من الفصول إلى الوجود، ما يفعل المبدأ الدستوري المؤطر لفصل السلط القائم على -سلطة توقف وتراقب سلطة-، إضافة إلى إعطاء النقابات المكانة التي تستحقها ضمن نص الوثيقة الدستورية".
كما اقترح ميارة "إصلاح الثغرات الدستورية التي أفرزتها بعض التجارب السياسية مثل ما حدث خلال تشكيل الحكومة بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2016، ما أضاع على المغرب ستة أشهر من الزمن التنموي والذي نحن في حاجة ماسة إليه".
وعلى المستوى الاقتصادي، أشار البلاغ إلى أن الكاتب العام للنقابة أكد أن "الإصلاح المنشود يجب أن يقضي تماما على اقتصاد الريع، وأن يسمح بتعزيز التنافسية الاقتصادية ويسهم في الرفع من الحضور الاقتصادي الوطني على المستوى الدولي، ويدعم المقاولات الشابة والناشئة، ويعيد هيكلة الاقتصاد غير المنظم، ما يسمح في استفادة أكبر للاقتصاد الوطني من حجم التعاملات المالية لهذا القطاع". كما اقترح ضرورة "الاهتمام بالاقتصاد الاجتماعي كمحرك للتنمية الاقتصادية على باعتباره الية لممارسة القرب الاقتصادي الذي سيعمل على تجاوز الفقر والبطالة حتى في القرى والمناطق النائية".
وفي الجانب الاجتماعي، اعتبر الكاتب العام للهيئة النقابية أن "أولى الأولويات هو تعزيز الطبقة الوسطى ودعمها؛ وهو ما يسمح بمساهمتها في النسيج الاجتماعي والاقتصادي ببلادنا". كما اعتبر أن "توفير الحماية الاجتماعية لجميع فئات المجتمع بات ضرورة ملحة وعملا جبارا جماعيا تفرضه التحديات المطروحة على هذا المستوى، خصوصا في ظل غياب العدالة المجالية، واستمرار التوريث الجيلي للفقر"؛ فيما طالب النقابي ذاته بـ"عودة العمل بالخدمة المدنية، واستهدافها لفئات حاملي الماستر من أجل تجاوز معضلة عطالة حاملي شهادات العليا، ودعم انخراطهم في سوق الشغل وتقوية تكوينهم العلمي والعملي".
وأضاف البلاغ أن الجانب الثقافي لم يغب عن اهتمامات المركزية النقابية، حيث أكد النعم ميارة على ضرورة الاهتمام بمكونات الهوية المغربية، بمختلف مشاربها؛ وهو ما يقتضي إبراز بنية التعددية الثقافية للمغرب باعتبارها أحد دعامات المواطنة التعددية، والتي تعكس غنى وتنوع مشارب الهوية المغربية القائمة على الإنسية المغربية مركبة المشارب".
وفي ما يخص الجانب النقابي، اعتبر ميارة أن "التجربة المتعثرة للحوار الاجتماعي، والذي سبق له أن توقف لأزيد من سبع سنوات، قبل أن يتم استئنافه مؤخرا، أثبتت أن هذه الحكومة صماء تجاه دعوات مطالب النقابات، ما يؤكد ذلك اتخاذ الحكومة لمجموعة من القرارات المنفردة، مثل مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وإصلاح منظومة التقاعد، وغياب التشاور مع المركزيات النقابية في عدد من السياسات العمومية الاجتماعية"، مشيرا إلى أنه "ينضاف إلى ذلك عدم مصادقة الحكومة على العديد من الاتفاقيات الدولية المرتبطة بمجال الشغل، والتي تساهم في تطور علاقات الشغل وتوفر المناخ الملائم للأعمال، كل هذه الأمور تأتي في سياق استمرار عدم تطبيق مدونة الشغل في غالبة المؤسسات الإنتاجية".
ولتجاوز كل هذه المعضلات، يضيف البلاغ، "اقترح الاتحاد العام للشغالين بالمغرب يقترح مجموعة من التدابير الإجرائية، من قبيل مراجعة القانون المنظم للنقابات، وإعادة النظر في طريقة انتخاب ممثلي المأجورين، وتعزيز موقع النقابات كشريك اجتماعي حقيقي لا يمكن تعويضه بالديناميات غير المنظمة، مع ضرورة توفير دعم مادي يتلاءم والأدوار المنوطة بالنقابات ويساهم في أداءها للمهام الموكولة لها".
وجاء ضمن البلاغ ذاته أنه "في ظل التحولات الدولية التي يعرفها سوق الشغل، مع انتشار العمل والتشغيل والتجارة الالكترونية، فقد اقترح ميارة مجموعة من التدابير ذات العلاقة بإصلاح وملاءمة مدونة الشغل لهذه التحولات؛ وهو ما يساهم في توفير فرص شغل جديدة لفئات عريضة من الشباب على وجه الخصوص، كما اقترح ضرورة ضبط مواعيد الحوار الاجتماعي بقوانين منظمة، إضافة إلى مراجعة الثقافية النقابية من خلال فتح حوار جدي مع مختلف الشركاء الاجتماعيين".
وتجدر الإشارة إلى أن وفد الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذي ترأسه الكاتب العام للاتحاد ذاته، قد ضم كلا من عبد السلام لبار، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية عضو المكتب التنفيذي للاتحاد، وخديجة الزومي، مستشارة برلمانية عضو المكتب التنفيذي للاتحاد، ومحمد الحنصالي ومحمد العبيد وهند موتو، أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد، ويوسف علاكوش، الكاتب الوطني للجامعة الحرة للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد، وهشام حريب، الكاتب العام للشبيبة الشغيلة المغربية، وفتيحة الصغير، الكاتبة العامة للامرأة الشغيلة، ومحمد نوفل عامر، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لقطاع الشؤون العامة والحكامة المنضوية تحت لواء الاتحاد، ومصطفى مكروم، المدير التنفيذي للاتحاد عضو المكتب التنفيذي.
قد يهمك أيضــــــــــًا :
سعد الدين العثماني يُؤكد انتقال معالجة إشكالية التفاوتات المجالية من المركز إلى الجهات
برلماني مغربي يؤكد أن غياب الإرادة السياسية يُبعد قطاع التعليم عن أولويات الدولة