دبي ـ أ.ف.ب
تروي المخرجة اليمنية خديجة السلامي في فيلمها الروائي الاول مأساة زواج الصغيرات في بلدها الذي يرزح تحب عبء التقاليد القبلية والجهل والفقر، الا انها بمرورها على قصة الطفلة "نجوم" تنقل صورا بالغة الجمال من يمن معلق بين السماء والارض."انا نجوم، بنت العاشرة ومطلقة" الذي عرض في مهرجان دبي السينمائي الدولي يوثق قصة حقيقية لطفلة زوجت وحاربت للحصول على الطلاق بعد رحلة مريرة من العذاب.
وقد تكون قصة الطفلة نجوم التي والارضد"، اي السترة في المصطلحات القبلية، نموذج عن مأساة مئات من الصغيرات اللواتي يتم تزويجهن في اليمن لرجال يكبرونهن سنا بعقود في بعض الاحيان.وبعدما ولدت الطفلة في ليلة تملؤها النجوم في قرية البن باليمن، كبرت في كنف والدها الذي احبها بالرغم من امتعاضه ليلة ولادتها من كونها بنتا.
وعلى الدروب الوعرة للقرى المعلقة على الجبال المسننة، ترسم السلامي صورة غير مسبوقة في عالم السينما، وتحمل المشهد اليمني الفريد بطبيعته القاسية وهندسة بيوته الطينية او الصخرية الى الشاشة الكبيرة.فحياة نجوم بدت كأنها تدور خارج الزمن، وكانت تزهو بسعادة تأتي من اصغر امور الحياة، كاطعام الماشية او اللعب في الحقول.
لكن حادثة اغتصاب شقيقتها من قبل شاب في القرية الفقيرة التي يعيش اهلها من الزراعة وتربية الماشية، دفعت بالوالد الى مغادرة بيئته هربا من العار بعدما انتشر الخبر، سيما انه ارتضى ان يعفي عن الجاني في مقابل بقرتين بموجب حكم من شيخ القبيلة.وانتقلت العائلة من القرية الى صنعاء. وللمفارقة، فان العادات الرائجة في صنعاء اكثر تشددا تجاه النساء من العادات في القرية حيث تعمل النساء ويكشفن عن وجوههن فيما النساء في العاصمة يلبسن العباءات السوداء والنقاب.
وواجه والد العائلة الفقر في صنعاء، واضطر الى تزويج ابنته من "ابن قبيلة محترمة" في مقابل مبلغ من المال، ودون ان تعي نجوم اي شيء عن الزواج، وجدت نفسها في سيارة عريسها الذي نقلها الى قريته.وبالرغم من كونها في التاسعة من العمر، اصر الشاب الثلاثيني الذي تزوجها على اتمام الزواج منذ الليلة الاولى بالرغم من المقاومة الشديدة للطفلة.
ولم ينجح الرجل او والدته القاسية في ترويض هذه الطفلة الشرسة الرافضة للانصياع، والتي كادت ان ترمي نفسها من على اعلى صخرة في قرية زوجها، وهي قرية اخرى معلقة على الجبال.واثناء زيارة الى صنعاء بهدف جعل والديها يقنعانها بالامتثال لرغبات زوجها، هربت نجوم ولجأت الى المحكمة حيث طلبت الطلاق من قاض شاب.
وتعاطف القاضي معها واسكنها منزله وامر باعتقال والدها وزوجها، وحصل لها على الطلاق، ليس من خلال القانون الذي لا يمنع بوضوح زواج الصغيرات، ولكن من خلال استدرار تعاطف شيخ القبيلة الذي ينتمي اليها الزوج.واثناء المحاكمة، اظهرت ردود الزوج والوالد جهلا كبيرا بحقوق الطفل، فالزوج كان يرد باستغراب "لماذا انا هنا، ماذا فعلت؟ اي خطأ ارتكبته؟ انا تزوجت على سنة الله ورسوله".
وقالت السلامي بعد عرض فيلمها في مهرجان دبي "انا معركتي ضد الجهل والفقر وليس ضد الرجال".وسبق ان اخرجت السلامي عدة افلام وثائقية تناولت موضوع المرأة، لاسيما مشاركة النساء في الانتفاضة ضد نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.وشددت على ان الجهل والفقر هما اساس هذه الآفة الاجتماعية التي تستمر بفعل الطبيعة القبلية للمجتمع اليمني.
الا ان السلامي تجاوزت في فيلمها مأساة القصة المباشرة لترسم صورة سينمائية بالغة الجمال، فهي اتت باليمن، هذا البلد العابق بالتاريخ والغني بصور والوان ومعمار لا مثيل له، الى عالم السينما.