الرباط - الدار البيضاء
بعد مسار حافل بالبحث والتّدريس في مجال الفيزياء النظرية، رحل عن دنيا الناس الأكاديمي محمد البغدادي الذي دافع بهدوء ومنهج عن اللغة العربية لغةً للتدريس في وطنها.
هذا الأكاديمي السوري الذي درّس العديد من الطلبة المغاربة في مسقط رأسه، جاء المغربَ خبيرا لدى منظمة اليونسكو في مهمّة مؤقّتة، قبل أن يستقرّ بالمملكة ويؤسّس فيها أوّل مختبر للفيزياء النّظرية بكلية العلوم في جامعة محمد الخامس بالرباط، ويكون من مؤسسي القسم العربي الذي درّس موادّا علمية بلغة الضاد في المدرسة العليا للأساتذة.
وفي وطنه الثاني الذي درّس فيه لأزيد من ثلاثين سنة باللغتين الفرنسية والعربية، بعدما درّس في جامعة دمشق بسورية، خرّج البغدادي أجيالا من المتخصّصين المغاربة، والدّارسين بالمغرب، في الفيزياء النّظرية في أسلاك الإجازة والدكتوراه، وألّف وترجم باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والعربية في مجال الفيزياء النظرية وتاريخ وفلسفة العلوم.
وبعد تقاعده، كتب محمد البغدادي موسوعة في أجزاء خمسة باللغة العربية، تغطي "كل ما يتطلّبه الفيزيائي المتشبّع بالرياضيات لإتمام دراسته، والانفتاح على ما بعد السنوات الخمس الأولى من التعليم الجامعي"، وفق تعبيره في تصريح سابق لهسبريس.
ودافع الأكاديمي محمد البغدادي حتى آخر أيام حياته عن الحوار العلمي الجادّ والمنظّم، وعدم حصر نقاش لغات التدريس "بين المؤمنين" من مختلف الرؤى، لأن "الحوار أمر أساسي إذا كانت النية حسنة"، كما قال في كلمة له متمّ شهر فبراير الماضي في حفل تكريمي نُظّمَ على شرفه بالعاصمة الرباط.
وفي آخر لقاء لجريدة هسبريس الإلكترونية به، خلال تغطية الحفل الذي نظّمته التنسيقية الوطنية للغة العربية عرفانا بمساره ومنجزاته وعطاءاته، تحدّث الفقيد عن موسوعة "أسس الفيزياء المعاصرة" بوصفها عملا لطالما أراد كتابته باللغة العربية ليبسط فيه ما تعلّمه وعلّمه، قبل أن يعبّر عن أسفه لعدم وصولها، وقد أتمها، إلى المكتبات العربية بعدما بقيت حبيسة دار نشرها، ومازالت إلى حدود اليوم.
وقد يهمك أيضا :