الرباط - الدار البيضاء
عن منشورات “المركز الدولي لدراسات الفرجة” صدر للكاتب والباحث المسرحي محمد زيطان كتاب اختار له عنوان “المنعطف الفرجوي وسؤال الثقافة”.الكتاب هو دراسة في تحولات المشهد الفرجوي من منطلقات إبستيمولوجية، ترتبط بالواقع الثقافي الجديد، الذي أصبح يتشكل بفعل سلطة الميديا وتشابك خيوط العالم الافتراضي عبر تطبيقاته المختلفة. وهو يقع في 157 صفحة من القطع المتوسط، كتب كلمته التقديمية خالد أمين: “يستفزنا المبدع الباحث محمد زيطان بالأسئلة الحارقة والآنية وهو يقول: (ففي ظل ما بعد الدراما، أصبح التمييز بين ما هو مسرحي وغير مسرحي أمرا معقدا، لأن منطق التصنيف بات محكوما بأنساق “الفرجة” في شموليتها ورحابة سياقاتها، حتى أننا نجد أنفسنا مجددا وكأن عجلة التاريخ قد عادت بنا إلى الخلف لنسأل بسذاجة: ما المسرح؟) كما يقحمنا في تأمل خلاق بخصوص الحدود… وأنا بدوري أتساءل: ما هي حدود المسرح؟”.
تجدر الإشارة إلى أن الكتاب يتطرق إلى مجموعة من المحاور، التي قاربها المؤلف مستندا إلى تجربته الشخصية في العمل المسرحي، كتابة وإخراجا واشتغالا أكاديميا..، وإلى انفتاحه على حقول معرفية متعددة كحقل الدراسات الثقافية، والأنثروبولوجيا، والسيميولوجيا. ومن بين تلك المحاور نجد: الثقافة والمسرح، التلقي المسرحي، الجسد الفرجوي، الميتا مسرح وفرجة الاحتجاج، واقع الكتابة المسرحية..
ويؤكد زيطان في إصداره على البعد الحضاري للمسرح إلى جانب بعده الجمالي، حيث يذهب إلى أن المسرح ليس مجرد مرآة تعكس الحضارة، كما جرت العادة في الحديث عن خصائصه الفضلى، بل هو حضارة موازية في حد ذاته… ذلك أن مجرد اجتماع الناس باختلافاتهم، ومن دون إكراه، في مكان بعينه من أجل ممارسة طقس غير عدواني أو سلبي يتمثل في مشاهدة حية لعوالم الفرجة المسرحية، يعتبر بحق تجليا للحضارة، وباعثا على البناء والتواصل والتماسك، في مقابل صفات النمطية والتفرقة والأنانية وعدم القبول بنقد الآخر، ولا حتى القبول بنقد ذاتي خاص.
من جانب آخر عمد المؤلف إلى استحضار أطروحات مجموعة من المفكرين، الذين انشغلوا بمفهوم الحداثة والثقافة، وحاول أن يضيء من خلالها واقع الوعي (الوعي بالذات والآخر) وإشكالية الانحسار الإبداعي في ظل مجتمع استهلاكي، ومن هؤلاء نجد محمد عابد الجابري، طه عبد الرحمان، عبد الكبير الخطيبي، عبد الإله بلقزيز، المهدي المنجرة، إدغار موران، جان بودريار، دافيد لوبروتون… ليخلص، في سياق إحاطته بخصوصية بعض التجارب المسرحية المعاصرة بالمغرب، إلى أن القناعة التي نخرج بها في هذا المقام، هي أن كل فهم عقيم لمقومات الحداثة لا يمكنه أن ينتج سوى أعمال فنية عقيمة، مشدودة إلى سلطة المفكك والموسمي والسطحي، بل المبتذل أحيانا كثيرة.. أعمال تكشف خللا في التعاطي السليم والأمثل مع مفهوم الإبداع..
قد يهمك أيضا :
تتويج عدد من المتفوقين بملتقى للكتابة الإبداعية السردية في تطوان