الرئيسية » تحقيقات وأخبار بيئية
نفايات معاصر الزيتون

الرباط ـ الدارالبيضاء اليوم

تتشح مياه وادي الردم، عند مدخل مدينة سيدي قاسم، برداء أبيض عبارة عن زَبد، أما لونُ المياه فقد تحوَّل إلى أسْودَ، وشكلُها صار لزجا مثل الزيت، نتيجة مقذوفات معاصر الزيتون من عُصارة المرجان.

خلال الفترة من شهر دجنبر إلى فبراير من كل سنة، وهي الفترة التي يتم فيها عصْر الزيتون، تصير مياه وادي الردم ملوَّثة بعصارة المرجان التي تفوق درجة سُمّيتها المياه العادمة، ومع ذلك تُسقى بها الأراضي الفلاحية وتُروى بها الماشية.

منبع التلوث

منذ أربعة أسابيع، أطلق نشطاء بيئيون عريضة إلكترونية على موقع “صوت غرينبيس”، لتنبيه الجهات المسؤولة إلى خطورة التلوث الذي تتعرض له مياه وادي الردم، جراء تحوّله إلى “مَطرح” تتخلص فيه معاصر الزيتون الموجودة في نواحي مدينة مكناس، من عصارة المرجان.

وتقول هذه العريضة، الموجهة إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إن نفايات معاصر الزيتون التي تصرف في وادي الردم تلوث المياه وحياة السكان اليومية بجماعة سيدي قاسم.

وتكمن خطورة تلوث مياه وادي الردم بسبب التخلص العشوائي من مادة المرجان في مجراه من طرف معاصر الزيتون الواقعة على ضفة الوادي، الذي يخترق عددا من الجماعات الترابية، في أنه مصدر مياه للحيوانات والأراضي الخصبة في المنطقة.

عند مدخل مدينة سيدي قاسم، لا يتوقف هدير المحركات التي يستعملها الفلاحون في شفط المياه من وادي الردم، وبه يسقون أراضيهم؛ في حين ساهمت قلة التساقطات المطرية في شحّ مياه الوادي. ومن ثمّ تزايدت نسبة تلوثها، حيث ترتفع نسبة عصارة المرجان مقارنة مع منسوب المياه.

واللافت للانتباه هو أن مياه وادي الردم لا تعاني فقط من التلوث الناجم عن عصارة المرجان الذي تلفظه معاصر الزيتون، بل يطالها أيضا التلوث الناجم عن مقذوفات المياه العادمة؛ غير أن خطر هذه الأخيرة يظل أقلَّ مقارنة مع عصارة المرجان.

في هذا الإطار، أوضح محمد بنعبو، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بمكناس، التي أطلقت عريضة إنقاذ وادي الردم من التلوث، أن معالجة عصارة المرجان تتطلب مجهودا يضاعف المجهود الذي تتطلبه معالجة المياه العادمة بمائة مرة، مبرزا أن هذا المُعطى يؤكد درجة خطورة عصارة المرجان.

بنعبو قال، في تصريح إن قلة التساقطات المطرية في الموسم الفلاحي الحالي جعل الفلاحين يسقون مزروعاتهم بالماء الملوث الذي يتم شفطه من وادي الردم، متسائلا: “كيف ستكون جودة الحبوب التي تُسقى بهذا الماء الملوث بمادة المرجان السامة؟”.

وعلاوة على أن معالجة عصارة المرجان أكثر تعقيدا من معالجة المياه العادمة، وتحويلها إلى مياه صالحة للري، فإن هناك مُعطى آخر يرى النشطاء البيئيون أنه دليل على سُمّية المادة التي تلفظها معاصر الزيتون؛ وهي أن وادي الردم كان يضم كائنات حية مثل أنواع من السمك والسلاحف، غير أن هذه الكائنات انقرضت منذ أن بدأت عُصارة المرجان تُصب في الوادي.

جريمة بيئية

لا ينحصر التلوث الذي تسببه عصارة المرجان على تلويث مياه الردم، بل يمتد أيضا إلى تلوث الهواء، حيث تنبعث من الوادي رائحة كريهة، خاصة عند النقط التي يقلّ فيها منسوب جريان المياه.

واعتبرت العريضة، التي أطلقتها جمعية أصدقاء البيئة بمكناس على موقع “صوت غرينبيس”، أن غياب مراقبة معاصر الزيتون الموجودة خارج سيدي قاسم هو السبب الرئيسي لقذف عصارة المرجان في وادي الردم، ذاهبة إلى وصف التلوث الذي يتعرض له الوادي بـ”الكارثة المهددة للمنظومة الإيكولوجية، ويحتضر معها التنوع البيولوجي بالوادي”.

وتبدو ضفتا وادي الردم عند قنطرةٍ في مدخل سيدي قاسم، وقد طُليت باللون الأسود، لعلوٍّ يقارب ثلاثة أمتار، نتيجة نفايات معاصر الزيتون، وتخترق المياه الملوثة مدينة سيدي قاسم، ومنها تمر عبر تراب عدد من الجماعات الترابية، حيث يستخدمها الفلاحون في سقي مواشيهم وأراضيهم الفلاحية.

وفي العادة، كان الفلاحون في نواحي سيدي قاسم يسْقون أراضيهم الفلاحية بمياه وادي الردم فقط في فصل الصيف. ولا تشكّل مياه الوادي في هذه الفترة أي خطر، نظرا لأن عصر الزيتون يتوقف ابتداء من شهر مارس؛ ولكن قلة التساقطات المطرية هذا العام جعلتهم يستعملونها في هذه الفترة، التي تشهد ذروة قذف نفايات المعاصر في الوادي.

وأفاد محمد بنعبو بأن عصارة مرجان الزيتون لا تلوث فقط مياه وادي الردم؛ بل إن التلوث الذي تُحدثه قد ينتقل إلى التربة عبر سقيها بالمياه الملوثة، لتصير غير صالحة للزراعة، إضافة إلى احتمال تأثيره على جودة المنتجات الفلاحية والحبوب، ذاهبا إلى وصف قذف نفايات معاصر الزيتون في الوادي المذكور بـ”الجريمة البيئية”.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن ما يزيد من خطورة تلوث مياه واد الردم هو أن هذا الأخير يمتد على مسار طويل، ويصب في نهر سبو؛ وهو ما يعني، حسبه، تلوث مياه السدود التي تصب فيها مياه وادي سبو وساحل مدينة القنيطرة.

وتوجد حلول عديدة لإبعاد خطر عصارة المرجان عن البيئة وعن المواطنين؛ منها تجميع المادة المذكورة في صهاريج مبنية بالخرسانة المسلحة، ويفرش لها نوع البلاستيك، وتُترك إلى أن تجفّ، حيث يتم التخلص منها دون أن تشكل خطرا على البيئة، أو إعادة تدويرها واستغلالها لإنتاج الطاقة البديلة، داعيا إلى تفعيل القانون للحد من هذه الظاهرة التي تتزايد مع توسع الاستثمار في مجال إنتاج زيت الزيتون

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

المغرب يطمح إلى رفع الإنتاج السنوي من الزيتون إلى 3.5 ملايين طن

 

برنامج المثمر يرفع هامش ربح منتجي الزيتون بـ32 في المائة

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

إطلاق مشروع لتوسعة ميناء الجبهة لفائدة 300 صياد وآخر…
ارتفاع عدد الضحايا جراء الإعصار "إيان" إلى 62 قتيلاً…
وزارة الفلاحة المغربية تُستعرض حصيلة عمليات المراقبة على الأعلاف…
الرئيس الأسد نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة لحل أزمة…
نورد ستريم الروسية تعلن وقف تسرّب الغاز من خط…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة