الرباط - الدار البيضاء
حذَّر الائتلاف المغربي من أجل الجبل من أن يؤدّي الرعي العشوائي في عدد من المناطق جنوب المملكة واستنزاف الغابات إلى تدهور المنظومة الغابوية، بعد أن تجاوزت نسبة استغلالها مستوى قدراتها، ما ينتج عنه حدوث تراجع وصفه الائتلاف بـ"الخطير"، يهدد استمرارها واستمرار وظائفها الاجتماعية والاقتصادية والإيكولوجية والثقافية.
ويأتي تحذير الائتلاف المغربي من أجل الجبل من تدهور المنظومة الغابوية في المغرب في وقت تزداد فيه المخاطر المحدقة بالبيئة، التي يعدّ الغطاء الغابوي أحد صماماتها. وأورد الائتلاف أن حجم استخراج الخشب من الغابات المغربية يصل إلى 7 ملايين متر مكعب سنويا، بينما لا يتعدى إنتاجها 3 ملايين متر مكعب سنويا.
وحسب المعطيات التي سبق أن تم تقديمها خلال إعطاء انطلاقة الاستراتيجية الغابوية الوطنية 2020-2030 بمدينة أكادير، شهر فبراير الماضي، فإن المغرب يفقد هكتارين من مجاله الغابوي على رأس كل ساعة جراء الاستغلال المفرط لهذا المجال، واتساع دائرة الجفاف بفعل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
ونبّه الائتلاف المغربي من أجل الجبل إلى أن ارتفاع الضغوطات المتزايدة للساكنة المحلية والمهاجرة على المجال الغابوي أدى إلى فقدان الكثافة والغنى النباتي والحيواني لجل ما تبقى من الغابات، "التي لا يبقى منها إلا الاسم، حيث أضحت مجرد أخشاب خاوية على عروشها".
التقرير الصادر عن الائتلاف المغربي من أجل الجبل، جاء بعد زحف آلاف رؤوس الإبل والأغنام التي تعود ملكيتها إلى كبار الرعاة الرحل بالجنوب على عدد من المناطق بالأطلس الصغير خلال الآونة الأخيرة، قدّرتها الشبكات والجمعيات الأعضاء في الائتلاف بحوالي أربعة آلاف رأس من الماشية.
ووفق المصدر ذاته، فإن الرعي العشوائي فاقم الوضعية المتردية للمجال الغابوي بالأطلس الصغير، حيث استمر ضغط الرعي الجائر على المجال، "ما جعل هذا الأخير يعيش وضعية من الهشاشة والتدهور غير مسبوقتين، إلى حد لم يعد يحتمل معه حتى القطعان المحلية، ناهيك عن الوافدة".
في المقابل، أورد الائتلاف رأي الرعاة الرحل، بناء على مراسلة من طرف ممثليهم اعتبروا فيها أن الرعي في المناطق التي يحطون بها رحالهم "هو حق ممتد عبر العصور في ضمان الكلأ لماشيتهم عبر المسارات التي اعتادوا سلْكها سنويا، وخاصة في فترات الجفاف وبالمناطق الأكثر غنى بالكلأ، وليس المناطق الأفقر التي يراد فرضها عليهم".
التقرير الصادر عن الائتلاف المغربي من أجل الجبل استجمع آراء مختلف الأطراف المعنية بالرعي الجائر، فإضافة إلى السكان المتضررين والرعاة الرحل، استمع أيضا إلى رأي السلطات المختصة بالجهة، وأورد أن ممثلها عبّر عن المجهودات التي تبذلها لحل المشكل بين الساكنة والرحل بشكل توافقي، وتدخلها لحماية الفلاحين الصغار المتضررين، وتوجيه الرحل نحو المناطق الرعوية، في انتظار التفعيل الكامل لقانون المراعي.
وارتأى الائتلاف عدم اتخاذ موقف لصالح فئة على حساب أخرى، مقترحا تنظيم ورشة عاجلة عن بعد للاستماع إلى عدد من الفاعلين والخبراء والمسؤولين الجمعويين، يوم الجمعية المقبل، للخروج بتوصيات تمكّن من حماية المناطق البيئية لمحيط شجرة الأرڭان، المعترف بها من طرف منظمة اليونسكو منذ سنة 1998.
ودعا الائتلاف إلى تنمية المنظومة الغابوية وقدراتها الإنتاجية بالجهة، وطالب بتدخل مختلف مؤسسات الدولة ومجالس الجهات والجماعات بشكل أكبر من أجل ضمان الحقوق والحدود الدنيا للساكنة والرحل مما تستطيع الغابة تقديمه دون استنزافها، وإيجاد بدائل مستدامة لتعويض الخصاص الحاصل.
قد يهمك ايضا :
"الرعي الجائر" يثير الاستياء في تزنيت وتارودانت سكان "أربعاء الساحل" في تزنيت يحتجون ضد الرعاة الرُحل