الرئيسية » تحقيقات وأخبار
التعليم في المغرب يتراجع

الرباط - المغرب اليوم

تتوالى التشخيصات والعلاجات بتوالي الأيام والأسابيع والأشهر والسنين، و"المريض" يرقد داخل غرفة الإنعاش، يحاول الأطباء جادين إنقاذ حياته من موت بات شبه محقق، أو بالأحرى إطالة عمره بمسكنات وأدوية، بانت محدودية نجاحها في العلاج، والتصدي للمرض الفتاك، الذي أصبح معه المريض يعاني في صمت رهيب، ويطلب موتًا رحيمًا. فهل فشلت تدخلات أطبائنا الأخصائيين في القطاع العام، لعدم القدرة على تشخيص المرض العضال، الذي ألم بمريضنا، منذ زهاء عقدين من الزمن، رغم ظهور أعراضه للعيان.
وهل بات ضروريًا عرض المريض على مصحات خاصة، حتى لو كانت النتيجة غير مضمونة، أو بالأحرى محسوم فيها بالسلب منذ البداية؟ أم نحيله إلى مراكز استشفائية جامعية في دول ما وراء البحار، حتى لو كان الثمن باهظًا ومكلفًا، وحالته ميئوس منها؟
تعد هذه الصورة، ذات دلالات عميقة وواقعية، بحيث تنطبق في تجلياتها على واقع قطاع التربية والتكوين في المغرب، الذي أضحى واقعه المتدني يدعو إلى الشفقة، بعد أن لم تفلح الإصلاحات التي توالت، وإصلاح الإصلاحات، في إخراجه من أزمته الخانقة، بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة، التي أبانت عجزها في الرقي بالمدرسة العمومية، وإعطائها المكانة والدور الطلائعيين اللذين تستحقهما، وهي التي ساهمت منذ فجر الاستقلال، في صنع مفكرين بارزين، وأدباء عالميين وكونيين، وساسة محنكين وغيرهم، بصموا التاريخ ببصماتهم، التي ضمنت لهم الخلود. غير أن خللا ما قلب الموازين في المغرب، وجعل التعليم يسقط رويدًا رويدًا، منذ تسعينيات القرن الماضي، إلى الدرك الأسفل.
والكثير من الإصلاحات - أو ما اصطلح بعض الساسة والبروقراطيين على تسميته كذلك-، تم التخلي عنها بين عشية وضحاها. وكان كل مسؤول في قطاع التعليم في المغرب، يحاول أن يسلط عليه الأنظار، ويدعي  قدرته على إصلاح المنظومة التربوية، والرقي بجودة ومكانة المدرسة العمومية، والنتائج كانت سلبية، رافقها استنزاف لميزانيات الدولة، ومضيعة الوقت، وأكثر من ذلك أن فلذات أكبادنا الطلاب أصبحوا أشبه بمختبرات كانوا يختبرون عليها تجارب وبيداغوجيات بعض دول العالم المتقدم المترامية الأطراف على الخريطة الجغرافية، والبعيدة المتباعدة عنا في الزمان بعشرات العشريات. فواقع بلدنا المغرب ليس هو واقع تلك الدول، التي حاول مسؤولون بيروقراطييون نسخ تجربتنا على تجاربهم، واستنساخ بيداغوجياتنا على بيداغوجياتهم.
تكاثرت وتباينت أسباب ومكامن الانحطاط، والنتيجة الحتمية واحدة، وهي تراجع مستوى المدرسة العمومية في المغرب، مقابل تزايد الإقبال على نظيرتها، المدرسة الخصوصية. إن الإصلاح في حاجة إلى رجالاته، الذين يجب أن يكونوا منبثقين من أرض الوطن، ينتجون بيداغوجيات ومناهج للتدريس، وبرامج ومقررات محلية، تكون بعقلية وتصورات مغربية. إن ذلك لا يمنع من الانفتاح على البيداغوجيات الأجنبية. فليس ذلك عيبا، وإنما العيب أن ننقلها حرفيًا، وننزلها بالطريقة المعروفة بـ "كوبيي كولي"، على أرض واقعنا المغربي، الذي ليس هو واقع البلدان أو الأدمغة التي صنعت وأنتجت تلك "البداغوجيات" الدخيلة علينا.
غياب الضمير المهني، وروح المواطنة، وعدم التشبع بالسلوكات المدنية لدى بعض المدرسين، من أسباب تدهور مستوى المدرسة العمومية، فثمة سبب خطير يكمن في غياب أو بالأحرى تغيب رجال ونساء التعليم عن العمل وحصص التدريس، بتبريرات المرض، التي تستمد ظاهريًا قانونيتها ومشروعيتها من الشواهد الطبية المؤدى عنها نقدًا، مما بات محكًا عسيرًا للوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية، وعائقًا في وجه إصلاح المنظومة التربوية، يصعب تدبره بين عشية وضحاها بعصا سحرية، في ظل التراكمات والإرث الثقيل المتبقي عن الحكومات المتتالية، التي أبانت بالمناسبة عن عجزها، أو بالأحرى فشلها الذريع في تحريك هذا الملف الشائك (ملف الشواهد الطبية)، رغم ما جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين من تدابير إصلاحية، ورغم ترسانة الإجراءات المسطرية والقانونية، التي تم اعتمادها ولم تأت بالنتائج المتوخاة. وكانت العواقب حتمية، وهي السقوط إلى الحضيض. واقع يستشف بالواضح والملموس من التقارير الدولية، والتي صنفتا التعليم في المغرب في مصاف دول العالم الثالث.
أمام استفحال ظاهرة الشواهد - التي حطمت الرقم القياسي في قطاع التعليم - بات الآباء يفضلون اللجوء إلى خدمات التعليم الخصوصي، حتى لو كانت مكلفة، وتضطر الأسر لنهج سياسة "شد الحزام". والخطير أن مدرسين في أسلاك التعليم الابتدائي، والثانوي/ الإعدادي، والثانوي/ التأهيلي، يدلون بشواهد طبية إلى إدارات المؤسسات العمومية، وفي الوقت ذاته، تجدهم يقومون، دون حسيب أو رقيب، بالتدريس في مؤسسات حرة أو خصوصية، ويؤدون ساعات إضافية في منازلهم،  بسومة قد تصل إلى 1000 درهم عن كل تلميذ.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

استدعاء وزير التعليم المغربي في البرلمان لتفسير ارتفاع أسعار…
الحكومة المغربية تُلمّح إلى الرفع من ميزانية التعليم في…
المديرية الإقليمية لوزارة التربية في المحمدية تقبل "تلاميذ الكاريان"
رئيس الحكومة المغربية يعفي المدير العام للمدرسة الوطنية العليا…
اجتماع الحكومة المغربية يُناقش توجهات التعليم العالي

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة