الرباط ـ الدارالبيضاء اليوم
قال شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إن “مسألة تعميم تدريس اللغة الأمازيغية تعتبر شأنا جماعيا ومجتمعيا في غاية الأهمية”، مبرزا أن “رفع التحديات والإكراهات المتعددة، التي يطرحها تفعيل هذا الطموح، لا يمكن أن يتحقق إلا بتضافر جهود جميع المتدخلين والشركاء، كل من موقعه ومن مسؤوليته”.
وأضاف الوزير، خلال أشغال ندوة نظمها حزب التجمع الوطني للأحرار ومركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان بأحد الفنادق المصنفة بالناظور، قائلا: “من المؤكد أن الإرادة متوفرة، وأنا أؤمن بأن بلوغ النجاعة في هذا المشروع الوطني يجب التعامل معه بكامل الواقعية والوعي بقدرتنا على الإجابة عن الأسئلة والصعوبات، مع استحضار إمكانياتنا ومواردنا المالية والبشرية، وكذلك المعطيات المؤسساتية والاجتماعية والترابية”.
و”تشكل المعالجة الواقعية لطموحنا الجماعي في تنزيل تعميم تدريس الأمازيغية مسألة حاسمة تتطلب نقاشا هادئا ورصينا لوضع الإطار الأمثل لتحقيق الأهداف المنشودة”، يتابع بنموسى، مشيرا إلى أنه “سبق للوزارة أن تقدمت في دجنبر سنة 2020 بمشروع مخطط عشري لتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في أسلاك التعليم الإلزامي، وتعزيز موقع البعد الثقافي الأمازيغي ضمن المنهاج الدراسي”. وأوضح أن هذا المشروع “يختزل خارطة طريق تتأسس على مرتكزات الإطار التنظيمي والمنهاج الدراسي والتكوين الأساس والمستمر للأساتذة والمفتشين وأطر الإدارة التربوية في اللغة الأمازيغية”.
وأبرز وزير التربية الوطنية أن “الوزارة تستند في تدريس اللغة الأمازيغية إلى الثوابت التي يقوم عليها النظام التربوي المغربي، خاصة المرجعية الدستورية، التي تنص على أن الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء، ثم مقتضيات القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، التي تؤكد على جعل المتعلم الحاصل على الباكالوريا متقنا للغتين العربية والأمازيغية، إضافة إلى ما جاء به القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية”.
وأوضح بنموسى أن الوزارة تعمل على “ترصيد تراكم إيجابي ينطلق من الشراكة البناءة والفعالة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لرفع العديد من التحديات، ووضع قاطرة طموح تعميم اللغة الأمازيغية على سكتها الصحيحة، إضافة إلى مسار غني من الممارسات التنظيمية والتدبيرية لتنمية وتجويد تدريس هذه اللغة، وتنظيم العديد من الأيام الدراسية والندوات، وإنجاز بعض البحوث والدراسات”.
وعلى المستوى البيداغوجي لتعليم اللغة الأمازيغية، قال وزير التربية الوطنية: “تم الشروع منذ الموسم الدراسي 2002/2003 في إعداد البرامج الدراسية لمادة اللغة الأمازيغية بسلك التعليم الابتدائي، وإصدار كتب مدرسية مصادق عليها من لدن الوزارة تغطي السنوات الست من السلك الابتدائي”، مشيرا إلى أن تعلم وتعليم اللغات يندرج “ضمن هندسة لغوية وضمن تصور تربوي يجعل من التحكم في اللغات الرسمية مرتكزا ثابتا في المنظومة التربوية الوطنية، ضمنها الأمازيغية”.
وأضاف أن الوزارة “عملت على مراجعة المنهاج الدراسي للأمازيغية بالسلك الابتدائي، حيث يتم تدريجيا إعداد كتب مدرسية جديدة لمختلف المستويات التعليمية بالسلك الابتدائي على مدى ثلاثة مواسم دراسية”. كما أوضح أن “المقاربة البيداغوجية، التي تقوم عليها البرامج الدراسية للغة الأمازيغية، ترتكز على اعتماد المقاربة بالكفايات، التي تسمح بتجاوز الممارسات التعليمية التقليدية، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المتعلمين من حيث مرجعياتهم اللغوية والثقافية وإيقاعات التعليم”.
كما تحدث بنموسى عن محور التكوين الأساس والمستمر، قائلا: “شكل التكوين تحديا كبيرا في بداية الإدماج لغياب الأمازيغية في عُدّة التكوين داخل المراكز، مما قلص إمكانات إنجاح مشروع تدريس الأمازيغية”. وأضاف أنه “تم إدماج مجزوءة اللغة الأمازيغية ابتداء من سنة 2006، حيث تم إدراج الأمازيغية في برامج التكوين الأساس بالمراكز، واستمر الأمر على ما هو عليه إلى غاية السنة التكوينية 2012/2013، ليبدأ العمل بالأستاذ المتخصص”.
وسجل وزير التربية أن “عدد الخريجين بمختلف المراكز التي تتواجد بها الشعبة وصل اليوم إلى ما يناهز 1643 أستاذة وأستاذا متخصصا في تدريس الأمازيغية”. وفي هذا السياق، يتابع الوزير، “عملت الوزارة على تبني استراتيجية وطنية خاصة بإنتاج الموارد الرقمية في جميع المواد والأسلاك التعليمية، وكذلك في اللغة الأمازيغية، بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية”.
وفيما يتعلق بمحور الحياة المدرسية، أبرز بنموسى أن “هذا المحور يحظى بطابع عرضاني شمولي، إذ يتم إدراج اللغة الأمازيغية ضمن المسابقات الوطنية والجهوية والإقليمية، والمشاركة في الحلقات الإذاعية والبرامج التلفزية الناطقة بالأمازيغية، وتنظيم معارض حول التراث الثقافي الأمازيغي، وتشجيع التلاميذ على إعداد كبسولات تثقيفية وفيديوهات فنية وثقافية باللغة الأمازيغية”.
وبخصوص التدابير المتخذة لهذه السنة، قال الوزير إن “الوزارة عملت على الرفع من عدد الأساتذة في مباراة أطر الأكاديميات من 200 إلى 400 أستاذ، وسيتواصل هذا الرفع التدريجي، علما أن المنظومة في حاجة إلى 17 ألف أستاذ لتحقيق التعليم بالسلك الابتدائي”.
قد يهمك أيضا
التعليم عن بعد بنموسى وزيرالتعليم المغربي يلتقي مدير ANRT