فاس- حميد بنعبد الله
نظمت هيئات العدول والموثقين التابعة لنفوذ مختلف المحاكم الاستئنافية المغربية، الخميس، وقفة أمام مقر وزارة العدل والحريات في مدينة الرباط، احتجاجا على مشروع القانون رقم 12-88 المتعلق بتنظيم مهنة وكيل الأعمال محرر العقود ثابتة التاريخ (الكتاب العموميون(. ورفع مئات العدول والموثقين خلال وقفتهم التي امتدت من 11 صباحا إلى الواحدة ظهرا، لافتات وشعارات طالبت الوزارة الوصية بسحب هذا المشروع
والتصدي له "للاقانونيته ولادستوريته" ولكونه "يشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات القانونية والحقوقية التي عرفتها التشريعات المغربية".
ولوحوا بالدخول في أشكال احتجاجية تصعيدية لم يعلن عنها بعد، بعدما دخلوا منذ الخميس في تنفيذ قرار إغلاق المكاتب إلى 28 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، مع الامتناع عن أداء مستحقات التسجيل والتحفيظ والضرائب وغيرها لمدة ثلاثة أيام إضافية من 29 إلى 31 من الشهر ذاته.
وعقب هذه الأشكال الاحتجاجية، سارعت وزارة العدل والحريات إلى إصدار بيان توضيحي أكدت فيه أن المشرع المغربي اتجه منذ عام 2002 إلى تنظيم توثيق العقود المرتبطة بالمعاملات العقارية عبر ضمان المهنية والاحترافية في الفئات التي تتولى تحريرها، حفاظا وانسجاما مع ما تتطلبه عملية تحرير هذه العقود من دقة لتحقيق الأمن التوثيقي.
وتحدثت عن أنه صدرت تدريجيا عدة قوانين تفرض تحرير بعض العقود، سواء منها الرسمية أو العرفية ثابتة التاريخ، من قبل مهنيين ينتمون إلى مهنة قانونية ومنظمة يخول لها قانونها تحرير العقود، وذلك تحت طائلة البطلان.
ويتعلق الأمر في مرحلة أولى، بقانون 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية، وقانون 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز المتمم بموجبه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، قانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار.
ونصت هذه القوانين كلها على أن وزير العدل يحدد سنويا لائحة بأسماء هؤلاء المهنيين المقبولين لتحرير العقود بناء على نص تنظيمي. إلا أنه تعذر على الحكومات السابقة إصدار هذا النص التنظيمي لقبول وكلاء الأعمال ضمن المهن القانونية المخول لها تحرير العقود، على اعتبار أن هذه المهنة غير منظمة؛ فتم الشروع في إعداد مشروع قانون ينظم مهنة وكلاء الأعمال لقبولها ضمن المهن القانونية التي يخولها القانون تحرير العقود.
وأكدت أن القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية في مادته الرابعة، تحت طائلة البطلان، اشترط تحرير جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك. وهو ما يعني صراحة إمكانية إصدار نص جديد يخول مهنة أو مهنا أخرى صلاحية تحرير العقود.
وقد ترتب عن تطبيق هذه المقتضيات القانونية الجديدة، الرامية إلى تحقيق الأمن التوثيقي، "منع وكلاء الأعمال المرخص لهم في إطار ظهير12 يناير 1945 من تحرير العقود ثابتة التاريخ" حسب بلاغ وزارة العدل.
ورعيا للحقوق المكتسبة لفئة وكلاء الأعمال محرري العقود ثابتة التاريخ والتي يتعين الحفاظ عليها، أكدت الوزارة أنه تم إعداد مشروع قانون يتعلق بتنظيم مهنة وكيل الأعمال محرر العقود ثابتة التاريخ من أجل توفير الإطار القانوني المنظم لهذه المهنة بما يسمح بحسن تأطيرها وتنظيمها ويحفظ حقوق المتعاملين معها.
ورأت أن مشروع هذا القانون يهدف إلى تمكين وكلاء الأعمال الممارسين من الاستمرار بصفة انتقالية في مزاولة مهنة وكيل الأعمال محرر العقود ثابتة التاريخ، شريطة أن يثبتوا ممارستهم بصفة اعتيادية مهنة وكيل أعمال مكلف بتحرير العقود، وفقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل الأول من ظهير 27 محرم 1364 (12 يناير 1945(.
واشترطت لذلك الإدلاء برخصة إدارية تثبت ممارستهم للمهنة وشهادة إدارة الضرائب تثبت ممارستهم للمهنة بصفة اعتيادية، مؤكدة على أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن مشروع هذا القانون ينظم مهنة وكيل الأعمال محرر العقود ثابتة التاريخ بصفة انتقالية واستثنائية حفاظا على الحقوق المكتسبة لهذه الفئة التي تزاول مهنة تحرير العقود ثابتة التاريخ والحاصلة على رخصة مزاولة هذه المهنة في ظل ظهير 1945.
وأشارت في بلاغها إلى أن أصحاب هذه المهنة وبخلاف بعض المزاعم، لن يكون في وسعهم تحرير سوى عقود عرفية، ويخضعون في ممارسة مهامهم لمراقبة النيابة العامة، ويمنع عليهم أن يتسلموا أموالا بأي صفة كانت تتعلق بالعقود التي يحررونها. كما يمنع عليهم القيام بالإجراءات المتعلقة بإدارة التسجيل وإدارة الضرائب والمحافظة العقارية وغيرها.
وقالت إنه سبق إيداع مشروع القانون المحتج ضده لدى الأمانة العامة للحكومة من قبل الحكومة السابقة سنة 2011، كما أن المخطط التشريعي تضمن النص على كون مشروع هذا القانون من مشمولات برنامج الوزارة، وتم نشر نصه بمنتدى التشريع بالموقع الالكتروني لوزارة العدل والحريات خلال ثلاثة أشهر، كما تم نشره في الموقع الإلكتروني للأمانة العامة للحكومة لمدة شهر دون أن يتم الاحتجاج عليه، مما اعتبر معه نصا مقبولا، إلى أن تمت المصادقة عليه من قبل الحكومة حيث فوجئ الجميع بموقف الرفض المعلن عنه من قبل العدول والموثقين.