موسكو ـ حسن عمارة
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء إنه لا مجال للتراجع في مواجهة مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا وإن موسكو ستضطر للرد بحزم إذا لم يتخل الغرب عن "نهجه العدواني".
ولفت بوتين في كلمة له خلال اجتماع موسع لقيادة وزارة الدفاع الروسية في موسكو في الوقت الذي تضغط فيه روسيا من أجل رد عاجل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على المقترحات التي قدمتها موسكو الأسبوع الماضي بشأن مجموعة ملزمة من الضمانات الأمنية من الغرب:"ما تفعله الولايات المتحدة في أوكرانيا يحدث على أعتابنا... وعليهم إدراك أنه ليس لدينا مجال آخر للتراجع. هل يعتقدون بأننا سنكتفي بالوقوف مكتوفي الأيدي؟"
وأضاف: "إذا استمر النهج العدواني لرفاقنا الغربيين، فسنتخذ تدابير رد عسكري وفني مناسب، وسنرد بقسوة على الخطوات غير الودية".
وتابع: "لا توجد أسلحة فرط صوتية لدى الولايات المتحدة حتى الآن، لكننا نعرف متى سيمتلكونها. هذا أمر لا يمكن إخفاؤه. و(يوما ما) سيسلمونها إلى أوكرانيا. هذا لا يعني أنهم سيستخدمونها غدا، لأنه يوجد لدينا "تسيركون"، وليس لهم مثله بعد. لكن تحت هذا الغطاء سيسلحونهم وسيدفعون متطرفين من الدولة المجاورة باتجاه روسيا، بما في ذلك إلى شبه جزيرة القرم، على سبيل المثال، وذلك في ظل ظروف مواتية لهم، كما يبدو لهم".
وتساءل الرئيس الروسي: "هل يعتقدون أننا لا نرى هذه التهديدات؟ أم يعتقدون أننا سنتفرج عليها مكتوفي الأيدي؟ لم يعد لدينا مكان للتراجع"!
ولم يوضح بوتين طبيعة هذه الإجراءات، لكن صياغته عكست تلك التي استخدمها سابقا نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف الذي حذر من أن روسيا ربما تعاود نشر صواريخ نووية متوسطة المدى في أوروبا ردا على ما تعتبره خطط حلف شمال الأطلسي لنشر مثل هذه الصواريخ.
وترفض روسيا الاتهامات الأوكرانية والأميركية بأنها ربما تستعد لغزو أوكرانيا في وقت قريب قد يكون الشهر المقبل بعشرات الآلاف من القوات المتمركزة قرب الحدود.
وتقول إنها بحاجة إلى تعهدات من الغرب- ومنها تعهد بعدم قيام حلف شمال الأطلسي بأنشطة عسكرية في شرق أوروبا- لأن أمنها مهدد بسبب علاقات أوكرانيا المتنامية مع الحلف الغربي واحتمال نشر صواريخه صوبها على الأراضي الأوكرانية.
ومنذ منتصف تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي، تحذّر الولايات المتحدة من أن موسكو قد تكون بصدد الإعداد لشنّ هجوم واسع النطاق ضدّ أوكرانيا، وقد لوّحت بعقوبات غير مسبوقة قد تفرضها على روسيا.
وتتّهم دول غربية موسكو بحشد مئة ألف جندي قرب حدودها مع شرق أوكرانيا حيث تخوض كييف منذ العام 2014 نزاعاً مع انفصاليين موالين لروسيا.
وتنفي روسيا التخطيط لأيّ غزو وقد طالبت الولايات المتحدة والحلف الأطلسي بضمانات أمنية ملزمة، كما طالبت التحالف بوقف تمدّده شرقاً.
والأسبوع الماضي أبلغت موسكو الولايات المتحدة والحلف الأطلسي بمطالبها وقالت إنه "يتعيّن على التحالف ألّا يضمّ أعضاء جدداً وألّا يقيم أيّ قواعد عسكرية في جمهوريات سوفياتية سابقة.
وأعرب بوتين عن "قلق بالغ" إزاء نشر صواريخ أميركية في بولندا ورومانيا، على حدّ قوله، معتبراً أن "هذا الأمر سيمكّن الولايات المتحدة قريباً من إطلاق صواريخ كروز من نوع توماهوك".
وقال الرئيس الروسي "إذا تقدّمت هذه البنى التحتية أكثر، أيّ إذا نُشرت منظومات صواريخ أميركية وتابعة للحلف الأطلسي في أوكرانيا، فإن المسافة الزمنية لبلوغها موسكو ستتقلص إلى سبع أو عشر دقائق"، مشيراً إلى أن "هذه المسافة الزمنية قد تختصر بشكل أكبر بالأسلحة الفرط صوتية".
لكن على الرغم من تلميحه إلى نزاع، شدّد بوتين على أن "روسيا تريد تجنّب إراقة الدماء".
وقال "نريد أن نحل المسائل بالوسائل السياسية والديبلوماسية".
لكن الرئيس الروسي جدّد انتقاده للدعم الذي تقدّمه واشنطن لأوكرانيا والذي يتضمّن تدريب قوات أوكرانية وتخصيص مساعدات لها بـ2,5 مليار دولار.
وقال بوتين إنّ "هذه الممارسات تحصل على عتبة دارنا".
وأشار بوتين إلى أن "موسكو وإن تلقّت ضمانات أمنية أميركية لن تكون مطمئنة لأن الولايات المتحدة تنسحب بكل سهولة من كل الاتفاقيات الدولية التي تصبح لسبب أو لآخر خارج دائرة اهتمامها".
ولاحقاً، دعا بوتين في أول محادثة هاتفية أجراها مع المستشار الألماني أولاف شولتس، إلى محادثات "جدّية" مع حلف شمال الأطلسي حول المقترحات الروسية المتعلقة بضمانات أمنية تطالب بها موسكو.
وبحسب بيان للكرملين أبلغ بوتين شولتس بـ"تفاصيل" مقترحات قدّمتها روسيا الأسبوع الماضي لواشنطن وحلفائها في حلف شمال الأطلسي، و"أعرب عن أمله بإجراء محادثات جدية حول كل المسائل التي طرحها الجانب الروسي".
ويحذّر الغرب من أن "بوتين قد يستخدم ذريعة الاستفزازات في أوكرانيا لشنّ هجوم واسع النطاق".
واتّهم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو واشنطن بالتخطيط لـ"استفزازات" في الشرق الأوكراني. وقال إن مرتزقة أميركيين أدخلوا "احتياطات من مكون كيميائي غير معروف" إلى بلدتين أوكرانيتين تقعان عند الخط الأمامي للحرب الدائرة بين كييف والانفصاليين.
في الأثناء أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي عن خيبة أمله إزاء تلكؤ حلف شمال الأطلسي في تسريع ملف انضمام كييف إلى التحالف.
وقال زيلنسكي خلال اجتماع مع السفراء الأوكرانيين "لن نقبل فرضية أصبحت شائعة للغاية بأن أوكرانيا ستنضمّ إلى الاتحاد الأوروبي في غضون 30 عاماً وإلى الحلف الأطلسي في غضون 50 عاماً".
وتابع: "هذا الأمر يثبط عزيمتنا ويبطئنا".
وقال إن "أوكرانيا تريد أن تحصل في 2022 من حلف شمال الأطلسي جدولاً زمنياً بغاية الوضوح حول احتمالات نيل العضوية".
وعلى الرغم من أن كييف تسعى منذ سنوات للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، إلّا أن مسؤولين غربيين أشاروا مراراً إلى أن هذا الأمر غير وارد في المدى القريب.
وتتّهم كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو بأنها منخرطة منذ زمن في النزاع الدائر في أوكرانيا، وبأنها ترسل قوات وأسلحة دعماً للانفصاليين في القتال الذي أوقع أكثر من 13 ألف قتيل، ما تنفيه روسيا.
وتحذّر موسكو في المقابل بأن كييف أرسلت نصف قواتها إلى منطقة النزاع.
وفي العام 2014 لم يتمكن الجيش الأوكراني من الحؤول دون ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم وسيطرة انفصاليين موالين لموسكو على منطقتين في الشرق الأوكراني.
لكن القوات الأوكرانية أصبحت مذّاك أكثر قدرة وتجهيزاً لاسيّما بتلقيها طائرات هجومية مسيّرة من تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، وقد أثار نشر هذه الطائرات في تشرين الأول غضب بوتين.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
بوتين يؤكد لجونسون أن أوكرانيا تتبع نهجاً مضراً وتوسع "الناتو" تهديداً لأمن روسيا