دمشق ـ جورج الشامي
اندلعت اشتباكات عنيفة الخميس، للمرة الأولى، بين عناصر من الجيش السوري الحر وعناصر أول حاجز من حواجز طريق قصر الشعب (القصر الجمهوري) من جهة المزّة، فيما سقطت قذائف هاون عدة في ساحة الأمويين بالقرب من قيادة أركان الجيش السوري ومبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، في حين قصفت أحياء حمص بستة صواريخ "أرض ـ أرض" وأكثر من 150 قذيفة هاون، في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الائتلاف
الجديد أحمد الجربا اتهامات بأن لديه سجل أمني لدى الأمن السوري والقطري والسعودي، كمطلوب في قضايا جنائية ونصب واحتيال وشبهات مختلفة.
وقال أبو براء، من لواء "أبو ذر الغفاري" المقاتل في ريف دمشق، إن اشتباكًا عنيفًا اندلع وللمرة الأولى، الخميس، بين عناصر من الجيش الحر وعناصر أول حاجز من حواجز طريق قصر الشعب (القصر الجمهوري) من جهة المزّة، مما أدّى إلى مقتل وجرح عدد من عناصر الحاجز، وأن هذا الاختراق يعتبر عملية نوعية خاصة، وأن المنطقة محصنّة ومطوّقة أمنيًا بشكل كبير وتتضمن عشرات الحواجز، كما سقطت قذائف هاون عدة في ساحة الأمويين بالقرب من قيادة أركان الجيش السوري ومبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
وقامت آليات الهندسة التابعة للجيش السوري الحكومي بعمليات هدم واسعة للمنازل السكنية في حي القابون، الخميس، حيث شوهدت عشرات الأبنية تتهاوى، بينما تتصاعد حتى الآن أعمدة الدخان والغبار في الحي لا سيما في الأبنية الواقعة على أطرافه، حيث نقل شهود عيان أن البيوت التي تعرضت للتهديم كانت عناصر من الجيش الحكومي قد داهمتها وطردت سكّانها وسرقت ممتلكاتها، حيث شوهدت سيارات عسكرية تقلّ مفروشات وحاجيات منزلية قرب حاجز البلدية وجامع الغفران، فيما سجّلت صباح الخميس، حالة اعتداء على رعاة قاموا بالاتفاق مع حاجز البلدية التابع للجيش الحكومي لإخراج ماشيتهم من القابون، إلاّ أنّ أخرين من الجيش قاموا باستهداف الرعاة، مما أدى إلى مقتل راعٍ وجرح آخرين، إضافة إلى إصابة أغنام وأبقار بالرصاص، والتي أدت إلى نفوق بعضها.
وقد كثفت قوات الحكومة السورية من عملياتها العسكرية في دمشق وريفها، حيث قالت مصادر في المعارضة إن معارك عنيفة شهدتها أحياء دمشق، وتحديدًا أحياء القابون وبرزة وجوبر، وصولاً إلى مخيم اليرموك جنوب العاصمة، وشهد حي القابون الدمشقي أعنف تلك المعارك، وسط مخاوف من كارثة إنسانية قد يشهدها المدنيون في ظل القصف العنيف والحشد المتواصل لقوات الحكومة، ويرزح الحي تحت القصف المركز في مواجهة حملة عسكرية واسعة لجيش الحكومة واستمرار لمحاولات اقتحامه، حيث زج جيش الحكومة بمزيد من قواته إلى محيط الحي الذي أمطرته قوات الحكومة بالصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة، كما عززت القوات السورية من وجودها بإرسال أعداد كبيرة من الآليات والجنود، وقوبلت تلك التعزيزات بمقاومة الثوار التي حالت من دون اقتحام الحي، في حين أعلن الجيش الحر عن إرسال تعزيزات إلى الثوار في القابون، من مناطق عدة، ليبقى مصير مئات المدنيين المحاصرين في الحي مجهولاً.
وجرت اشتباكات بين الجيش الحر والقوات الحكومية في مدينة داريا في ريف دمشق، عند أطراف المنطقتين الشرقية والجنوبية من المدينة، كما تعرضت مدينة المعضمية إلى قصف مدفعي متقطع، أما في حمص فشهدت الأحياء القديمة صباح الخميس تصعيدًا عسكريًا من قِبل قوات الحكومة السورية، حيث تم قصف الأحياء بستة صواريخ "أرض ـ أرض" وأكثر من 150 قذيفة هاون وراجمة صواريخ ومدفعية، استهدفت مبانٍ سكنية أدت إلى دمارها، وتركّز القصف على الخالدية والقصور والقرابيص وجورة الشياح ووادي السايح وباب الدريب وباب السباع وباب هود، بينما ورد أنباء تشير إلى أن مصدر صواريخ "أرض ـ أرض" هي من قرية شنشار وكلية الدفاع الجوي في مَسكَنِة، بينما انفجرت سيارة مفخخة في حي الوعر، والذي يضم آلاف النازحين من مختلف مناطق حمص المنكوبة، من دون أن ترد حتى الآن نتائج واضحة للتفجير، كما قصفت قوات الجيش السوري، الخميس، مدرسة الأندلس في حي الدبلان، والتي تحتوي على أكثر من 250 عائلة نازحة، مما أدى إلى مقتل أفراد عائلة كاملة، ورغم أن المنطقة خاضعة للحكومة، والمدرسة خالية إلا من عوائل هربت من قصف المناطق الأخرى واستقرت في تلك المدرسة، وحاولت أن تبقى على قيد الحياة في ظروف بعيدة عن أدنى حدود الإنسانية، لتتحول المدرسة إلى ما يشبه المنطقة المكتظة بالسكان، إلا أن ذلك لم يمنع ولم يوقف دمشق عن تدميرها فوق رؤوس من فيها، حيث تشير الأنباء إلى وجود جثث متفحمة لم تتم إخراجها حتى الآن، كما لم يعرف حتى الآن عدد الضحايا.
وقال ناشط من حي الدبلان، إن هذه الغارة التي نفذها الجيش السوري على تلك المدرسة كانت ردًا على استهداف الأحياء الموالية من قبل الجيش الحر، ولم يظهر الفيديو الذي تم بثه عن الحادث تناثر أدوات مدرسية تخص طلابًا، وإنما ظهرت بعض الأغراض كالأغطية والملابس وعدة الطبخ وبعض المواد الأولية الضرورية للحياة.
واستمرّت الاشتباكات في حلب بالقرب من مبنى البحوث العلمية، الخميس، حيث استهدفت كتائب المعارضة المبنى بقذائف الهاون والصواريخ محلية الصنع، وذلك بعد السيطرة الكاملة على حي الراشدين، وإطباق حصار خانق على مقّر البحوث العلمية بجانب الحي، والذي تتخذه قوات الحكومة مقرًا لعمليات القصف، في حين تتقدّم حاليًا كتائب معارضة على جبهات مدينة حلب، لا سيما في حي صلاح الدين، حيث تمّت الأربعاء السيطرة على جزء كبير من المباني المطلّة على ملعب الحمدانية الذي تتحصن به قوات الحكومة، وتهدف المعارضة في عملياتها في محيط ملعب الحمدانية الوصول إلى أوتوستراد الحمدانية، وبالتالي قطع الطريق الواصل بين كليّة المدفعية وفرع المخابرات الجوية والأمن العسكري، وهو ما يشكل ضربة كبيرة لحكومة دمشق، وقطعًا للإمداد عن الكثير من المراكز والحواجز التابعة له.
وشهدت درعا قصفًا من الطيران الحربي على مدينة نوى، وقصفًا عنيفًا براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على مدن الشيخ مسكين وبلدة عين ذكر وعلى مناطق بوادي اليرموك، وسط اشتباكات عنيفة في تلك المناطق، وفي دير الزور جرى قصف عنيف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على معظم الأحياء المحررة في المدينة، واندلعت اشتباكات عنيفة في حي الصناعة بين الجيش الحر وقوات الحكومة، في حين قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة بلدات سرجة ومنطف ومعربليت في إدلب، وجرت اشتباكات عنيفة في محيط معسكر معمل القرميد، وفي القنيطرة تمكن الجيش الحر من السيطرة على كتيبة صيدا الجولان في الريف، وسيطر على المخفر القريب من الكتيبة، كما تمكن من السيطرة على حاجز قوات الحكومة في بلدة الجبيلية.
وقالت مصادر مقربة من دمشق، إن رئيس الائتلاف الجديد أحمد الجربا لديه سجل أمني حافل لدى الأمن السوري والقطري والسعودي، كمطلوب في قضايا جنائية ونصب واحتيال وشبهات مختلفة، منها تكليفه بعمليات اغتيال لم تنفذ، مما جعل أجهزتها الأمنية تنسّق في ما بينها عمليات ملاحقة له بشأن بعض القضايا، فيما لم تأتِ أي توضيحات رسمية من ائتلاف المعارضة.
وذكرت مصادر معارضة، أن حكومة دمشق قامت بتلفيق هذه التهم كما هو الحال مع كل معارض أو منشق عن النظام، حيث تبدأ بتشويه سمعة أي معارض أو منشق بمجرد بزوغ نجمه على الساحة الدولية.
وكشفت المصادر نفسها، عن وقائع ورد فيها اسم الجربا في وثائق الأمن السوري كمطلوب في قضايا جنائية ونصب واحتيال وشبهات مختلفة منها تكليفه بعمليات اغتيال لم تنفذ، وأنّ بعضها موجود أيضًا في سجلات الأمن القطري والسعودي، لصلتها بهاتين الدولتين، وأن اسمه الكامل المسجّل في هذه المحاضر الجنائية هو أحمد العونيان المدلول العاصي، وتورد إحداها أنه بموجب اتفاق تبادل الموقوفين القائم بين أجهزة الأمن السعودية والسورية (أوقف مع نشوب الأزمة السورية)، قامت الرياض في العام ٢٠٠٨ بتسليم دمشق الموقوف أحمد الجربا، لتهمة تهريب مخدرات، وحوكم وسجن آنذاك، كما تورد هذه السجلات واقعة أخرى، مدوّنة أيضًا لدى أجهزة الأمن القطرية، مفادها أنه بعد انقلاب أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني على والده الأمير خليفة، فرّ آخر وزير خارجية قطري في عهد الأخير إلى سورية، وكان متشدّدًا في مطلب استعادة الحكم، وحدث آنذاك أنّ جماعة الأمير حمد طلبت من الجربا قتل وزير الخارجية القطري المنفي في سورية، وتلقى منهم مكافأة مالية بعدما وعدهم بأنه سيقوم بالمهمة، لكن الجربا بدل ذلك اتصل بجماعة الأمير خليفة الأب وفضح لهم الأمر، وحصل أيضًا منهم على مكافأة مالية، وأثارت هذه القضية حينها تداعيات سياسية، مما دفع جهاز أمن الدولة السوري للتحقيق بها، وسجن الجربا لمدة 5 أشهر لتهمة النصب والاحتيال.
وأضافت المصادر المقربة من الحكومة السورية، "تذكر واقعة أخرى محفوظة في سجلات الأمن السوري أنّ الجربا تقرّب من السفير الليبي لدى دمشق خلال الفترة التي أعلن فيها معمر القذافي نفسه ملك ملوك القبائل وأفريقيا، ونجح في إقناعه في أن ينسق معه إرسال وفود عشائرية سورية إلى ليبيا لمبايعة القذافي، وقدّم نفسه حينها للقيادة الليبية على أنّه شيخ عشيرة شمّر في منطقة الجزيرة السورية، وعام ٢٠٠٤ أخذ الجربا يبحث عن مدخل للتعرف إلى رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري على اعتبار أنه أحد شيوخ عشيرة شمّر المترامية بين سورية والأردن والعراق وبالأساس في السعودية، وقبل أن تنقطع أخباره في سورية، قبيل بدء الأحداث فيها، طاردته أجهزة الأمن السورية لتهمة إدارته بيوت دعارة في كل من دمشق والحسكة، وأخيرًا بدأت المخابرات السعودية بإشراف مباشر من بندر، تروّج لاسمه بوصفه شيخ عشيرة شمّر السورية، وعرضته داخل الائتلاف كمسؤول عن ملف مشتريات التسلح، وواضح أن بندر فاوض تكتلات واسعة في الائتلاف على القبول به رئيسًا بمقابل أنّه يضمن تقديم سلاح كاسر له.
وتؤكد معلومات الأمن السوري، أنّ اسم الجربا كرئيس للائتلاف أقرّ بضغط من السعودية خلال اجتماع الدوحة الأخير للدول الراعية للمعارضة السورية، والذي أسفر عن أجندة سرية، بينها تفاهم باريس والرياض على أن تقوم الأخيرة بشراء سلاح نوعي للمعارضة، فيما تتكفل الاستخبارات الفرنسية بإيصالها إلى الداخل السوري، وأبرز سلاح تعهدت السعودية بشرائه هو صواريخ "ميلان" المضادة للدروع وصواريخ فرنسية مضادة للطائرات، وقد اشترت السعودية فعلاً كمًأ ً من صواريخ "ميلان"، وأُرسلت بجهد فرنسي إلى سورية، ولكن لا تزال صفقة صواريخ "رفال" تنتظر في المخازن العسكرية السعودية قرارًا أميركيًا بإرسالها إلى وحدات رئيس أركان الجيش السوري الحر سليم ادريس.
وتشير المعلومات إلى أنّ هذه الصواريخ الفرنسية الصنع لم يتم ابتياعها من فرنسا، بل من السوق السوداء العالمية، وتدبّر أمر الحصول عليها سماسرة سلاح نمساويون، وجهدت الاستخبارات السعودية في تلميع الجربا بين الدول الراعية للمعارضة السورية خلال اجتماعها في الدوحة، فقدمته على أنّه شيخ عشيرة شمر السورية، وأن مجموعاته تشرف على معبر اليعربية الحدودي، علمًا أن شمر في سورية منقادة منذ عقود من شيخين اثنين، هما شمر حميدي دهام الهادي وهو على علاقة برئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، وعدي الميز المدلول.
وتابعت المصادر، عن قصة أن للجربا جماعات في الحسكة والقامشلي، فمعروف على مستوى منطقة الجزيرة السورية، أنه منبوذ ليس فقط من قبيلته بل حتى داخل عائلته الصغرى، فوالده عونيان نأى بنفسه عنه منذ انفضاح أمر إدارته لبيوت الدعارة، رغم أن الجربا حاول آنذاك أن يشيع أنه يدير شركة لمساعدة الشباب على الزواج والتعارف وليس الدعارة، كما أن شقيقه زيد مؤيد لدمشق، فيما شقيقه الأكبر نواف لا صلات سياسية له.
وأفادت وسائل إعلام عالمية، أن الجربا هو أحد شيوخ قبائل شمّر، والقبيلة تقطن مناطق واسعة من سورية مع امتدادات كبيرة في الجزيرة العربية، وتعود جذوره إلى منطقة القامشلي في شمال شرق البلاد، التي تتركز فيها الثروة النفطية السورية، وتتعايش فيها طوائف وأعراق عدة.
والجربا من مواليد عام ١٩٦٩ في مدينة القامشلي شمال سورية، تدرج في مدارسها ويحمل إجازة الحقوق من جامعة بيروت العربية، ولسبب مواقفه المناهضة لدمشق اعتقل في الشهر الأول من الثورة في آذار/مارس 2011، من قبل الفرع الداخلي للمخابرات العامة، حيث تم التحقيق معه واحتجازه في الفرع، خرج نهائياً من دمشق إلى بيروت بتاريخ 19 آب/أغسطس 2011، وهذا هو الاعتقال الثاني من المخابرات السورية للجربا، حيث سبق وأن اعتقل لمدة سنتين من 1996 حتى 1998 من قبل المخابرات العامة في دمشق، ونشط الجربا في مجالات عدة إغاثية وطبية وعسكرية لدعم الثورة السورية منذ انطلاقها، علاوة على نشاطه الدبلوماسي والسياسي كعضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري وعضو مؤسس في الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، وفقًا لما ذكره ائتلاف.