الخرطوم ـ جمال إمام
أعلنت وزارة الداخلية السودانية مقتل ضابط برتبة عميد، خلال مظاهرات الخميس في العاصمة الخرطوم، أثناء أداء عمله، فيما أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية وفاة متظاهر متأثراً بإصابته بالرصاص الحي خلال احتجاجات. وكانت الشرطة السودانية أطلقت قنابل الغاز على محتجين بشارع القصر الرئاسي في الخرطوم، مع تجدد المظاهرات المطالبة بانسحاب الجيش من الحياة السياسية. وتطالب حشود من الغاضبين بحكم مدني كامل في السودان وعودة الجيش إلى ثكناته، وسط تباين المواقف إزاء مبادرة للحوار أطلقتها منظمة الأمم المتحدة. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان، إن "الريح محمد ارتقى شهيداً إثر إصابته برصاصة في البطن خلال مشاركته في مليونية 13 يناير/ كانون الثاني الجاري محلية بحري". وأضاف البيان "بهذا، يرتفع عدد الشهداء منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 64 خالدين في ذاكرة أمتنا".
وأشارت لجنة الأطباء إلى سقوط عشرات المصابين من المحتجين جراء ما وصفته بـ"العنف المفرط" الذي استخدمته السلطات الأمنية بحق المتظاهرين. وتزامنا مع التصعيد في الشارع، يعقد المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير اجتماعا، الخميس، لحسم موقفه من مبادرة الحوار التي أطلقتها الأمم المتحدة مطلع الأسبوع. وقال شريف عثمان عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، إن "موقف الحرية والتغيير سيعتمد على الإطار العام للمبادرة ومدى استجابته لمطالب الشارع، إضافة إلى طبيعة الأطراف التي سيجري معها الحوار". وشدد عثمان على الموقف المبدئي المتعلق برفض التحاور مع المجلس العسكري بتكوينه الحالي، موضحا أن "أي حوار لا يؤدي للوصول إلى حكم مدني كامل للفترة الانتقالية لن يكون مقبولا من جانب قوى الحرية والتغيير". وتجمع آلاف السودانيون في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية الأخرى، في مسيرات احتجاجية جديدة، مواصلين التنديد بالإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يوم 25 تشرين الاول/ أكتوبر الماضي، التي أعلن بموجبها حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء.
وأكد مبعوث الامم المتحدة بالسودان فولكر بيريتس، أن مهمة المبادرة الأممية تتمثل فقط في تسهيل لقاء الأطراف السودانية والجلوس إلى طاولة واحدة للتفاوض، وليست لديها أي نقاط لطرحها أو فرضها على الأطراف السودانية. وكشفت معلومات، أن مناقشات أولية مع عدد من القوى السياسية تركزت حول 4 عناصر أساسية، أبرزها إلغاء مجلس السيادة والاستعاضة عنه بمجلس رئاسي شرفي يتكون من 3 أعضاء مدنيين. وتشمل النقاط أيضا مجلسا للأمن والدفاع، ومنح رئيس الوزراء سلطات تنفيذية كاملة تشمل تشكيل حكومة كفاءات مستقلة مع إعطاء تمثيل أكبر للمرأة، والاستناد إلى الوثيقة الدستورية الموقعة عام 2019. ولم تستبعد المناقشات الأولية عودة رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك مجددا، باعتباره شخصية تحظى بقبول دولي يحتاجه السودان في الوقت الحالي.
وتباينت المواقف من المبادرة بشكل كبير، ففيما رحبت بها بعض القوى السياسية، قوبلت بالرفض المبدئي من طرف قوى أخرى، من بينها تجمع المهنيين وأحزاب وكيانات فاعلة تقود الاحتجاجات الحالية. ومنذ أكثر من شهرين، يعيش السودان أزمة سياسية وأمنية خانقة وحالة من الشلل الاقتصادي والخدمي بسبب موجة الاحتجاجات المتواصلة، التي أججتها إجراءات 25 تشرين الاول/ أكتوبر. ولقيت إجراءات الجيش إدانات دولية واسعة أيضا، كما دفعت الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي ومؤسسات التمويل الدولية إلى تجميد مساعداتها للبلاد. وفي وقت سابق الخميس، قالت الشرطة السودانية عبر صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك، إن "العميد علي بريمة حماد ارتقى شهيدا بعد أن توفي أثناء تأديته واجبه في حماية المظاهرات جوار معمل استاك جنوبي القصر الرئاسي".
وشهدت الخرطوم ومدن سودانية أخرى مظاهرات حاشدة تنادي بالحكم المدني الديمقراطي، فيما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق المحتجين. وتحدث شهود عن إصابات عديدة وقعت في صفوف المظاهرين بمدن بحري وأم درمان، جرى إسعافهم ونقلهم للمستشفيات المجاورة. وتأتي هذه الاحتجاجات إثر دعوات أطلقها تجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة، للمطالبة بحكم مدني. وصباح الخميس، اتخذت السلطات السودانية إجراءات أمنية مخففة، بينما سمحت بحركة المرور عبر كافة الجسور باستثناء جسر "المك نمر"، في تدابير بدت مختلفة عن الاجراءات المشددة المعتمدة منذ انطلاق موجة الاحتجاجات الجديدة.
قد يهمك أيضاً :
احتجاجات ليلية في الخرطوم للمطالبة بـ"حكم مدني كامل" عشية مظاهرات تتجه نحو القصر الرئاسي