الرباط - المغرب اليوم
تزامنا مع الذكرى العشرون لاعتلاء الملك محمد السادس للعرش العلوي، خرج خوسي لويس رودريغيز ثاباطيرو رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، في مقال رأي نشره اليوم الاثنين 29 يوليو/ تموز بصحيفة ( البايس ) تحت عنوان ” إسبانيا والمغرب خلال 20 سنة من حكم الملك محمد السادس”، للتأكيد على أن جزءا كبيرا من مستقبل إسبانيا الديمقراطية في مجال السياسة الخارجية ” يعتمد على علاقاتنا مع المغرب ومسلسل التحديث الذي انخرطت فيه المملكة ” .
اقراء ايضا بسيمة الحقاوي تبرز النهضة التي شهدها المغرب في عهد الملك محمد السادس
وفيما يلي النص الكامل لمقال ثاباطيرو الذي ترجمه لـ”آشكاين” بشكل حصري الأستاذ حسن أزرقان.
عشرون سنة من حكم الملك محمد السادس ملك المغرب، ذكرى تتمثل أمامنا كلحظة مواتية لتحليل ما قدمته هذه الفترة.
من المفيد والهام القيام بهذا التحليل، لأنه بالتأكيد، قليلة هي الشكوك، حول الأهمية التي يكتسيها بالنسبة لإسبانيا والاتحاد الأوروبي ولتقدم شمال أفريقيا، التوجه والمنحى الذي يسير نحوه هذا البلد الجار.
فدائما ما اعتقدت أن جزءا مهما من مستقبل إسبانيا الديمقراطية، وخصوصا في بعد سياستها الخارجية، يرتبط بعلاقتنا بالمغرب، وبمساره التحديثي.
فعلاقة إيجابية بين بين المغرب وإسبانيا تعني استقرار وتقدم البلدين، ومنطقة شمال أفريقيا وتطبع سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المنطقة المتوسطية ككل.
بارتياح يمكن الإقرار، أن خلال عشرين سنة من حكم الملك محمد السادس، توطدت وتقوت العلاقات المغربية الإسبانية، عبر روابط سياسية واقتصادية، اجتماعية وثقافية.
خلال حكم محمد السادس؛ وبعد تجاوز توترات بداية الألفية الثانية، عشنا فترة مثمرة تعتبر الافضل، ويرجع الفضل في ذلك، في جزء كبير وحاسم منه، إلى التفاهم بين الملك محمد السادس والملك خوان كارلوس وبعده العاهل فليبي السادس.
خلال الفترة التي كنت فيها على رأس حكومة إسبانيا ، لازال راسخا في ذاكرتي الالتزام الدائم من جانب السلطات المغربية ، وخاصة الملك محمد السادس ، بالتعاون في قضايا كانت ولاتزال حاسمة وصعبة، كمكافحة الإرهاب أو تدفقات الهجرة، تعاون تمت إثارته في أوقات مختلفة من قبل المنظمات الدولية، فالمغرب وإسبانيا قاما ببناء مسؤولية مشتركة حول قضايا حساسة للغاية طالما أبرزت لنا حالات مروعة للبشرية
وبالتفكير في لحظات اكثر حداثة، من الأساسي ان نبرز وثاقة واهمية وثيرة علاقاتنا في العام الماضي ، مع زيارة الدولة للعاهل فيليبي السادس إلى المغرب ، وكذلك مع زيارات رئيس الحكومة في مناسبتين إضافة الى ثماني زيارات للمسؤولين الحكوميين.
إذا كان هناك مجال أكثر دلالة لتطور الروابط بين البلدين، فهو المجال الاقتصادي والتجاري ، والذي انتقل من تسجيل حجم مبادلات تجارية بقيمة 1800 مليون يورو سنة 1999 إلى حوالي 15000 مليون سنة 2018 ، وهو ما يمثل نموا لأزيد من 700 ٪.
سنة 2012، أصبحت إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب.، والمغرب هو زبوننا الثاني خارج الاتحاد الأوروبي، بعد الولايات المتحدة ،. المغرب هو الوجهة الأولى للاستثمار الإسباني في إفريقيا. وهناك أكثر من 600 شركة إسبانية مسجلة في جارتنا بشمال إفريقيا. إسبانيا هي ثاني دولة مصدرة للسياح إلى المغرب، وقد زارنا أكثر من 700000 سائح مغربي في سنة 2018.
في مجال التعليم والثقافة، رغم وجود مجال واسع للتدارك و ولتبادل المعرفة، فتجدر الإشارة إلى أنه في المغرب لدينا أكبر شبكة لمعهد سرفانتس وهناك 5000 طالب يدرسون في المدارس العمومية الإسبانية في المغرب.
إن الرغبة في تكثيف التعاون ، من الجانب المغربي ، تتوافق مع خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لسنة 2016 ، حيث قال: “سنعمل على تعزيز شراكاتنا الاستراتيجية مع حلفائنا فرنسا وإسبانيا “.
في رأيي ، فإن هذا التطور الإيجابي في العلاقة بين إسبانيا والمغرب كان ممكنًا ، إلى حد كبير ، بفضل عملية التحديث والإصلاحات التي اتبعها بلدنا المجاور في هذه السنوات العشرين من هذا الحكم.
وفي الحقيقة فان المعطيات الموضوعية تؤكد التقدم والتحديث في العقدين الماضيين بالمغرب. حيث تضاعف الناتج الداخلي الإجمالي ثلاث مرات، والدخل الفردي الخام انتقل من 3580 إلى 8930 دولار. تقدم يسير جنبا إلى جنب مع تطور ملحوظ في البنية التحتية ، مع بناء شبكة طرق مهمة ، فمع أزيد من 1800 كيلومتر من الطرق السيارة ،
كانت القفزة كبيرة في العقدين الماضيين. إضافة الى ذلك فإن إنشاء أول قطار فائق السرعة بالقارة والرابط بين طنجة والدار البيضاء ، وتطوير ميناء طنجة ، يجعل المغرب مؤهلا للدفع بالقطاع الصناعي الذي يبرز فيها الآن قطاع السيارات
في الوقت نفسه ، تم إطلاق مخطط طموح للطاقات المتجددة ، والتي تجاوزت بالفعل عتبة 30 ٪ من الطاقة المتجددة، وعملية التحديث الاقتصادي هذه حاسمة في الاستجابة لاحتياجات التشغيل بالمغرب
وتتجلى الإرادة الإصلاحية والتحديثية أيضًا في التطور السياسي والاجتماعي للمغرب ، خطوة بخطوة ، بتناسق مع الوثيرة التي تحددها خصائصه التاريخية والثقافية.
إن توطيد التعددية السياسية والمسارات الانتخابية ، في إطار الدستور الحديث لسنة 2011 ، يفتح البلاد أمام إصلاحات ، مثل إصلاح القضاء ، وأمام تغييرات حاسمة في مسار الدمقرطة.
وتحدث هذه التغييرات أيضًا في مجال المجتمع المدني ، بشأن قضايا مفصلية مثل التقدم لصالح حقوق المرأة، المدفوع بإصلاح مدونة الأسرة سنة 2004 أو قانون مكافحة العنف ضد النساء المصادق عليه في شتنبر الماضي، يجب أن نحيي هذه التطورات ونثق في أن المساواة واحترام التنوع والتعدد راسخان في بلدنا المجاور.
علاوة على ذلك ، وانطلاقا من ضرورة احترام التاريخ الذي تكتبه كل أمة، علينا أن نتعاون حتى يمتد مسار التحديث والإصلاحات والتقدم إلى جميع المجالات الاجتماعية والتعليمية والثقافية وفي مجال الحريات المغرب.
قبل عشرين سنة ، كان المغرب يواجه تحديات كبيرة، وخلال هذه الفترة تمكن من تحقيق الاستقرار وتحديد هذا المسار من اصلاحات التحديث والتقدم. لقد ذكر الملك محمد السادس في العديد من المناسبات بحرصه على التغلب على التحديات الاجتماعية االعالقة، لا سيما في مجالي التعليم والصحة. فلنحفز الغاية من هذه التغييرات ، والمساهمة فيها، ولنقم بذلك بناءً على الاحترام والصداقة الخالصة، فهذا هو الأسلوب الذي سلكه محمد السادس مع إسبانيا خلال عشرين عامًا من حكمه.
قد يهمك ايضا