بغداد - الدار البيضاء اليوم
أكّد الرئيس العراقي الدكتور برهم صالح، أن الوقت قد حان لإعادة الثقة المفقودة بين المجتمع والنظام السياسي، في البلاد، الذي وصل“إلى طريق مسدود”، حسب تعبيره.
وفي وقت تستعد فيه لجنة تحقيق مركزية لإعلان النتائج بشأن عمليات قتل واسعة النطاق ضد المتظاهرين، أدت إلى وقوع أكثر من 130 قتيلا، وجرح أكثر من ستة آلاف آخرين، فإن الحكومة العراقية تسابق الزمن من أجل تحقيق ولو الحد الأدنى المقبول لمطالب المتظاهرين.
الخبراء والمتابعون للشأن العراقي يرون أن الكثير مما يمكن حصوله بمن في ذلك المظاهرة التي يجري الإعداد لها يوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، يتوقف على إعلان نتائج التحقيق. وفي هذا السياق دعا الرئيس برهم صالح إلى إحداث تعديل جذري في قانون الانتخابات في البلاد كجزء من إصلاح المنظومة السياسية في البلاد التي تصدعت كثيرا بعد مظاهرات الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي فيما دعا إلى حوار وطني شامل بهدف الخروج برؤية موحدة حيال الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد.
وقال صالح خلال لقائه في قصر السلام ممثلين عن الأمم المتحدة ومفوضية الانتخابات المستقلة، إضافة إلى عدد من أساتذة الجامعات والناشطين وأصحاب الاختصاص من الخبراء إن “عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة (عام 2018) هو دليل واضح على ضرورة تعديل قانون الانتخابات العامة لما يمثله ذلك من استحقاق وطني عاجل لبناء الدولة وإصلاح مؤسساتها والقضاء على الفساد المالي والإداري”.
وأضاف صالح في بيان رئاسي عقب الاجتماع، أن اللقاء الذي يجريه مع أصحاب الاختصاص يأتي في ظروف بالغة التعقيد ويهدف إلى التمهيد للقاء القوى السياسية والكتل، مبينا أن “الاستماع إلى الرؤى المختلفة يساعد في الوصول إلى تعديلات منطقية على القانون تخدم المصلحة العامة”.
وأوضح صالح أن “العراق مقبل على تحولات كبيرة ونحن بحاجة إلى إصلاحات كبيرة تعيد الثقة بمنظومة الحكم في البلاد وأهمها مراجعة المنظومة الانتخابية بشكل جدي يوفر للعراقيين فرصة مناسبة للتعبير عن رؤيتهم حول بلدهم من دون انتقاص أو تلاعب”. وأكد صالح قائلا: “لنا الجرأة في أن ندعو إلى حوار وطني شامل نعالج فيه مكامن الخلل في منظومة الحكم في بلادنا وبما يحقق الحياة الكريمة لأبناء شعبنا”.
وفي هذا السياق يقول الرئيس السابق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات في العراق مقداد الشريفي في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إن “الإطار السياسي للقانون الذي يعمل عليه الرئيس برهم صالح مهم ويمكن القول إنه يحقق العدالة وإنه أكثر إنصافا من القانون الحالي باعتماده طريقة الفائز الأول لكنه يواجه نوعين من المشاكل”.
وفي إطار سرده لطبيعة المشاكل التي يعانيها هذا التعديل المقترح يقول الشريفي إن “هناك إشكاليات إدارية يصعب تخطيها وهي العلاقات الملتبسة بين الكثير من الأقضية والنواحي في عموم العراق، فضلا عن الخلافات بين مجالس المحافظات ووزارة التخطيط بشأن استحداث أقضية ونواح جديدة الأمر الذي يجعل من الصعوبة تطبيق مثل هذه التعديلات على أرض الواقع”، مضيفا أن “الإشكال الثاني هو أن القانون الذي يعمل عليه رئيس الجمهورية يلغي الرمزية وبالتالي لم يعد بمقدور هذا الزعيم السياسي أو ذاك الحصول على مئات آلاف الأصوات، وبالتالي يكون بمقدوره أن يفوز عدد من المرشحين ضمن قائمته ممن لم يحصلوا على الأصوات اللازمة وبالتالي فإن مثل هذا التعديل سوف تعترض عليه القوى السياسية لأنه لا يخدم مصالحها بينما يمثل فرصة للناس بتحقيقه مبدأ العدالة برغم وجود ملاحظات نأمل من رئيس الجمهورية بحثها مع ذوي الاختصاص للخروج برؤية موحدة ومعمقة بشأنه”.
إلى ذلك وبشأن إعادة الثقة بمنظومة الحكم يقول السياسي العراقي وعضو البرلمان آراس حبيب كريم لـ”الشرق الأوسط” إن “الطبقة السياسية العراقية الحالية تحتاج بالفعل إلى إعادة الثقة التي اهتزت بين الشعب لا سيما فئة الشباب وبين الطبقة السياسية”، مبينا أن “اهتزاز الثقة ناتج عن عدم قدرة هذه الطبقة على استيعاب تطلعات هذا الجيل التي تحولت بفعل الخلل المتراكم طوال 16 عاما بعد التغيير إلى هموم”. وأوضح أن “المهم في الأمر هو أن ترتفع هذه الطبقة السياسية إلى مستوى ما يريد هؤلاء الشباب الذين لم يعاصروا الفترات الماضية ولم يحملوا عقدها بل هم يتطلعون إلى المستقبل الذي يحلمون به”.
قد يهمك أيضا :
العراق يشكّل محكمة جنايات مركزية لمكافحة الفساد تعنى بالقضايا "الكبرى"