الرئيسية » أخر الأخبار العربية و العالمية
رسامون وحلاقون وخبازون في ساحة التحرير لإدامة زخم الاحتجاجات في العراق
ساحة التحرير وسط بغداد

بغداد - الدار البيضاء اليوم

لم يعد الذهاب إلى ساحة التحرير وسط بغداد، بالنسبة لأعداد كبيرة من الشباب مجرد ترف وعادة يومية لتزجية الوقت أو بهدف الترفيه والمتعة العابرة، إنما تحول إلى ما يشبه الواجب اليومي الذي يستهدف إدامة حياة الاحتجاج هناك لحين تحقيق المطالب المشروعة.

ووصل الأمر ببعض الشباب إلى ترك أعمالهم ومنازلهم والبقاء في ساحة التحرير لتقديم الخدمات الضرورية للمحتجين. ورغم أن هذه الفئة من الشباب «دائمة الوجود» لا يقتصر وجودها على ساحة التحرير ولها ما يماثلها في ساحات الاعتصام الأخرى في بقية المحافظات، إلا أن ساحة التحرير، باتت الأبرز والأكثر رمزية من بين تلك الساحات، نظراً لما تمثله بغداد من ثقل ثقافي وسكاني وسياسي في العراق.
ويبدو أن الناشطين والجهات الفاعلة في الاحتجاجات، وبعد قرار نصب الخيم والبدء باعتصام مفتوح منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كانوا وما زالوا مدركين لأهمية تقديم الخدمات الضرورية للمحتجين بهدف الإبقاء على زخم المظاهرات والاعتصامات متواصلا، لذلك يمكن لمن يتجول في ساحة التحرير ملاحظة أن معظم الخدمات وخاصة فيما يتعلق بجانب المأكولات والمشروبات متوفرة على مدار اليوم، ولعل ذلك مثل نوعاً من الإغراء لبعض الفئات الفقيرة، دفعهم للمواظبة على الحضور بشكل يومي ودون انقطاع.
ويمكن لمن يتحول في الساحة مشاهدة أنواع الحرفيين والمتطوعين والكسبة الذين يقومون بتقديم الخدمات المختلفة على امتداد اليوم، في مشهد ربما لا يمكن العثور عليه في أي احتجاجات ومظاهرات مماثلة خارج العراق.
وفي أكثر من مكان في ساحة التحرير، نصبت الخيام الخاصة بالخبر، وصارت أشبه بأفران متنقلة تعمل ساعات طويلة في ظروف عمل ليست سهلة، خاصة مع ما يتطلب ذلك من تنانير للخبر مع خبازين مهرة، كميات الطحين الكثيرة التي يتوجب أن تصل كل يوم، إلى جانب أسطوانات الغاز التي يصعب حملها.
وأجاب أحد الخبازين: عن سؤال لماذا تخبز؟ فأجاب بأريحية وبساطة: «في الحقيقة لا أعرف، لكني أشعر أن هذا واجبي وهو أقل ما يمكن أن أقدمه في سبيل بلادي، ثم إنني أبحث عن الأجر والثواب، فأنا أمارس هذا العمل في مواسم الزيارات الدينية دائما». ويضيف الخباز: «أنا ورفاقي نواصل عملنا منذ عشرة أيام ونحن سعداء بذلك، كل رغيف نقدمه ربما يسهم في نجاح الثورة أو المظاهرات».
خباز آخر يضحك ويقول: «نريد وطنا، والذي يريد وطنا عليه أن يطعم أبناءه ليحققوا حلمهم».
وعن الجهات التي تقول بتجهيزيهم يوميا بالمواد والأدوات اللازمة لإدامة عملهم يقول الخبازون: إنهم طيف واسع من المتبرعين والمحسنين ومن يتمنون نجاح المظاهرات في تحقيق أهدافها.
ذات الكلمات والعبارات تسمعها من الشباب الذي تبرعوا لحلاقة المتظاهرين، وهم أيضا، يتوزعون في أكثر من مكان بساحة التحرير، وتم رصد أحدهم في نفق التحرير، ورصد آخرين في المنطقة القريبة من بناية «المطعم التركي»، وثمة آخر في الحديقة الخلفية لجدارية الفنان جواد سليم المعروفة بـ«نصب الحرية».
الحلاق الذي يقوم في عمله بنفق التحرير قال بلهجة شعبية: «أريدهم يطلعون حلوين، لأن العراق جدير بما يقومون به». ويضيف: «لن أموت من الجوع إن خصصت ساعتين أو ثلاثا لتقديم الخدمة لهؤلاء الشباب الأبطال الذين يتظاهرون في سبيل مستقبل البلاد، أشعر بالفخر حقا وأنا أساهم مساهمة متواضعة في تحقيق هذا الهدف».
أما النفق الذي يعبر من شارع السعدون، ويمر تحت ساحة التحرير وصولا إلى ساحة الخلاني، فقد تحول بين ليلة وضحاها إلى أجمل الطرق في العاصمة بغداد، بعد قيام المتظاهرين بتنظيفه يوميا وصباغة أرصفته، ليأتي بعد ذلك دور مجموعة كبيرة من الرسامين والخطاطين ومصممو الجرافيك، ليملئوا جدرانه بأنواع الخطوط واللوحات التي تتناول مختلف الموضوعات. حيث يمكن مشاهدة اللوحات التي تدين العنف الذي تمارسه السلطات ضد المتظاهرين وتمجد بالثورة والاحتجاجات وضحاياها، كذلك ثمة لوحات تدين طريقة التغطية التي قامت بها القنوات الرسمية للمظاهرات، وكتب على الأرض وسم يدين إيران ودعمها للأحزاب الفاسدة في العراق. ويمكن القول بشكل عام بأن النفق (مقطوع أمام حركة السيارات) تحول إلى ورشة عمل فنية وجاليري كبير يقصده الفنانون من جميع مناطق بغداد للمساهمة بتوثيق يوميات الاحتجاجات ورموزها وأهدافها.
ومن بين الرسامين العاملين في نفق التحرير، رسام معاق يسير على عكازتين، رسم بورتريها لرجل معاق يشبهه كان محط إعجاب واحتفاء المارة في النفق. وانسجاما مع أجواء الاحتفال والضحك التي رافقت وقوفهم بالقرب منه والنظر إلى أعماله، بادره أحد الحاضرين ضاحكا: «أستاذ أنت رسمت نفسك على الجدار وهذا نوع من أنواع الفساد الإداري! فانفجر الجميع ضاحكين. لكنه رد بابتسامة خجولة قائلا: «لا... إنما أردت أن أعبر عن شريحة واسعة من الأشخاص المعاقين المهملين في هذه البلاد».

المصدر: الشرق الأوسط

قد يهمك أيضا :

العربية والحدث تحققان المرتبة الأولى في تغطية تظاهرات العراق

طهران تُمارس ضغوط متزايدة على رئيس الوزراء العراقي وتجبره على التراجع عن الاستقالة

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

صواريخ مجهولة المصدر تستهدف قاعدة أميركية في سوريا دون…
صواريخ مجهولة المصدر تستهدف قاعدة أميركية في سوريا دون وقوع إصابات
انفجار كبير بجسر يربط بين الأراضي الروسية والقرم وأوكرانيا…
قصر باكنغهام يكشف حقيقة منع الملك تشارلز من المشاركة…
تأهب في السلطة لمنع انتفاضة فلسطينية ثالثة تُكرر تجربة…
شهادة وفاة الملكة إليزابيث الثانية تكشف سر رحيلها

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة