لندن - رانيا سجعان
هل أصبحت غرف الطعام المنفصلة بلا فائدة؟.. هذا السؤال لم يتم الرد عليه، ويستحق الخوض فيه، من أجل الحصول على أفضل إجابة، يتطلب إلقاء نظرة على الأُسَر الحديثة، وأنماط حياتهم، حيث أصبحنا أكثر انشغالًا من الماضي؛ وصارت أيامنا أطول مما كانت عليه؛ فأطفال المدارس اليوم، يومهم أطول، ويقومون بالمزيد من الأنشطة، والواجبات المنزلية، مقارنةً بالأجيال السابقة،
ولكن أكبر فرق في منازل العصر الحديث، هو أن الآباء والأمهات يعملون في وظائفهم.
لقد ولت الأيام التي تبقى فيها الأم في المنزل؛ لتستقبل زوجها وأولادها، عندما يعودون إلى المنزل في نهاية اليوم، والتي ينتهي فيها يوم العمل في الساعة 5 مساءً، وأفراد الأسرة اليوم يأتون ويذهبون في أوقات مختلفة، وحتى ساعات متأخرة من الليل؛ لذلك فإنه ليس من المألوف أن يكون هناك وجبة عائلية تتشارك فيها العائلة؛ لأن ذلك يعتمد على الوقت الذي يصل فيه الأفراد إلى المنزل، وبالنسبة لأولئك الذين يجلسون؛ لتناول وجبة تجمع كل أفراد الأسرة، يمكن أن يستغرق هذا الأمر قدرًا كبيرًا من التنسيق والجهد، ولا يحدث في كثير من الأحيان خلال الـ7 أيام في الأسبوع؛ فماذا يجب أن نفعل إذن مع غرفة الطعام؟
كم مرة تستخدم غرفة الطعام غلبًا؟
إن أنماط حياتنا تميل إلى أن تكون أكثر حداثة، وبيوتنا تعكس مباشرة هذا التحول، والمنازل القديمة، التي بُنيت بين عامي 1920 و1970، تم تجهيز أصغر مطبخ بها مع غرف طعام تجاه المطبخ، حيث يتم إعداد الطعام في المطبخ، ثم يُنقل إلى غرفة الطعام، وبعد الانتهاء من وجبة الطعام، ينتقل الناس إلى غرفة أخرى، ربما لتنظيف الأطباق، أو إلى منطقة المعيشة المشتركة أو إلى غرفة النوم.
والمعتاد أن تُستخدم غُرف الطعام مرة واحدة يوميًّا، ولا يتم الاستفادة منها بشكل كبير هذه الأيام، والبعض يستخدمها من وقت لآخر، في حين أن آخرين لا يستخدموها على الإطلاق، حيث يتم استخدام عدد قليل جدًّا من هذه الغرف على أساس يومي، ويستخدمها الكثير من الأشخاص للتسلية أو للتجمعات العائلية أو لتناول الطعام في العطلة، والبعض يستخدم هذه الغرفة مرة واحدة فقط أو مرتين في السنة.
أين يتناول الناس الطعام؟
تشهد مطابخنا المزيد من الحركة، حيث يتم استخدامها بشكل أكبر، ربما أكثر من أي غرفة أخرى في المنزل، وهذا هو الحال مع العائلات المشغولة، وأصبح المطبخ هو الغرفة الرئيسة، وليس فقط في بيوتنا، ولكن في حياتنا؛ لأننا ننفق الكثير من الوقت في المطبخ، فهو المكان الذي نطبخ، ونتجمع، ونعمل فيه، وحتى نستمتع بوقتنان ومناقشة أحداث يومنا فيه، ونحن نتناول الطعام، ويتم تجهيز مطابخنا بأجهزة التلفزيون والموسيقى، وأصبحت هذه الغرفة غرفة للمعيشة الحقيقية، فمطابخ اليوم أكبر من تلك التي كنا نشاهدها في السنين الماضية، وغالبًا ما تكون منطقة تسع لجلوس أكثر من شخص؛ فإنه ليس من غير المألوف أن نرى جزيرة تحيط بها مقاعد ومساحة منفصلة كبيرة بما يكفي؛ لاستيعاب طاولة وبعض الكراسي.
ماذا يحدث لغرف الطعام الموجودة بالفعل؟
الكثير من غرف الطعام الرسمية تظل شاغرة وفارغة؛ ليتجمع عليها الغبار وخيوط العنكبوت، ولكن هناك آخرين يدركون أهمية هذه المساحة الكبيرة والمهدرة وقرروا تحويلها إلى شيء يناسب أسلوب حياتهم، ويجري تحويل غرف الطعام غير المستخدمة لقاعات للعب، أو مكاتب، أو مكتبات، أو استوديوهات فنية، أو غرف لممارسة الرياضة.
هدم الجدران
المساحات الموسعة والمفتوحة مطلوبة إلى حد كبير جدًّا في هذه الأيام، وأحدث المنازل يتم بناؤها بهذا الفكر، والمنازل القديمة يجري إعادة تشكيلها، وإعادة بنائها بحيث يكون هناك شعور بالاتساع، حتى المنازل الصغيرة يمكن فتحها، وطالما يتم إعادة توزيع الكتل بشكل صحيح، يمكن بسهولة إزالة الجدران، والمنازل ذات التصميمات المفتوحة هي الأكثر طلبًا في السوق العقارية، وغالبًا ما يشجع السماسرة المشترين بالمنازل ذات المساحات المفتوحة؛ لخلق اهتمام متزايد بهذه السلع.
هل المساحات المفتوحة أفضل أم غرفة الطعام التقليدية المنفصلة؟
ما هي الغرف المرغوبة أكثر، هل هي الأحدث ذات المساحات المفتوحة، أم غرفة الطعام التقليدية؟ في الحقيقة لا توجد إجابة صحيحة، أو خاطئة هنا، ويبدو أن الناس ينقسمون بالتساوي في ذلك، حيث يفضل البعض نظرة حديثة، ذات المساحات المفتوحة أكثر، بينما يفضل البعض الآخر التقسيم التقليدي مع مناطق منفصلة للجلوس، كما هو الحال مع كل شيء، ويأتي الجمال هنا من وجهة نظر الناظر، ويتعلق الأمر باحتياجات الأسرة ونمط الحياة، وربما حتى التقاليد.
أولئك الذين نشئوا في منازل بها غرف الطعام التقليدية، ولهم ذكريات مع وجبات الطعام في العطلات الرائعة قد يرغبون في الاستمرار مع هذه التقاليد، وتمرير هذه تصميمات إلى الأجيال المقبلة، في حين أن البعض يرى أن هذه الغرف مُضيعة لمساحة قيمة، والبعض الآخر يفضل وجودها، حتى لو كانت تستخدم لعدد قليل من المرات في السنة.
وفي استفتاء غير رسمي، أجاب حوالي النصف بتفضيلهم وجود غرف الطعام المنفصلة والمغلقة، بينما قال النصف الآخر؛ إنه يُفضل مساحة محددة لتناول الطعام، ولكن ليس في غرفة منفصلة.
مناطق تناول الطعام في المنازل والشقق الصغيرة
إن الكثيرين من الأميركيين ومعظم الأوروبيين يعيشون في منازل وشقق صغيرة للغاية مما يصعب الحصول على مناطق منفصلة لتناول الطعام، وبالنسبة لأولئك الذين يقيمون في الشقق والغرف العلوية والمنازل الصغيرة، يعتبر المطبخ مرة أخرى هو الغرفة المركزية في المنزل للترفيه؛ فضلًا عن اختلاف أغراض الطعام، في الغرف العلوية ذات المساحات المفتوحة، حيث الطاولات الكبير هي القطع المحورية في هذه المساحة، كما تصبح لطاولة المطبخ وظائف متعددة، حيث تقوم بتوفير ساعات من جلسات الطعام العائلية، والترفيه، وكذلك تصبح مكانًا للأعمال المنزلية، والحرف اليدوية، والألعاب.
ديناميكية الأسرة تتغير
مع ارتفاع تكاليف المعيشة، وضعف الاقتصاد، لا يمكن للكثير من الشباب العيش في منازل خاصة بهم؛ فقد أصبح الأمر الأكثر شيوعًا بين شباب اليوم، هو الرجوع لمنازلهم بعد إنهاء دراسته في الجامعة، بينما يبحثون عن عمل، ومحاولة ادخار القليل من المال، بالإضافة إلى ذلك، تزداد أعمار السكان؛ لأنهم يعيشون لفترة أطول.
والكثير من الأُسر، ومعهم أطفالهم، يسكنون في المنازل ذاتها مما يجعل من المنازل متعددة الأجيال، وهو ما يعيد تعريف مصطلح الأسرة الحديثة، وبالتالي هناك حاجة إلى المزيد من المساحة المعيشية، بدلًا من الحاجة إلى وجود منطقة منفصلة لتناول الطعام.