الرئيسية » القضايا والأحداث الفنية
فيرس كورونا

القاهرة - الدار البيضاء اليوم

يُهدِّد زمن كورونا الجميع بالشيخوخة المبكرة، فهيا نستعيد طفولتنا، هيا نتحلق حول الجدات، جداتنا اللاتي يحرسن ذاكرة شفهية شعبية ببعد كوني. لذلك، فلكل حكايات الجدات منطق يفهمه الأطفال في كل القارات. وكونية السرد هذه هي رهان هوليود لتكون حكاياتها وأفلامها ممتعة في كل البلدان،

وتسوق الأمل:
ابتسم للحياة
لا تنس أن تفتح قلبك
دع همك خلفك

يبدو أن البشر نسوا هذا تماما في زمن كورونا، بل وسيصفون الداعي له بالغباء. طيب تجهموا، فطيلة 2020 تعمقت الكآبة في المجال العام بعد جدل رسم كاريكاتيرات مسيئة دون ظهور كاريكاتوريات مبهجة، ثم انتخابات أميركية على حد الحبل، والرصاص في كاراباخ وإثيوبيا. يكفي هذا التجهم، هيا نهرب إلى الخيال بحثا عن فرح وعن نظرة إيجابية إلى الحياة كما في فيلم JINGLE JANGLE : UN NOËL ENCHANTÉ (نونبر 2020 إخراج دافيد تالبرت 1966) فيلم يحضّ على تحمل وحب الحياة، على الرغم من المصائب.

يستثمر الفيلم تقليدا عريقا في السرد الشفوي: أطفال يجلسون حول جدة لتحكي لهم قصة مشبعة بالأسرار عن صانع يدعى جيرونيكوس (أداء فوريست ويتايكر) يريد أن يرتقي إلى مرتبة فنان. يخصص كل وقته لفنه، يواجه الفنان المجهول ليقدم عالما من الأعاجيب.

كل الآلات التي يستخدمها البشر اليوم لم تنزل من السماء. لقد تطلب ابتكارها وقتا طويلا لكي تعمل بكفاءة. وفي هذا السياق، يريد جيرونيكوس أن يقدم عملا يصنع دهشة وبهجة الأطفال في أعياد الميلاد. يريد أن يرتقي من صانع إلى فنان. الفنان الحقيقي يسقط وينهض بطريقة أفضل تصيّره أفضل مما كان. بفضل هذه الابتكارات، صار موقع الفنان أعلى من موقع الحرفي في المجتمع. وحسب مؤرخ فني، فقد “ظهر الفنان كفاعل خلاق مستقل في نهاية القرن الخامس عشر في إيطاليا”. (جيمينيز مارك “ما الجمالية”، ترجمة شربل داغر، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت 2009، ص 52).

يصنع الفنان بهجة المدينة؛ لكن لديه منافس ظاهره صديق وباطنه عدو، يمكنه أن يسرق جهده ويفتخر به. منافس لا يصنع شيئا؛ لكن يعرف كيف يسوّقنفسه. في معركة الفنان والسمسار، حول الشهرة والثروة، عادة ينتصر السمسار.
في ظل هذه المصائب، يحتاج الفنان إلى أن ينمي مناعة إزاء الاستخفاف الذي سيتعرض له.

النتيجة فيلم موجه إلى الأطفال والكبار الذي أقرفتهم ظروف فيروس كورونا، فيلم فرجة كوميدية خفيفة تستعيد سينما السيرك، فيه نزعة بهلوانية زائدة. رسوم تتكلم، كائنات عجيبة ترقص.. يبدو الفيلم كاقتباس لأجواء ألعاب لوحات الإيطالي باشيو بالديني (baccio baldini 1436-1487).. هكذا استثمر الفيلم التأثير العجائبي للعالم البدائي، الذي امتد طويلا جدا بحيث ترك بصمته في تخيلات البشر.

ما معنى هذا لمفرج متجهم يخطط للانتحار؟
لا معنى له دون تواطؤ. شرط تلقي الدهشة هو التواطؤ معها. يقول جوناثان غوتشل: “إننا حين نَدخل عالمَ حكاية ما نتيح للراوي أن يقتحمنا، إذ يخترق صانع الحكاية رؤوسنا ويحكم السيطرة على عقولنا”. ولتحقيق ذلك، لا بد من “تعطيل طوعي لشك القارئ” (كتاب “الحيوان الحكاء كيف تجعل منا الحكايات بشرا؟” جوناثان غوتشل، ترجمة بثينة الإبراهيم، ص 15-19.) بهكذا التواطؤ الإرادي يبدأ التصديق ثم التماهي مع ما يجري من أحداث في الحكاية والفيلم.
حين نصدّق منطق الحكاية سنستمتع برقصات السيرك وبالكائنات الغريبة التي تخرج من رسومات الفنان، وقبل أن نملّ الرقص نقف على عزلة الفنان وهو يفكر في عمله.

يبدو الفنان في عزلته أقرب إلى قديسي الصحراء، يعمل تحت ضغط الديون. سبق لروائي روسي أن عاش في مثل هذه الظروف، إنها محنة الفنان حين يفارقه الإنجاز، لذلك ينعزل ليبدع. ما هو الإبداع؟ هو تقديم شيء جديد، ثوري، حديث. وهذا لا يدرك بسهولة.

ماذا يحتاج الفنان لكي ينجح؟ يحتاج إلى من يؤمن به من حوله، وهذا نادر. لذا، فكل فنان منبوذ كنبي بين أهله وهو واثق أنه يستحق العظمة. في الثلث الثالث للفيلم، قل قلق الفنان وزاد أمله في التفوق، صار يرقص مع الأطفال في عالم عجائبي. يتتبع الفيلم بصمات حكائية قديمة تتردد في مطلعه “كان يا ما كان في قديم الزمان”، تم استخدام ماكياج مبالغ فيه للإيهام بالمسافة الزمنية، بتقادم الحكاية.
يعرض الفيلم أطفالا نشيطين الخيال ويحبون المعرفة والاختراعات، بثت الطفولة حيوية هائلة في حياة الفنان العجوز، وقد مكنه الاستماع للأطفال من تجاوز أزمته الإبداعية، حررته الطفولة من كآبته.

عادة يحتقر الكبار مواهب الأطفال؛ لكن مع الزمن يستفيد الجد جيرونيكوس من مواهب الحفيدة.. الطفل لا يمل ولا يعرف الفشل وهو يعيد اللعب إلى ما لا نهاية.. يتضح أن ألعاب الأطفال تقوم على أسس رياضية، ومع تقدم الفيلم يتراجع الاستعراض وتتقدم البيداغوجيا. يجري حوار الأكبر سنا مع الأصغر سنا في وفاق تام في حكايات الجدات في كل الثقافات.

في هذه الحكايات، يحصل أن تكون الشخصيات خيرة وواضحة جدا؛ وهذا ممل. لذلك، يواجه الفنان شخصية شريرة، شخصية سمسار يتاجر بعرق الآخرين. المبدع يعاني وسارق جهده يستمتع بالشهرة والمال. بفضل الأطفال، يحل اللغز وتتحقق العدالة ويصير المستقبل أفضل، وهذه هي رسالة الفيلم إلى المتجهمين.

قد يهمك ايضا 

نجمات هوليوود يتضامنّ مع نساء تركيا ضد العنف المنزلي

نجوم هوليود يعتذرون عن المشاركة في المسلسل الأكثر إثارة للجدل "Rub & Tug"

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

براد بيت يُكذّب أنجلينا جولي ويتهمها باستغلال أولادهما
أنجلينا جولي تكشف عن تعرضها للعنف على يد زوجها…
أعمال درامية تاريخية تنتظر الجمهور خلال موسم رمضان 2023…
5 أفلام تتنافس في جذب الجمهور في موسم سينمائي…
نجمات أثرن ضجة بعدما تبرعن بأشهر أزيائهن من أجل…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة