تونس ـ أزهار الجربوعي
ترأس رئيس الحكومة التونسية علي العريّض، مجلسًا وزاريًا أقر خلاله البدء في إجراء التقشف في جميع الوزارات، فيما كشفت عن أهم المؤشرات الاقتصادية المُسجلة خلال العام الجاري 2013، منها تقلّص نسبة البطالة إلى 15.9%، وتراجع نسبة التضخم من 6.4 % الى 6.2 %، فضلا عن بلوغ الاحتياط من العملة الصعبة 107 يومًا توريد نهاية الأسبوع الماضي.
وأشرف العريّض، في قصر الحكومة في القصبة، على جلسة حكومية مضيّقة لدرس البيانات الاقتصادية والمالية المسجلة منذ بداية العام 2013، وقررت الحكومة اتخاذ إجراءات التقشف على مستوى جميع الوزاراة في عدد من مجالات التصرف كالانتدابات ومصاريف الطاقة وصيانة المعدات السيارة، مشدّدة على ضرورة تحسين مستوى إجراءات جمع الضرائب، وذلك بدفع مجهود استخلاص المستحقات، وبذل مزيد من الجهود في مجال الرقابة الجبائية، والإسراع بالبت في ملفات النزاعات الجبائية، فيما دعت الحكومة البنك المركزي التونسي إلى متابعة تغيّر سعر الصرف، لتقليص العبء الناجم عن هذا التغيّر على المؤسسات، والبحث في إرساء آلية لمساعدة المؤسسات المصدّرة وحمايتها من مخاطر تأرجح سعر الصرف، إلى جانب مزيد اعتماد آلية الصكوك كمصدر تمويل موازنة الدولة.
ولدى استعراضها لأهم المؤشرات الاقتصادية والمالية المسجلة خلال السداسية الأولى في 2013، كشفت الحكومة التونسية تسجيل نسبة نمو اقتصادي بـ 3 %، إلى جانب تقلّص نسبة البطالة إلى حدود 15.9%، وتراجع معدّل التضخم من 6.4 % إلى 6.2 %، وتسجيل عجز بـ 4.2 % من الناتج الداخلي الخام لميزان العمليات الجارية مقابل 4.6 % في 2012.
وتم تسجيل إجمالي احتياط من العملة الصعبة إلى 107 يومًا توريد نهاية الأسبوع الماضي، في حين بلغت نسبة تغطية الميزان التجاري 71.8 %، مع تسجيل تطور إيجابي للصادرات بنسبة 6.1 %، مقابل 5.4 % خلال الفترة نفسها من 2012، في حين تراجع تراجع نسق تطور الواردات إلى 4.8 %، بعد أن بلغ 14.4 % خلال السداسي الأول من 2012، فيما أكدت الحكومة التونسية، تطور حجم الاستثمارات المُصرّح بها في قطاع الصناعات المعملية بنسبة 23.1 %، مقارنة بالفترة نفسها في العام 2012، مع تسجيل تراجع في حجم الاستثمارات الخارجية بـ 1.3 %.
وفي ما يتعلق بالقطاع السياحي، أكد مجلس الوزراء التونسي، تسجيل تحسّن بشأن الليالي المقضاة بنسبة 1.8 %، فيما ارتفعت العائدات السياحية بنسبة 0.2 %، وقفز عدد السياح بنسبة 4.8 %، في حين تم تسجيل نمو دخل الضرائب بنسبة 4.4 %، مقابل ارتفاع نفقات التصرف بـ 25.8 % الآتية أساسًا من ارتفاع نفقات الدّعم والزيادات في الأجور، كما تحسّن إنجاز نفقات التنمية بـ17 % بنسبة استهلاك بلغت 23 %.
وأقر المجلس الوزاري التونسي، في اختتام أعماله، جملة من التوصيات تتعلق أساسًا بوضع خطّة اقتصادية ومالية تشتمل على إجراءات وتدابير لمصاحبة الفترة المتبقية من السنة المالية 2013، والاتفاق على تكوين لجنة تضم كل من رئاسة الحكومة والبنك المركزي التونسي ووزارات المال والصناعة والسياحة والتجارة لمتابعة هذه الخطّة، فضلاً عن إرساء خطة لبقية السنة لدعم ومزيد إحكام متابعة القطاع السياحي، بما يمكن من الترفيع في مردوديته وفي إسهامه في الاقتصاد الوطني.
وأقرّت الحكومة التونسية، جملة من الإجراءات لصالح دفع النشاط في قطاع المناجم خلال الفترة المتبقية من 2013 وذلك برفع مستوى نسق الإنتاج، واستغلال المخزون المتوافر وضمان نقله إلى مصانع المجمع الكيميائي، وتوفير الظروف الملائمة كافة لهذه العملية.
وأوصت حكومة العريض، باتخاذ التدابير الملائمة التي من شأنها ترشيد التوريد واستحثاث نسق التصدير، وتكليف مصالح وزارة التجارة والبنك المركزي التونسي والديوانة للسهر على تنفيذها، إلى جانب العمل على ترشيد استهلاك الطاقة، وبلورة تمشي في مجالي الكهرباء والغاز يمكن من تعديل الأسعار بالنسبة لبعض الأصناف من المستهلكين، بما يخفف العبء على ميزان الدفوعات.
واعتبر خبراء الاقتصاد، أن إجراءات التقشف التي أعلنت عنها الحكومة التونسية قد جاءت متأخرة، وتكشف تنامي الشعور بالخطر المتزايد من إفلاس الدولة جرّاء اختلال موازناتها المالية بفعل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، بسبب ارتفاع ظواهر العنف والإرهاب والاغتيال السياسي الذي أسهم في فقدان ثقة المستثمرين في مناخ الأعمال التونسي، زيادة على التدحرج المتواصل لتصنيف الديون التونسية طويلة الأجل إلى درجة BB عالية المخاطر.
وحذّر خبراء الاقتصاد في تونس، من إمكان إعلان إفلاس الدولة نهاية العام الجاري، بفعل اختلال التوازنات المالية، مطالبين بوضع حد للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ اغتيال المعارض السياسي محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو الماضي، لتجديد الثقة في مناخ الأعمال في البلاد.
واعتبر الخبراء، أن تونس تقف على درجتين من الإفلاس على خلفيّة خفض وكالة " ستاندرد أند بورز" التصنيفات الائتمانية لديون تونس السيادية الطويلة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية بدرجتين، مؤكدين أن ما آل إليه وضع الاقتصاد يعود بالأساس إلى عدم الاستقرار السياسي في تونس، إلى جانب تذبذب العناصر الأساسيّة للاقتصاد الوطني وهي التصدير والسياحة التي سجّلت انخفاضًا بـنسبة 20 % .
ورغم صيحات الفزع التي أطلقتها اتحادات رجال الأعمال في البلاد ومنظمات المجتمع المدني، التي طالبت بضروة فضّ الأزمات السياسية المتلاحقة التي ساهمت في تدهور الاقتصاد، ووضع حد لفترة الانتقال الديمقراطي التي طالت أكثر من اللازم، لا تزال الحكومة التونسية تؤكد أن الاقتصاد ليس بالوضع الكارثي الذي يروّج له البعض، مؤكدة سلامة التوازنات المالية للدولة، وقدرتها على الوفاء بتعهداتها الخارجية، وعلى سداد ديونها وخلاص أجور موظفيها.