الرباط - الدار البيضاء
واجه الصادرات المغربية ابتداءً من يناير 2023 تحدياً كبيراً يتمثل في شروع الاتحاد الأوروبي في تطبيق آلية تعديل الكربون عند الحدود، التي سينتج عنها فرض ضريبة على الواردات ذات البصمة الكربونية القوية.وفي مرحلة أولى، تستمر إلى غاية نهاية 2025، لن تتضمن هذه الآلية سوى إجبارية التصريح ببصمة الكربون، وستشمل فقط ستة قطاعات؛ وهي الكهرباء والحديد والصلب والأسمدة والألمنيوم والإسمنت.وتندرج هذه الآلية في إطار مبادرة “Paré pour 55” التي قدمتها المفوضية الأوروبية في يوليوز 2021، وتهدف إلى تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، لتصبح القارة الأوروبية محايدة مناخياً في أفق سنة 2050.ومن المرجح أن ينتج عن آلية تعديل الكربون عند الحدود انخفاض في واردات الاتحاد الأوروبي من السلع عالية الكثافة الطاقية بنسب تتراوح ما بين 0.62 و14.3 في المائة، مقابل ارتفاع صادراته بوتيرة تتراوح ما بين 0.38 و4.46 في المائة.
وستكون لهذه الآلية نتائج إيجابية بالنسبة للدول المتقدمة التي تتوفر على أنماط إنتاجية ذات انبعاثات كربونية ضعيفة، أو تلك التي تتوفر مسبقاً على أنظمة لتسعير الكربون.وبالنسبة للمغرب، يعتبر الاتحاد الأوروبي شريكاً رئيسياً بنحو 60 في المائة من الصادرات في المتوسط. وفي سنة 2020 بلغ رقم المعاملات من الصادرات المغربية نحو الاتحاد 167.8 مليارات درهم، 3 في المائة منها معنية بالمرحلة الأولى من آلية تعديل الكربون عند الحدود، خاصة قطاع إنتاج الأسمدة.
وبحسب دراسة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية فإن الضريبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قد تؤدي إلى تراجع الصادرات الوطنية من المنتجات عالية الكثافة الطاقية بنسبة 1.06 في المائة، مقابل تعريفة جمركية محددة في 44 دولاراً للطن الواحد من ثاني أكسيد الكربون، وبنسبة 1.95 في المائة إذا تم تحديد تعريفة بـ88 دولاراً للطن.ووفق التقرير السنوي لبنك المغرب برسم 2021، الصادر مؤخراً، فإن تأثير آلية تعديل الكربون عند الحدود ستكون أكثر أهمية بالنسبة للمغرب إذا تم توسيع نطاق تطبيقها ليشمل قائمة أوسع من المنتجات والخدمات أو الانبعاثات غير المباشر، مثل تلك الناتجة عن الكهرباء المستخدم في عمليات الإنتاج.
ووفق معطيات البنك الدولي فإن الكمية التي يصدرها المغرب من ثاني أكسيد الكربون تفوق المتوسط العالمي بنسبة 46 في المائة، وتتجاوز ما تصدره منطقة اليورو بما قدره 3.4 مرات. وبالمقارنة مع منافسيه الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي، فإن معدل انبعاثات المغرب مماثل لما يسجل في مصر، ويفوق دولا مثل تركيا وأميركا، ويسجل أقل من اقتصاديات أخرى مثل روسيا والصين.ويفرض هذا التحدي على المغرب تكييف عمليات الإنتاج مع المتطلبات الأوروبية من حيث محتوى الكربون، وما يرافق ذلك من تكاليف باهظة، وهو ما يستدعي تنفيذ الإستراتيجيات التي أطلقت في هذا المجال، لاسيما المتعلقة بالنجاعة الطاقية وتطوير الطاقات المتجددة لتحقيق الهدف الأبرز المتمثل في إنتاج 80 من الكهرباء خالية من الكربون.
قد يهمك ايضاً