تونس ـ أزهار الجربوعي
عقدت الحكومة التونسية، جلسة عمل لدرس سبل إنعاش قطاع الفسفات في الثلاثية الأخيرة من العام الجاري، قرر خلالها وضع خطة للوصول إلى 12 قاطرة إنتاجية يوميًا، ووضع عدد من الإجراءات لتحفيز الاستثمار على غرار إحداث هيئة عمومية للاستثمار، يتم لاحقًا ضبط شكلها القانوني، فضلاً عن إدراج الامتيازات الضريبية الخاصة بالتشجيع على الاستثمار، ضمن أحكام القانون الجديد الذي لا يزال قيد الدرس.
وأشرف رئيس الحكومة التونسية علي العريّض، على الجلسة الوزارية، لمتابعة أهم المؤشرات والمعطيات لتطوير لإنتاج مادة الفسفات في الحوض المنجمي التونسي الواقع في محافظة قفصة ( 350 كم جنوب غربي العاصمة التونسية)، خلال الأشهر الأربعة المتبقية من العام الجاري 2013، حيث أوضحت الحكومة، أنه تمّ تسجيل استرجاع تدريجي للنسق العادي لإنتاج ونقل الفسفات لا سيما في مدينة الرديف، نتيجة تحسّن الوضع العام في المنطقة، لا سيما من حيث الاستقرار الأمني والاجتماعي، بعد أن كلفت الاظطرابات الاجتماعية والاحتجاجات وقطع الطرق أمام مسالك إنتاج وتوزيع الفسفات، خزانة الدولة منذ نهاية العام الماضي، خسائر فادحة قدرت بـ 3 ملايين دينار يوميًا.
وأقرّ مجلس الوزراء التونسي، خلال الجلسة، جملة من الإجراءات لتحفيز إنتاج الفوسفات، الذي يُعد أحد أهم القطاعات الحيوية التي يعول عليها الاقتصاد التونسي، من بينها مواصلة تفعيل القرارات والتوصيات الوزارية السابقة لاسترجاع نسق إنتاج ونقل وتحويل الفسفات وضبط أهداف كمية لتدعيم النقل الحديدي ببلوغ معدّل 10 قاطرات في اليوم لشهر أيلول/سبتمبر المقبل، و12 قاطرة في الثلاثية الأخيرة في 2013، وتفعيل الإجراءات الخاصة بتأمين الإنتاج والنقل والإدارة وتكثيف التنسيق بين وزارات الصناعة والنقل والداخلية والدفاع الوطني والهياكل الإقليمية، بالإضافة إلى وضع مخططات عملية لتطوير هيكلة ونشاط شركات البيئة والنقل والصيانة، بما يسمح بحسن توظيف مواردها البشرية، والتعجيل بإنجاز البرامج والمشاريع التنموية والاجتماعية والبيئية، والشروع في برنامج انتدابات الإطارات في "شركة فوسفات قفصة" و"المجمع الكيميائي التونسي"، طبقًا للتشريع القانوني الجاري العمل به.
وكلّف مجلس الوزراء، "خلية يقظة ومتابعة" لمتابعة القرارات المعلن عنها إشراف رئاسة الحكومة، إلى جانب وزراء الصناعة والداخلية والدفاع الوطني والعدل والنقل، تتولى إعداد تقرير متابعة دورية لنشاط القطاع، فضلاً عن إعداد خطة استشرافية لضمان سلامة التوازنات المالية لقطاع الفوسفات، فيما شدّدت الحكومة على ضرورة تدعيم التواصل وانفتاح القطاع على مختلف مكونات المجتمع المدني، لهدف إرساء مناخ اجتماعي سليم يضمن استمرارية النشاط وتطويره بالنسق المطلوب، لا سيما أن توقف نشاط الفوسفات في مدن الحوض المنجمي بداية العام الجاري، قد خلّف تداعيات كارثية على التصدير، مما أصبح يهدد الاقتصاد الوطني بالانهيار، نظرًا إلى ما يوفّره "المجمع الكيميائي" و"شركة فسفات قفصة" من العملة الصعبة.
وقد أصاب الشلل مختلف أنشطة "شركة الفوسفات التونسية"، في كل مدن الحوض المنجمي، وطال جميع المواقع الإنتاجية، بسبب تعمّد بعض المحتجين المطالبين بإدماجهم في الشركة وآخرين منادين بتحسين وضعياتهم، منع خروج شاحنات الفوسفات من منطقة أم الخشب، كما تعطلت حركة القطارات المحمّلة بمادة الفسفات إلى "المجمع الكيميائي" في المظيلة وقابس، وكذلك إلى معامل التكرير والتحويل في صفاقس، إضافة إلى قطع الماء على مغسلة الفوسفات في كاف الدور، لأشهر وبشكل متقطع، وهو ما جعل تونس تفقد العديد من الأسواق الأجنبية، علاوة على تراجع الإنتاج إلى أكثر من 60% في 2012 .
وأعلنت الحكومة التونسية، عن جملة من الإجراءات التحفيزية الرامية إلى تشجيع الاستثمار، التي من المنتظر إدراجها في الصيغة المُعدّلة لمشروع قانون الاستثمار الجديد، في حين أقرّت إنشاء هيئة عمومية للاستثمار، يتم لاحقًا ضبط شكلها القانوني ومشمولاتها وشروط استقلاليتها، وذلك اعتمادًا على نتائج الدراسة التي يتم إعدادها في هذا الشأن، معلنة إيلاء الأولوية لمبدأ حرية الاستثمار مع مراعاة التشريع الخاص بممارسة الأنشطة الاقتصادية، والدعوة إلى التنسيق مع مختلف الوزارات في ما يتعلق بضبط قائمة أنشطة الخدمات غير المصدرة كليًا، التي تخضع للترخيص، عندما تتجاوز المساهمة الأجنبية فيها 50% من رأس المال، في حين دعت الحكومة إلى التنسيق مع مصالح مستشار القانوني والتشريع ومختلف الوزارات المعنية، لاستكمال التدقيق في الصيغة النهائية لمشروع قانون الاستثمار الجديد، لهدف عرضه على مجلس الوزراء في أقرب وقت.
وشدد وزير الاقتصاد التونسي رضا السعيدي، على حرية تحويل المستثمر غير المقيم لأمواله إلى الخارج، وذلك وفق التشريع المتعلق بالصرف الجاري العمل به، فضلاً عن إدراج الامتيازات الجبائية (الضريبية) الخاصة بالتشجيع على الاستثمار، ضمن أحكام قانون الاستثمار، لضمان الشمولية ووضوح الرؤية بالنسبة إلى منظومة الاستثمار.