الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
المدينة الحمراء

مراكش- ثورية ايشرم

يستغل المغاربة اقتراب حلول شهر رمضان الكريم كونه الفرصة الكبرى للتقرب من الله، وهو مناسبة مهمة يستغلها المواطنون لإحياء المودة والرحمة وصلة الرحم والقيام بمجموعة من الأنشطة التقليدية والطقوس الدينية والشعبية وتطبيق مختلف العادات التي تختلف من مدينة إلى أخرى، لاسيما في مراكش التي يشهد لها العالم بالشعبية والروح التقليدية التي تطغى عليها في جميع مرافقها الداخلية والخارجية.

وفي كل عام تجد المراكشيين كلما اقترب شهر رمضان الكريم يشرعون في تطبيق عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم لاستقبال هذا الشهر أحسن استقبال، وربما تكون هذه الطقوس التقليدية والعادات قد اختفت من معظم المدن المغربية ومعظم الأحياء الراقية في المدينة نفسها؛ بحكم التطور وضيق الوقت وكون العائلات الكبرى أصبحت تعيش بعض التفككات التي أدت إلى استقلال الابن عن أهله واستقلال الأب عن الجد الكبير، إضافة إلى ساعات العمل التي يقضيها الرجل وزوجته خارج المنزل ما ساهم في اختفاء هذا الجو الرمضاني من معظم البيوت.

 إلا أن مراكش تتميز لاسيما المدينة العتيقة بحفاظ سكانها على طقوسهم التي لا يمكن التخلي عنها مهما كانت الظروف ومهما عرفت المدينة من تطور فلا يمكن أن يكون لشهر رمضان ذلك المعنى الحقيقي دون طقوس استقباله والإعداد له بكل ما في الكلمة من معنى، فتجدهم على قدم وساق منذ دخول شهر شعبان وهم يشرعون في القيام بمجموعة من الأنشطة الدينية والشعبية.

وأول هذه الطقوس هو احتفالات "شعبانة" التي تنطلق في شهر شعبان وتحتفل بها جميع الحارات الشعبية؛ إذ يجتمع الأفراد حول مختلف الأطباق التقليدية المغربية التي يتقدمها طبق الكسكسي بـ7 أنواع من الخضر، إضافة إلى مختلف الطواجن التقليدية المغربية التي يتقدمها طبق المقفول وطبق الطنجية المراكشية التي يتخصص في إعدادها الرجال، فضلاً عن عدد من الحلويات المغربية وكؤوس الشاي المنعنع، الذي يبقى الرفيق الأول والأخيرة لكل مغربي في كل المناسبات وفي جميع الأوقات.
وتعتبر هذه الاحتفالات التقليدية التي تسبق شهر رمضان والتي يطلق عليها في المغرب "شعبانة" مناسبة مهمة يلتقي فيها الأفراد ويرقصون ويغنون ويمرحون ويتبادلون أطراف الحديث، لاسيما النكات المغربية المضحكة التي يتميز بها صناع الفرجة وهم المراكشيون.

إضافة إلى القيام بطقس إعداد مختلف الأطباق المغربية الخاصة بشهر رمضان والتي تجد في مقدمتها حلويات الشباكية التي تعتبر الطبق الرئيسي والأكثر شهرة في المغرب، وهي من الحلويات التي تشترك فيها المدن المغربية؛ إذ لا يمكن أن تدخل بيتًا من البيوت المغربية في هذا الشهر الكريم دون أن تجد هذا الطبق على الطاولة، فضلاً عن أطباق "سلو" أو السفوف الذي يعد كذلك رئيسيًا ومهمًا على طاولة الإفطار الرمضانية.
ولا يمكن لهذه الأطباق في مراكش أن يمر إعدادها بطرق عادية جدًا، بل يتم الاستعداد لها بتطبيق مجموعة من الطقوس التي قد تختلف كثيرًا عن المدن الأخرى؛ ففي مراكش تتفق النساء جميعًا على اقتناء الأغراض اللازمة لإعداد هذين الطبقين ثم يجتمعن في بيت واحدة منهن ويشرعن في إعداد الشباكية التي تعتبر صعبة جدًا وتأخذ وقتًا كبيرًا في إعدادها.

وتجد النساء يتبادلن الأهازيج المراكشية فيما بينهن بصوت ولحن شعبي خاص بها، وهو الطقس ذاته الذي يقمن به عند إعداد طبق "سلو" وفور الانتهاء من ذلك تجدهن حول مائدة وجد عليها كل ما لذ وطاب من الأطباق والمأكولات والحلويات المغربية يرقصن ويعزفن على الآلات التقليدية منها "البندير" و"الطعريجة" و"الناقوس" لخلق جو من المتعة التقليدي المميز الذي لا يمكن أن تجده إلا في مراكش وأحيائها الشعبية.

كما أنه لا يمكن إقصاء الرجال من جو شهر شعبان والأعداد لشهر رمضان فهم كذلك يقيمون احتفالاتهم الخاصة بهم بأعداد أطباق "الطنجية المراكشية" والاتجاه إلى مختلف الفضاءات الخضراء أو كما يطلقون عليها "المنزه" لقضاء وقت ممتع بين أحضان الطبيعة والجلوس، تحت ظل أشجار الزيتون والنخيل ومختلف الفواكه والثمار، كالتوجه إلى حديقة المنارة، أو حدائق شارع محمد السادس، والحي الشتوي، وحدائق أكدال، وكذلك حديقة الحسن الثاني، أو كما يطلق عليها بين المراكشيين حديقة الواحة.
وتجدهم يرقصون على أنغام الدقة المراكشية ويتبادلون الغناء والأهازيج الفولكلورية التي يتقنها الكبير والصغير في هذه المدينة التي ما تزال تحافظ على ثقافتها الشعبية المميزة التي لم يغيرها الزمان،  ولم تؤثر فيها أيّة عوامل.
سكان مراكش يحافظون على شعبيتهم التي يمارسونها قبل وأثناء وبعد رمضان وفي مختلف المناسبات الدينية التي تجدهم يتبادلون فيها الزيارات ومختلف الطقوس التي تجعلهم سكان المدينة الشعبية بامتياز.

حتى مع ارتفاع الحرارة في شهر رمضان فهذا لم يشكل يومًا عائقًا أمام سكان مراكش، بل أصبح حافزًا قويًا يجعلهم يعيشون أجمل اللحظات وأروعها بعد صلاة العشاء والتراويح حيث يخرج المراكشيون من بيوتهم إلى الاستمتاع بروعة الطقس في مختلف الفضاءات المنتشرة في المدينة، والتي تتحول إلى ملاذٍ لعشاق التنزه وتناول وجبة السحور في الهواء الطلق برفقة الأصدقاء والأهل في جو عائلي كبير يشعر بالدفء والأخوة والرحمة والتسامح لا يمكن أن تحسه إلا وأنت بين أحضان المدينة الحمراء.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر
الروائية رشا عدلي تكشف المستور و"شغف" تصل بها إلى…
أنور الخطيب يوقّع ديوانه المنَحوتة مفرداته " كثير الشوق"…
في افتتاحه معرض الشارقة الدولي للكتاب الشيخ سلطان يعلن…
فيلم "أزرق القفطان" لمخرجته مريم التوزاني لتمثيل المغرب في…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة