الدارالبيضاء - حاتم قسيمي
تنطلق، السبت 14 حزيران/ يونيو 2014، مراسيم افتتاح الدورة السابعة عشرة لمهرجان "السينما الأفريقية" في خريبكة المغربية، والتي ستستمر إلى غاية 21 من الشهر الجاري، بحضور ومشاركة 17 دولة تضم نخبة من السينمائيين والنقاد ونجوم الفن السابع المغاربة والأفارقة ومهتمين من قارات مختلفة، والتي ستسلط الأضواء على آخر الإنتاجات السينمائية الأفريقية، حيث سيعُرض فيها 41 فيلمًا سينمائيا عبر الشاشات السبع الموزعة في عدد من دور السينما، وذلك في إطار تعميم المشاهدة السينمائية بين شرائح المجتمع في إحدى ساحات المدينة يوميًا، بدءًا من الساعة التاسعة ليلاً في الهواء الطلق في ساحة مرجان لاستفادة وإشراك سكان خريبكة في هذه التظاهرة الأفريقية الكبرى، ولإشاعة الثقافة السينمائية وسط سكان وشباب الإقليم، خاصة الطلبة الجامعيين، ومن ضمن هذه الأفلام طبعًا عرض 14 فيلمًا سينمائيا مطولاً للمسابقة الرسمية يمثلون دول تونس، رواندا، جنوب أفريقيا، السينغال، إثيوبيا، غينيا بيساو، الكونكو، تشاد، الكاميرون، زيمبابوي، مالي، مصر والمغرب، للظفر بالجائزة الكبرى للمهرجان "عثمان صامبين"، والجوائز السبع التي تبلغ قيمتها الإجمالية 400 ألف درهم مُقدَّمة من قِبل المؤسسة الشريفة للفوسفات.
وتتمثل هذه الأفلام المعروضة في المسابقة الرسمية للمهرجان في "وداعا كارمن" للمخرج المغربي محمد أمين بنعمراوي، "الصوت الخفي" للمخرج المغربي كمال كمال، "سم دوربان" للمخرج اندري ورسدال من أفريقيا الجنوبية، "كري- كري" للمخرج التشادي محمد صلاح هارون، "غـــــــبار وثروات" للمخرج غوستيس شابوانيا من زيمبابـوي، "آفاق جميلة" للمخرج الإثيوبي هور ستيفان غاغير، "ايمبابزي/، العفو" للمخرج الرواندي غوال كاريكوزي، "معركة تاباتو" للمخرج غوا فيانا من غينيا بيساو، و".ا.ك.ا" للمخرج الكاميروني فرونسواز ايلونك، "نكونو نكونو كان /، إشاعات حرب" للمخرج المالي سيسوبا سيسي، "عـشـم" للمخرج المصري ماجي مرجان، "بين المطرقة والسندان" اموك ليمرا من الكونكو، "أرصفة دكار" للمخرج السينغالي هوبير لابا نداو، وأخيرا فيلم "نسمة" لمخرجه التونسي حميدة الباهي.
وتضُم عضوية لجنة تحكيم المهرجان التي سيترأسها المخرج السينمائي من الكوت ديفوار يميتي باصوري كلاً من المنتجة السينمائية الإيطالية كارولين لوكاردي، الإعلامي المغربي عمر سليم، المنتج السينمائي الكاميروني باسيكو باكوبيو، مدير مركز سينمائي في السينغال دياز هوكبي، المنتجة السينمائية المغربية رشيدة سعدي، الممثلة السينمائية البينينية ساندرا أدغاهو.
أما الجائزة الثقافية الموازية "دونكيشوط- سينيفليا"، فتقدمها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية في المغرب، وتتشكل لجنة تحكيم هذه الجائزة من أحمد سلم رئيسًا وعضوية بوبكر حيحي ومحمد الفاضيل، وتمنح هذه الجائزة من قِبل الجامعة الوطنية للأندية السينمائية في المغرب والجائزة ذات حمولات ثقافية، فهي رمزية تُقدَّم لدعم الأعمال السينمائية التي أنجزها سينمائيون بنوع من التحدي لتجاوز عوز الإمكانات المالية".
ويُميِّز الدورة الحالية، كما أبلغت بذلك إدارة مؤسسة المهرجان، كونها تستضيف إحدى الدول التي ساهم سينمائيوها في بناء السينما الأفريقية، وشاركوا الى جانب عدد من السينمائيين في دورات مهرجان السينما الأفريقية في خريبكة أنها: دولة الضيف " الكوت – ديفوار / ساحل العاج "، وجاء اختيار دولة الكوت- ديفوار لتكون الدولة الضيف في المهرجان لعدد من الاعتبارات منها: الاحتفال بنصف قرن من تاريخ السينما اعتبارًا أن أول عمل سينمائي من الحجم المتوسط عنوانه: "على تل رمال العزلة" من إخراج تميتي باصوري، والمشاركة المكثفة للسينمائيين الإيفواريين بما مجموعه ستة عشر شريطًا، ثم المشاركة ضمن عضوية لجان التحكيم، وتكريم بعض السينمائيين الإيفواريين، كما أنه خلال الدورة السادسة لسنة 1994 وللمرة الأولى في تاريخ المهرجان، حصلت الممثلة العاجية ناكي سي سافانا على أول جائزة نسوية، من خلال مشاركتها في فيلم "باسم المسيح"، والممثل السان توري الذي حصل على أول جائزة رجالية بفيلم "فارو/ الجائزة الكبرى"، في الدورة ذاتها، ناهيك عن علاقة التعاون السينمائي التي تربط البلدين المغرب ودولة الضيف " الكوت – ديفوار / ساحل العاج".
ويتضمَّن البرنامج العام لهذه الدورة المحاور التالية: المسابقة الرسمية، حفل التكريم، السينما الضيف، الورشات في مجالات السيناريو، المونتاج الرقمي، إدارة التصوير، إدارة الممثل، ثم الأنشطة الموازية، الندوات: الندوة الرسمية، والندوات الليلية، وتتمحور الندوة الرئيسية للمهرجان عن "الدولة والسينما في أفريقيا"، حيث تعتبر حلقة إضافية لمحاور السينما في أفريقيا التي ناقشتها ندوات سابقة في خريبكة منذ دورته الأولى لسنة 1977. وستواكب أطوار هذه الدورة وسائل الإعلام بجميع دعائمها تمثل منابر محلية ومناطقية ووطنية وقارية ودولية.
وانطلق هذا الموعد السينمائي القاري الأفريقي سنة 1977، على شكل "ملتقى دولي للسينما الأفريقية"، بدعم من الجمعية الثقافية للمكتب الشريف للفوسفات، والجامعة الوطنية للأندية السينمائية، والنادي السينمائي في خريبكة، الذي يُعتبر من أوائل الأندية السينمائية بالمغرب حيث يعود تأسيسه إلى سنة 1934، وتَمَّ في سنة 1988 احتضان الملتقى من قِبل المجلس البلدي للمدينة، ليعرف بعدها مرحلة من الركود دامت 6 سنوات، قبل أن يرتقي الملتقى إلى "مهرجان السينما الأفريقية"، ابتداءً من الدورة السابعة المنظمة سنة 2000.
وأفلحت الجمعية في ضمان استمرارية المهرجان وانتظامه مرة كل سنتين من سنة 2000 إلى 2008، كما أن مؤسسة المهرجان استطاعت أن تدشن سنة 2009 أول دورة سنوية استمرت إلى حدود الدورة الحالية السابعة عشرة المنظمة من 14 إلى 21 حزيران/ يونيو 2014، بدعم قوي من رئيس المجلس الإداري لمؤسسة مهرجان السينما الأفريقية نور الدين الصايل.
ولعبت مدينة خريبكة دورًا أساسيًا منذ سنة 1977 باحتضان ملتقى السينما التي تجتمع فيه العديد من الدول الأفريقية يفوق عددها 14 دولة في كل دورة، على الرغم من توقف الدبلوماسية المغربية وجمودها عقب انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الأفريقية، في القمة الأفريقية في نيروبي سنة 1984، بعد عجز المنظمة واعترافها بجبهة البوليساريو الوهمية عضوًا فيها حال دون مساعي المنظمة الأفريقية للوصول إلى أي حل بخصوص القضية الوطنية، مما يُعَد بالتالي مهرجان خريبكة مؤتمرًا وقمة إفريقية بامتياز سيرجع الدفء من جديد للعلاقات المغربية الإفريقية، خدمة لمصحة دول وشعوب القارة السمراء، حسب ما أكّده أحد المنظمين لـ "المغرب اليوم".