الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت ثاتشر

برلين - الدار البيضاء اليوم

الفنان النيوزيلندي سيمون داني الذي يعيش حاليا في برلين يجمع في معرضه الفني الجديد بين أسماء لماركة ملابس شهيرة وملابس رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت ثاتشر وشركة علاقات عامة. ويعد داني هو الشخصية التي تقف وراء العرض الجديد في غاليري ألتمان سيغيل في سان فرانسيسكو الأميركية تحت عنوان «الأمن عبر الغموض»، والذي يمزج بين علامة «باتاغونيا» منتجة الصديري الرجالي المفضل لدى رؤساء شركات التقنية، و«سيلزفورس» (شركة علاقات العملاء العملاقة)، ورئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت ثاتشر. وكانت النتيجة عبارة عن أطروحة بصرية حول عدم المساواة في الدخل، والرأسمالية العالمية، والعالم الرقمي القائم على مرجعيات اتجاهات الموضة المختلفة.

ويثبت العرض أيضا أن الملابس ما تزال جزءا حقيقيا لا يتجزأ من عملة عصرنا الحاضر، بصرف النظر عن الأماكن التي يصرفك إليها بصرك أينما حللت، بعد كل شيء، لا يمكن لماركة «باتاغونيا» ومارغريت ثاتشر أن تتحولا إلى الأسماء التي يمكن لأغلب الناس أن يضعوها في عبارة واحدة. فإن أيام الأوج والعنفوان بينهما تفصل بينها عقود طويلة، كما تنفصل قواعد قوتهما عبر المحيط الواسع، فضلا عن فلسفات الحياة لكل منهما والتي هي أبعد ما تكون عن التماهي.

ورغم ذلك فهناك قاسم مشترك ما يجمع بين باتاغونيا ومارغريت ثاتشر: إذ منح كل منهما العالم أفكارا من الملابس والأذواق التي تجاوزت أصولهما المتباينة وتحولت إلى رموز وشعارات على مستوى عالمي، ففي حالة باتاغونيا، على سبيل المثال، كان «الصديري» الرائع ذو السحاب التذي تحول إلى ما يشبه الزي الرسمي لفعاليات عالم رأس المال الخاص ورأس المال الاستثماري ومختلف شركات التقنية التي تعشقه.

وفي حالة السيدة ثاتشر، استكمالا للمثال نفسه، كان الوشاح الحريري الذي اعتبر - مع التنورة الكلاسيكية والبلوزة الرصينة - من أبرز علامات القوة والبأس للسيدة الملقبة دوما بالمرأة الحديدية، وهي المرأة التي كانت ترتدي ملابسها - تماما كمثل الجنرال الذي يتأهب للحرب والقتال - في معاركها لتحرير الأسواق وجلب الرأسمالية القاسية إلى الأجواء المالية البريطانية.

وبالجمع بين الرمزين، تمكن الفنان داني، البالغ من العمر 37 عاما، من العثور على شكل وصياغة الفكرة، من المعروف عن داني أعماله التي تستكشف ثقافة التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع. ولقد نشأ منذ نعومة أظفاره في نيوزيلندا ثم انتقل بعد ذلك إلى ألمانيا في عام 2007 للالتحاق بمدرسة الفنون هناك.

وبعد التخرج، شرع في تطوير بصمته الفنية الذاتية، إذ بدأ في متابعة الشخصيات التي اعتبرها من قوى التغيير النموذجي، حيث كان يتابع تغطياتهم الصحافية، وخطاباتهم، ومؤلفاتهم، ويراجع ويتحقق من مدى التقدم الذي أحرزوه في حياتهم العملية، وكان من بينهم بيتر تيل. وكان هو شخصية معرض داني في عام 2019 في أوكلاند عاصمة نيوزيلندا تحت عنوان «مفارقة المؤسس». وكان تيل هو رجل الأعمال الرأسمالي الاستثماري التقني الكبير الذي اشتهر بشراء مساحات كبيرة من الأراضي في تلك البلاد، حتى أطلقوا عليه اسم اللورد تيبولت المستوحى من لوحات الألعاب الخيالية. كما طرح داني شخصية دومينيك كامينغز، مهندس الانتصار الانتخابي الذي ناله بوريس جونسون، في محاولة للمقارنة بينه وبين السيدة ثاتشر.

وقال داني، في مقابلة هاتفية من برلين قبل أيام قليلة من الافتتاح: «كانت السيدة ثاتشر ملء السمع والبصر في ثمانينات القرن الماضي، إذ كانت تصوغ نوعا جديدا من السياسات التي تركز على الفرد، مع إلغاء الضوابط التنظيمية قدر الإمكان، مع طرح رؤى الليبرالية العالمية الجديدة»، ورغم أن داني قد سبق له تنظيم المعارض في متحف «موما بي إس وان» وأيضا لدى «سيربنتين» (غاليري في لندن، ومثّل بلده نيوزلندا في الدورة 56 من بينالي فينيسيا الدولي في عام 2015)، فإنها تعتبر المرة الأولى التي يستعين فيها بالموضة والأزياء في أعماله الفنية، ويرجع ذلك جزئيا إلى تأثره بشخصية مارغريت ثاتشر.

وفي أوائل عام 2019 رأى داني كاتالوغا لأحد مزادات دار كريستيز والذي كان يضم عددا من الأوشحة الخاصة بالسيدة مارغريت ثاتشر. وقال داني عن ذلك: «كان هناك عدد من الأشياء التي جرى بيعها، ولكن كثيرا منها كان باهظ الثمن للغاية»، وكان من بينها سترات، ومجوهرات، وفضيات، ومزهريات مزخرفة. ومع ذلك، كانت الأوشحة الحريرية من المعروضات التي حازت على كثير من الزخم، «لقد فكرت، يا للهول! يمكن لتلك الأوشحة أن تكون مادة فنية جديدة وجريئة بالنسبة لي. أعلم أنني أريد فعلا العمل من خلالها».

وانتهى به الأمر ليفوز بشراء 17 وشاحا منها عبر مجموعتين مختلفتين بعد منافسة شرسة للغاية داخل صالة المزادات. كان التقدير السعري لمجموعة واحدة من الأوشحة ما بين 400 إلى 600 جنيه إسترليني، وارتفع الرقم في نهاية المطاف وصولا إلى 3250 جنيها إسترلينيا (ما يساوي 4218 دولارا)، وكان ثمن المجموعة الثانية بين 500 إلى 800 جنيه إسترليني، وبلغ السعر النهائي 3000 جنيه إسترليني (نحو 3894 دولارا). ولقد اشتملت على وشاح من ماركة «نيكول ميللر» مطبوع عليها علامة الدولار، وشعارات من شاكلة «أداة فوربس الرأسمالية»، وأيضا عبارة «لا مكان للشجاعة أو الحكايات»، ورسم لفهد أعاد ذاكرة داني إلى الماضي الاستعماري البريطاني، ووشاح من تصميم شانيل، فضلا عن وشاح بشعار محلات «ليبرتي أوف لندن».

ويقول داني، «بالنسبة لي، إنها تمثل حقبة كاملة من الملابس، أي المظهر الأنثوي المفعم بالقوة في عالم الأعمال، كذلك كانت تعبيرا عن سياسات السيدة ثاتشر التي زادت من واقع اللامساواة حول العالم».

وداني ليس الفنان الأول الذي استخدم رموزا مرئية للرفاهية وعالم الموضة كوسيلة للتعامل مع فكرة التنافر الثقافي. ويقول ستيفانو تونشي رئيس تحرير مجلة «دبليو» السابق: «يفضل عدد من الفنانين استخدام الأزياء لإيصال رسالة لجمهورهم وذلك لأنها مألوفة لمعظم الناس».

والملاحظ أن بيوت الأزياء نقسها استخدمت السياسة نفسها وتعاملت مع فنانين يستخدمون منتجات الأزياء كأداة للتعبير. ولكن داني لا يبدو أنه سيلجأ لهذا الأسلوب رغم أنه يعرف، عن طريق أصدقاء من الفنانين، مصممين وظهر هو نفسه في مجلة «فوغ» الرجالية النسخة ومجلة أزياء كندية، وعند عرض الفكرة عليه بأن يتعاون مع إحدى العلامات التجارية بدا داني كمن أخذ على بغتة، ولكنه عبر عن أمله بأن يكون لمعرضه الفني بعض التأثير على طريقة ارتدائنا للملابس.

قد يهمك ايضا :

مئات من مقتنيات مارغريت ثاتشر تباع في مزاد

ثاتشر آمنت بالعلاقات الشخصية مفتاحًا لتأثّر السياسة في الشرق الأوسط

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر
الروائية رشا عدلي تكشف المستور و"شغف" تصل بها إلى…
أنور الخطيب يوقّع ديوانه المنَحوتة مفرداته " كثير الشوق"…
في افتتاحه معرض الشارقة الدولي للكتاب الشيخ سلطان يعلن…
فيلم "أزرق القفطان" لمخرجته مريم التوزاني لتمثيل المغرب في…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة