القاهرة - الدار البيضاء اليوم
تعيد الفنانة المصرية إيمان عزت في معرضها الجديد «سندس»، الذي يستضيفه «غاليري النيل» في القاهرة، بناء تصوراتها الذاتية عن الأرض، وعالم الريف الذي تنتمي له، مانحة رؤيتها فضاءً جديداً، وفرصة أرحب للتلاقي، بعين مشدودة إلى حد التماهي مع مسطحات هذا العالم بفطريته البصرية وتضاريسه الفنية الطبيعية.
تستدعي إيمان عزت الحاصلة على درجة الدكتوراه في فلسفة التربية الفنية، ما تركته لديها الأرض من مخزون وجداني وبصري، لا سيما مشاهد الحقول وبراحها، وتسعى أن تقبض بين هذه المساحات الشاسعة على مشاهد تقترب من تحولات الأرض وتعدد وجوهها، ما بين تشققات وتعرجات، وصولاً للحظات انفراجها المُثمر وما يرتبط بها من بهجة، فتقترب في أكثر من لوحة لتصوير تشققات الأرض، وكيف تتحول إلى رحم طبيعي، يثمر زهوراً يانعة من قلب الطمي، تومض في اللوحات، بشكل يكثف من حضور جماليات عطاء الأرض، ويجعلها مشهداً مفتوحاً بحيوية على أشواق الإنسان، وحلمة بالخير والحب والجمال.
تشير كلمة «سندس» لنوع من الحرير الأخضر الرقيق، وتحمل دلالات ترتبط بالوصف القرآني للباس أهل الجنة، وعن هذا الاختيار كعنوان لمعرضها تقول إيمان عزت لـ«الشرق الأوسط» إن «السندس هو نوع من النسيج الفاخر المذكور في القرآن الكريم، وخلال عملي في لوحات المعرض استدعيت فكرة النسج، واللون الأخضر، وتخيلت أن تصويري للأرض في لوحات هذا المعرض أقرب لفكرة نسج الأرض بإيقاعات خطية، كأنها أرض محروثة مُعدة للزراعة، كأنني أغزلها بالنول».
يضم المعرض أكثر من 20 لوحة، ويعتبر هو المعرض الرابع عشر في مسيرة إيمان عزت الفنية، التي تستقي من الأرض في كل مرة ثيمات وينابيع مُتجددة لإبداعها، تضيف في كلمتها «الأرض حاضرة في جميع معارضي تقريباً، ربما في هذا المرة اهتممت بإظهار تفاعل الزمن مع الأرض، وتأثيراته على مشهدها، ما بين ليل ونهار، إشراق وغروب، أعمالي التي يغلب عليها التجريد التعبيري تجد في الطبيعة مصدراً رئيسياً للبناء، وموطناً غنياً بالتكوينات».
الطبيعة لدى صاحبة المعرض هادئة غير صاخبة أبداً، تتسلل لها إضاءة الشمس أحياناً، وأحياناً أخرى تسودها عتمة ليل الريف، لتبدو اللوحات في حالة تموجات مُتحركة أكثر منها ساكنة رغم غياب العنصر البشري عنها، تقول إيمان عزت: «أميل عادة في مشروعي للاختزال، أحب أن أرسم ما أتفاعل معه وأعرفه جيداً، وأنا أنتمي للريف، وأميل لتصوير ما يسوده من طبيعة أكثر من ضجيج البشر كما في المدينة».
ويبرز اهتمام الفنانة بفن الحفر في توظيفها للألوان وإعداد الأرض للحرث الفني على مسطح اللوحة، وذلك من خلال استخدامها للألوان الترابية، التي تتسلل بين شقوقها ومضات لونية وضوئية، فيسود الأخضر بتدفقاته، ما بين عُشب وأوراق شجر ومساحات زراعية، وسط حضور قوي لدكنة لون الطمي، وظهور غني للون الأزرق كمسطحات مائية رائقة صغيرة وكأنها من آثار ري الأرض، وكذلك الرمادي والأبيض والأصفر، وظهور عفوي لمفردات تُشارك الأرض الحياة كالصخور والطيور، وتنويعات الأزهار الحيّة الفرحة، أبرزها تلك التي تطل بلون البنفسج والأحمر، وجميعها تتناغم على سطح اللوحات في ملمس بيئي شاعري تنتقل بالمتفرج إلى روائح الحقول والأرض.
قد يهمك أيضا :
مصر ضيف شرف الدورة الـ21 لمهرجان كورسيكا للموسيقى بفرنسا
موسوعة "غينيس" تمنح معرض "الشارقة للكتاب" شهادة الرقم القياسي الجديد وسط احتفالات الزوار