الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الأندلس "إسبانيا حاليًا"

مدريد - المغرب اليوم

تحول اسم "الزهراء" من اسم جارية لأعظم الحكام المسلمين في الأندلس "إسبانيا حاليًا"، إلى أعظم مدن الإسلام في القرون الوسطى. أطلالها التي تشيد بمجد الماضي، وما بلغته الحضارة الإسلامية من تقدم ورقي، باتت مرشحة الآن لتندرج في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة "اليونسكو" لعام 2018، وفقًا لموقع "يورونيوز"

شيدت الزهراء التي كان يطلق عليها البعض "فرساي العصور الوسطى"، من قبل ثامن خلفاء الدولة الأموية في الأندلس، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الملقَب بالناصر (912–961)، تخليدًا لذكرى أحب الجواري إليه، هذا الخليفة الذي حكم الدولة الأموية في الأندلس لمدة 50 عامًا، ولم يهنأ بالرفاهية سوى 13 يومًا كما كتب بخط يده في مذكراته، قد أمر بتشييد هذه المدينة بعد إعلان خلافته، ليستغرق بناؤها – كما ذكر المؤرخ الأندلسي ابن حيان – خمسًا وعشرين سنة، بدءً من أول يوم من محرم سنة 325هـ/936م.

تقع الزهراء، التي تضم كنوزًا أثرية كثيرة، على سفح "جبل العروس" شمال غرب مدينة قرطبة، وقد جعلها الخليفة مقرًا لدولته، لينأىَ عن صَخَب وضجيج قرطبة، إحدى عواصم الإسلام الكبرى، والتي كانت تنافس بغداد في الغرب، ، وظلت هكذا عاصمة لخلافة بني أمية في الأندلس لمدة أربعين سنة، وهي مدة حكم عبد الرحمن الناصر ونجله الخليفة العالم الحكم المستنصر" 350 ـ 366هـ"، الذي أطلق على عصريهما "ربيع قرطبة" ، وعندما أمسك الحاجب المنصور بن أبي عامر بقبضة الحكم في الأندلس، شيد مدينته الملكية الأخرى "الزاهرة" التي اشتقت اسمها من "الزهراء"، ونقل مركز الخلافة إليها في عهد الخليفة هشام المؤيد بن الحكم المستنصر.

وتضم الزهراء، التي تعرف اليوم بقرطبة القديمة، القصر الفخم الذي بناه عبد الرحمن الناصر، والذي يعد مِثالًا فريدًا في الروعة لما وصلت إليه العمارة الإسلامية، حيث بُنيت جدرانه بالرخام المطعم بالذهب والفضة، وكانت تحيط به التماثيل والتحف النفيسة.

أحاطت بقصر الزهراء الحدائق الغناء، وجلب إليها الخليفة الناصر الماء من جبال الثلج بقرطبة عبر أنابيب متقنة الصنع، وأنشأ بها قنوات لمد المدينة بالمياه، وزودها بشبكة أخرى لتصريفها، كما زخرت المدينة بالنوافير المائية، وصنعت أبوابها من العاج والأبنوس، ولقد تم توسيع مباني المدينة في عهد الحكم الثاني ابن عبد الرحمن الثالث، ولكن في العام 1010هـ ، نُهبت الزهراء على وقع الحرب الأهلية التي اجتاحتها، والصراع على الخلافة الذي عجل بسقوطها لتبدأ الأندلس عصر "ملوك الطوائف".

و أفاض مؤرخو الإسلام في وصف ما انتهت إليه تلك المدينة الملكية من العظمة والرقي، فقال في كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق": "مدينة عظيمة مدرجة البنية، مدينة فوق مدينة، فكان الجزء الأعلى منها قصورًا يقصر الوصف عن صفاتها، والجزء الأوسط بساتين، وروضات، والجزء الثالث فيه الديار والجامع".

شهدت المدينة أعظم قصص الحب العذري التي عرفها الأدب العربي، بين الوزير والشاعر الأندلسي أبو الوليد بن زيدون، وبين الأميرة الشاعرة ولادة بنت الخليفة المستكفي، وقد ذكرها ابن زيدون كثيرًا في شعره، ومنها قصيدته المشهورة:

إني ذكرتك بالزهراء مشتاقًا.. والأفق طلقٌ ومرأى الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله.. كأنه رق لي فاعتل إشفاقا
والروض عن مائه الفضي مبتسم.. كما شققت عن اللبات أطواقا
يوم كأيام لذات لنا انصرمت.. بتنا لها حين نام الدهر سراقا
كأن أعينه إذ عاينت أرقي.. بكت لما بي فجال الدمع رقراقا
لا سكن الله قلبا عن ذكركم.. فلم يطر بجناح الشوق خفاقا

وكانت الزهراء أيضًا مسقط رأس أعظم الأطباء في القرون الوسطى على الإطلاق، وهو الطبيب الجراح أبو القاسم الزهراوي، الذي كان كتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف" مرجعًا في الطب لسائر أوروبا، حتى أطلقوا عليه "أبو الجراحة الحديثة".

تم أطلال المدينة الملكية اكتشافها للمرة الأولى عام 1911، ومنذ ذلك الحين أظهرت الحفريات الأثرية نحو 10% فقط من مباني المدينة البالغ مساحتها 112 هكتارًا، واليوم، تعد مدينة الزهراء موقعًا أثريًا يسعى إلى الحفاظ على خصائص العمارة الإسلامية، حيث لا يزال الموقع يحتوي على العديد من الأسرار، وهناك مواقع أخرى للتراث الإسلامي في إسبانيا سبق وأن تمّ الاعتراف بها من قبل منظمة اليونسكو، على غرار قصر الحمراء في غرناطة ومسجد قرطبة.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر
الروائية رشا عدلي تكشف المستور و"شغف" تصل بها إلى…
أنور الخطيب يوقّع ديوانه المنَحوتة مفرداته " كثير الشوق"…
في افتتاحه معرض الشارقة الدولي للكتاب الشيخ سلطان يعلن…
فيلم "أزرق القفطان" لمخرجته مريم التوزاني لتمثيل المغرب في…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة