الرباط ـ محمد عبيد
وجّه خبراء مغاربة، انتقادات لاذعة إلى السياسيات الخارجيّة للحكومة، خلال ندوة علمية، انعقدت في الرباط، مساء الخميس، بعنوان "السياسة الخارجيّة المغربيّة في منطقة شمال أفريقيا والساحل والصحراء: مقاربات جيوسياسيّة". وانتقد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، منار السليمي، فشل الدبلوماسيين المغاربة، على مستوى التسويق للنموذج الذي اتبعته المملكة في مجال الحريات
والحقوق، وكذلك الدفاع على خيار "الحكم الذاتيّ"، الذي اقترحه المغرب بخصوص حلّ نزاع الصحراء، موضحًا أن "السياسة الخارجيّة المغربيّة، لا تزال تُعاني من مشكلة فشل النخبة الدبلوماسيّة، وعدم قدرتها على تسويق المُخطّطات النموذجيّة للمغرب في مجال الحقوق والحريات، والتعامل مع المهاجرين، ومقترح الحكم الذاتيّ، أمام المنظّمات الدوليّة".
وعن العلاقات المغربيّة الجزائريّة، أشار السليمي، إلى أن الجزائر تتخوّف من هاجسين في السياسة الخارجيّة للمملكة، الأول هو مشكلة الحدود بين البلدين التي تحركها الأحزاب السياسيّة وتُشكّك فيها، والثاني يتعلق بمشكل بدعم المغرب لخيار الحكم الذاتيّ في شمال مالي، لصالح جماعة "الأزواد"، وهو ما يُثير حفيظة وتوجّس الجزائر. واستنكر أستاذ العلوم السياسيّة والاتصال في جامعة عين الشق في الدار البيضاء، ميلود بلقاضي، خلال كلمة له في الندوة، "غياب إستراتجية حكوميّة طويلة المدى وشمولية للسياسة الخارجية المغربيّة، بعيدًا عن الأدوار التي يلعبها الملك، فيما تساءل عن "سر عدم توغّل السياسة الخارجيّة المغربيّة داخل المعسكر الأفريقيّ الأنكلوسكسونيّ، وعلى رأسه دولة جنوب أفريقيا، واكتفائه بالمعسكر الفرانكوفونيّ في حدود مالي والغابون وغينيا".
وأجاب الباحث المغربيّ في شؤون الصحراء عبدالفتاح الفاتيحي، عن السؤال، موضحًا أن "المملكة تعتمد على جانب الاستثمار المربح في علاقاتها مع الدول الأفريقيّة الفرانكوفونيّة، وخصوصًا بعد زيارة الملك محمد السادس، إلى مالي وغينيا والغابون، وتوقيع عشرات الاتفاقات المتعلقة بالاستثمار".
ورأى الفاتيحي، أن "السياسة الخارجيّة المغربيّة، في المجال الأفريقيّ، تقوم على الاستثمار المُربح، عكس السياسات التي تتخذها الدول المشرقيّة من خلال المساعدات". وبشأن التوتر بين المغرب والجزائر، انتقد أستاذ القانون الدوليّ في جامعة القاضي عياض في مراكش، الحسين العبوشي، الدبلوماسيّة الجزائريّة، التي وصفها بـ"الفاشلة"، وتقوم على ما قال عنه "شراء المواقف والحرب الباردة"، عكس المغرب الذي تعامل مع مالي، بشكل طبيعيّ، على الرغم من موقفها المُخالف للمملكة بخصوص ملف النزاع بشأن إقليم الصحراء.
واعتبر رئيس "المركز المغربيّ للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات"، عبدالفتاح البلعمشي، أن المغرب أمام "واقع جوار صعب" مع الجارة الجزائريّة التي تحاصره سياسيًّا وحقوقيًّا.