وجدة- هناء أمهني
اعتبر محمد عبدالنبوي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، في كلمة له خلال الندوة المغربية القطرية بشأن موضوع "القانون الدولي الإنساني وآليات التطبيق"، التي تنظم يومي 28 و29 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري "أن المغرب فتح أوراش إصلاح كبيرة في المجال الحقوقي والقضائي، انطلقت من المصادقة على دستور 2011، الذي أقر باستقلال السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية".
وقال محمد عبدالنبوي: "لا يخفى عليكم أن المغرب فتح أوراش إصلاح كبيرة في المجال الحقوقي والقضائي، انطلقت من المصادقة على دستور 2011، الذي أقر باستقلال السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتأكيد سمو الاتفاقيات الدولية التي تصادق عليها بلادنا على القانون الوطني، وتأكيد التزام المملكة بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما".
وأضاف عبدالنبوي أن استقلال السلطة القضائية، تعزز باستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، وصدر قانون بنقل السلطات التي كان يمارسها وزير العدل على أعضائها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الذي أضحى المسؤول الأول على تنفيذ السياسة الجنائية الوطنية التي يعدها البرلمان.
وأكد الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، على تشبث النيابة العامة في المملكة المغربية بالتطبيق الصارم والفعال لجميع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا، سواء في مجالات حقوق الإنسان أو منع الجريمة، وفي مقدمتها الاتفاقيات التي تشكل القانون الدولي الإنساني.
وأوضح المصدر أن ويلات الحروب والنزاعات المسلحة هي الغاية المثلى للقانون الدولي الإنساني، وأن الإنسان هو محور الحماية التي يقرها هذا القانون، ولذلك تضمَّن هذا القانون مجموعة من القواعد الآمرة التي أقرها المجتمع الدولي بمقتضى الاتفاقيات الدولية والعرف الدولي، بهدف حماية الإنسان أثناء وقوع النزاعات المسلحة.
وأشار إلى أن أحكام هذا القانون تتميز بالتجرد والعمومية، والصبغة الإلزامية المستمدة من الاتفاقيات الدولية وكذا القواعد الآمرة للعرف الدولي، هذه القواعد التي عرفتها اتفاقية فيينا لسنة 1969 بشأن قانون المعاهدات في مادتها 65 بكونها “كل قاعدة تقبل وتسلم بها الأسرة الدولية كمعيار لا يجوز انتهاكه، ولا يمكن تعديله إلا بقاعدة جديدة في القانون العام”.
وأبرز عبد النبوي، أن الدستور المغربي أقر بأهمية القانون الدولي الإنساني واعتبر في تصديره أن حماية منظومة القانون الدولي الإنساني والنهوض بها واجب دستوري يتعين على الجميع المساهمة في تطويره، وهذا الاعتراف الدستوري يدعمه قيام بلادنا بالمصادقة على أهم الاتفاقيات الدولية المرتبطة بهذا القانون، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكولين الملحقين بها لعام 1977، مما يؤكد بجلاء المكانة المتميزة التي يحتلها القانون الدولي الإنساني على المستوى الوطني.
وأضاف محمد عبد النبوي، أن المشرع بصدد تعزيز قدرات القضاء لبسط ولايته على الأفعال المجرمة بمقتضى معاهدة روما حول نظام المحكمة الجنائية الدولية، حيث يتضمن مشروع القانون الجنائي الذي يناقش أمام البرلمان تجريم جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وتابع الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، "ومن منطلق مهمتنا الأساسية المتمثلة في الحرص على التطبيق السليم للقانون، والتي أكدها الظهير الملكي الصادر بتعييننا على رأس هرم النيابة العامة من طرف الملك محمد السادس، حيث وجه لنا أوامره المطاعة بوجوب الدفاع عن الحق العام والذود عنه والتمسك بضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف التي ارتآها جلالته نهجا موفقا لبناء دولة الحق والقانون، فإننا نؤكد التزامنا بالسهر على التطبيق السليم للقانون، باحترام تام لمقتضيات دستور المملكة، بما فيها أحكام القانون المتعلقة بالأفعال المجرمة بمقتضى القانون الدولي الإنساني، ولن نذخر أي جهد في تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة ليكونوا مدركين لمختلف تفاصيل هذا القانون والمضامين الأساسية لأحكامه، أسوة في ذلك بالقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي نلتزم به ونطبق أحكامه في عملنا اليومي".
وأشاد ذات المصدر أن تعميم ثقافة الالتزام بروح القانون الدولي الإنساني، والتمكن من إدراك أحكامه ومقاصده وإجادة تطبيقه من طرف جميع قضاة النيابة العامة، يأتي إدراكا لأهمية هذا القانون وتأثيره على الأمن والسلم في العالم، وهو ما يضع على عاتق قضاتنا مهمة حماية الأفراد من الأفعال المجرمة بمقتضى القانون الدولي الإنساني، التي نتطلع إلى اعتماد البرلمان قريبا لمشروع القانون الجنائي الذي يجرمها.
واختتم محمد عبدالنبوي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، بأن المحاور الأساسية لهذه الندوة، ستشكل لا محالة لبنة أساسية من لبنات تطوير قدرات المشاركين عموما، وأعضاء النيابة العامة على وجه الخصوص، في مجال حسن تفعيل القانون الدولي الإنساني، والإلمام أكثر بعمل القضاء الجنائي الدولي والقواعد المطبقة في المنازعات المسلحة، والتمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين وكذا حقوق الضحايا والمدنيين، وغيرها من الجوانب المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني، قائلا: "ونعتبر أن إدراك هذه الجوانب القانونية والإلمام بتطبيقاتها، هو محطة ضرورية في تكوين القضاة والرفع من قدراتهم المهنية، ولذلك تدعو جميع القضاة المشاركين في هذه الندوة، لا سيما قضاة النيابة العامة إلى الحرص على الاستفادة من العروض والإقبال على المناقشات التي ستجرى خلال اليومين المقبلين، سيما بالنظر للمستوى العالي للخبراء الذين أوكل إليهم تأطير هذه الندوة".