موسكو - الدار البيضاء اليوم
يخلدُ حلف شمالي الأطلسي "الناتو"، الذكرى السبعين لتأسيسه، وسط تحديات كبرى، وفي ما تتفاقم الخلافات الداخلية بين الدول الأعضاء، سواءً بسبب اختلاف الرؤى أو من جراء التغير الذي لحق بالسياسة الأميركية منذ وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وحسب ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست"، فإن قادة البلدان الأعضاء في "الناتو" الذي يضم 29 عضوا، سيلتقون، الثلاثاء، في قصر باكينغهام ببريطانيا، ثم سيجرون لقاءً سريعا، الأربعاء، داخل مبنى يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر.
ويواجه "الناتو" خلافات داخلية، بسبب انتقاد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لما يراه تقصيرا من باقي الدول الأعضاء في الإنفاق العسكري، قائلا إن واشنطن ليست مجبرة على أن تبذل أموالها حتى تؤمّن الحماية للدول الغربية الأخرى.
وعند الاطلاع على الأرقام، تظهر قوة "الناتو"، بشكل جلي، فهذا التحالف العسكري يسيطر على نصف الإنفاق الدفاعي في العالم، أو ما يقارب نصف الإنتاج المحلي الإجمالي لدول العالم، إلا أن هذا التحالف بات في حالة شبيهة بالموت السريري، حسب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بسبب تراجع الولايات المتحدة عن دورها القيادي، وقيام تركيا باجتياح شمالي سوريا، تمهيدا لإقامة منطقة آمنة، وطرد المقاتلين الأكراد الذين اضطلعوا بدور كبير في محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
وإذا كانت روسيا خصما بارزا للـ"ناتو"، فإن صحيفة "واشنطن بوست"، تساءلت في تقرير حول ما إذا كانت الصين، التي تزداد قوة على جميع الأصعدة، قد أصبحت الخصم الجديد للتحالف العسكري.
ويأمل الرئيس الفرنسي أن يبتعد حلف الناتو عن نذر الحرب الباردة مع روسيا، حتى تنصب الجهود بشكل أكبر على مكافحة الإرهاب الذي صار تحديا أمنيا مقلقا للعالم بأسره، لكن ترامب أحدث تحولا في العلاقة مع روسيا، فقام بالانسحاب من اتفاقية نووية بارزة، متهما موسكو بانتهاك بنود ما جرى الاتفاق عليه.
ولم يعد القلق مقتصرا على روسيا، التي شغلت الاهتمام بحكم موقعها الجغرافي ومقدراتها العسكري، إذ نبّه مسؤولون أميركيون وأوروبيون، مؤخرا، إلى ضرورة التعامل مع بكين، وقال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في أبريل الماضي، إن الصين ستصبح النقطة الأساسية على ضفتي الأطلسي، خلال القرن الحادي والعشرين.
وأضاف الوزير الألماني أن الصين ستشكل تحديا، في كل الجوانب، وبالتالي، فمن المهم بحسب قوله، أن يجري فهم الأمور على نحو جيد لإدراك ما يتطلبه الوضع من حلف شمالي الأطلسي.
أما الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، فيقول إن بكين تسحب ميزان القوى العالمي إلى صيغة جديدة، وأكد أن هذا المعطى يقدم بعض الفرص لصانعي القرار في الغرب، لكنه لا يخلو من التحديات.
وأكد ستولتنبرغ أن الناتو لا ينوي الذهاب إلى بحر الصين الجنوبي، لكن عليه أن يدرك أن الصين أصبحت "أقرب فأقرب"، بحكم ما تضخه من استثمارات ضخمة على مستوى البنية التحتية، في إشارة إلى مبادرة "الحزام والطريق".
ولفت إلى الحضور الصيني الكبير في أفريقيا والقطب الشمالي من الأرض، والتنافس السيبراني، كما أن الصين صارت صاحبة ثاني أكبر ميزانية دفاعية، على مستوى العالم. وهذا الأمر من شأنه أن يروق لترامب الذي يقدم نفسه بمثابة المسؤول الغربي الذي فطن إلى قوة بكين وبادر إلى تحجيمها.
تحذيرات متوالية
وفي إطار هذا الارتياب من قدرات بكين، طلب وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، من الدول الأوروبية أن تبدي مقاومة لاستثمارات الصين في القطاع الرقمي، لاسيما في شبكة الجيل الخامس للاتصالات، حيث تتهم واشنطن الشركات الصينية مثل "هواوي" بالتجسس لصالح بكين، وهو ما تنفيه الأخيرة.
وتبدو الصين على بينة مما يجري التخطيط له، وكتبت صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية التي تصدر باللغة الإنجليزية في الصين، إن الدول الأوروبية أمام خيارين اثنين، فإما أن تتبع الولايات بشكل أعمى، أو أن تواصل التعاون مع بكين رغم التحذير الأميركي.
وأضافت أنه في حال اختارت أوروبا أن تنصاع لأوامر الأميركيين فإنها ستصبح بمثابة دمية، وتساءلت حول ما إذا كانت دول القارة العجوز قادرة على تحمل الخسائر والتبعات إذا قررت أن تغلق الباب أمام تقنية الجيل الخامس.
ويرى الباحث في معهد بروكينغس، مايكل أوهانلون، أن ترامب تعامل بشكل أحادي في حربه التجارية مع الصين، وبالتالي، فمن الصعب أن نتوقع اتخاذ قرارات استراتيجية بديلة بشأن هذا النزاع، داخل مؤسسة أخرى، من قبيل الناتو.
روسيا تراقب "الناتو" باهتمام كبير
ويتبادل قادة "الناتو" الانتقادات قبل قمة متوترة في لندن، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الثلاثاء، إن روسيا تراقب "باهتمام كبير" التطورات في اجتماع عيد ميلاد حلف شمال الأطلسي.
وتأسس التحالف العسكري المكون من 29 دولة عبر المحيط الأطلسي عام 1949، لتوفير الأمن الجماعي لأوروبا ضد الاتحاد السوفيتي.
وصرّح بيسكوف الثلاثاء بأن الناتو "نتاج عصر المواجهة، عصر الحرب الباردة"، وهو شيء يقول إن روسيا لا ترغب في العودة إليه.
وأضاف المسؤول الروسي أن "التحالف الذي تم إنشاؤه وشكلته أيديولوجية المواجهة، بالطبع، لا يمكن أن يحقق أي شيء آخر سوى المواجهة".
وفاقمت علاقات تركيا الوثيقة على نحو متزايد مع موسكو، وشرائها لأنظمة الدفاع الجوي الروسية التي لا تتفق مع معدات الناتو، من التوترات بين الحلفاء، إلا أن بيسكوف يقول إن "هذه العلاقات لا تضر بحلف الناتو"، وفق ما نقلت "الأسوشيتد برس".
ترامب وماكرون يُؤكِّدان أن الخلافات بسيطة
بعد ساعات قليلة على الانتقادات التي وجهها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن تصريح الأخير حول "وفاة حلف الناتو سريريا"، عاد ترامب ليقول إن الخلافات مع فرنسا "بسيطة".
جاء ذلك خلال اللقاء الذي جمع بين الرئيسين الأميركي والفرنسي، خلال قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في لندن الثلاثاء.
وقال إيمانويل ماكرون إنه يجب العمل معا لمواجهة الإرهاب، مضيفا أن بلاده ستسعى لإيجاد حلول لكافة القضايا العالقة مع واشنطن، وهو ما أكده دونالد ترامب حيث قال "لدينا خلافات بسيطة مع فرنسا وسنعمل على حلها".
وشدد الرئيس الأميركي، في الذكرى السبعين لتأسيس الناتو، على أن الحلف سيزداد قوة.
كان دونالد ترامب قد انتقد في وقت سابق تصريح ماكرون عن حلف شمال الأطلسي واصفا التصريح بـ"البغيض جدا"، في إشارة إلى وصف ماكرون للحلف بأنه "في حالة موت سريري".
وقال ترامت إن الوصف كان "مهينا جدا.. إنه تصريح قاس، عندما تدلي بتصريح مثل هذا، فإنه تصريح بغيض جدا"، بحسب رويترز.
وتابع قائلا "أعتقد أنه، كما تعلم، لديك معدل بطالة مرتفع جدا في فرنسا. فرنسا لا تبلي بلاء حسنا على الإطلاق من الناحية الاقتصادية. يشرعون في فرض رسوم على منتجات الآخرين لذا نفرض نحن بالتالي رسوما عليهم"، وحول الأزمة مع تركيا، قال ماكرون إن أنقرة تقاتل الوحدات الكردية التي "وقفت إلى جانبنا في حربنا ضد الإرهاب".
وطالب ماكرون بضرورة أن يكون هناك تعريف واحد للإرهاب ضمن حلف شمال الأطلسي.
الرئيس الفرنسي يلمح إلى تعاون تركيا مع "داعش"
اتهم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، القوات التركية بالعمل أحيانا مع مقاتلين مرتبطين بتنظيم داعش الإرهابي، في عملياتها العسكرية، شمالي سورية.
وقال ماكرون، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب "عندما أنظر إلى تركيا أرى أنها الآن تقاتل ضد من قاتلوا معنا. وأحيانا تعمل مع مقاتلين على صلة بداعش"، ومن شأن هذا التصريح أن يزيد التوتر الديبلوماسي بين باريس وأنقرة التي أعربت عن غضبها من فرنسا، بعدما قال ماكرون إن ما قامت به تركيا شمالي سورية يقوض حلف "الناتو".
وأكد ماكرون أن الناتو بات في وضع شبيه بالموت السريري، من جراء إطلاق العملية العسكرية التركية وتخلي الولايات المتحدة عن دورها القيادي.
ولم يرُق هذا الكلام للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فهاجم ماكرون وقال له "أنت من يحتاج إلى التحقق، حتى تعرف ما إذا كنت ميتا سريريا".
وقال أردوغان لماكرون: "لا أحد يعيرك اهتماما. ما زال لديك طابع مبتدئ، ابدأ بمعالجة ذلك.. حين يتعلق الأمر بالتباهي، أنت تتقن ذلك. لكن حين يكون المطلوب تسديد المبالغ المترتبة عليك للحلف، يختلف الأمر"، وعلى صعيد آخر، انتقدت تركيا ماكرون لموافقته على إجراء محادثات مع سياسية كردية سورية تعتبرها أنقرة متطرفة.
وفي أواخر نوفمبر الماضي، أعلنت فرنسا استدعاء المبعوث التركي إلى وزارة الخارجية لتقديم توضيح بشأن "إهانات" أردوغان.
ودافع المسؤول الفرنسي عن موقف ماكرون قائلا إن حلفاء الناتو يتوقعون "إجابات واضحة" من تركيا عن نواياها في سورية.
وحثَّ وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، تركيا، الاثنين، على التوقف عن عرقلة خطة حلف شمال الأطلسي الدفاعية لدول البلطيق وبولندا، وعدم رهن الأمر بالاستجابة لضغوط أنقرة على الناتو، لدعم عملياتها العسكرية ضد القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في سورية.
روسيا مستعدة للتعاون مع حلف شمال الأطلسي
أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الثلاثاء، أن روسيا منفتحة على التعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) مع افتتاح قمة الحلف الغربي التي تستمر يومين في لندن.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن بوتين قوله: "أعربنا مرارا عن استعدادنا لمقاومة التهديدات الحقيقية معا بما فيها الإرهاب الدولي والنزاعات المحلية المسلحة وخطر الانتشار المنفلت لأسلحة الدمار الشامل".
جاءت تصريحات بوتين في منتجع سوتشي على البحر الاسود فيما انطلقت قمة الناتو، الثلاثاء، في بلدة واتفورد على مشارف لندن، إلا أنه استغل المناسبة للإعراب عن أسفه للعلاقات المتوترة بين موسكو والناتو، وأوضح أنه رغم محاولة روسيا اقتراح أجندة "بناءة" إلا أن "تعاوننا منذ 2008 توقف بشكل شبه تام".
وانتقد بوتين، الناتو، الذي أغضب روسيا بتقوية تواجده في دول على حدودها، وبسبب "تصرفه بشكل غير لائق وربما وقح دون أخذ المصالح الروسية في الاعتبار".
ولم يخف بوتين في السابق استياءه من توسع ناتو وامتداده إلى جمهوريات سوفياتية سابقة يعتبرها جزءا من منطقة نفوذ بلاده.
وقال إن روسيا "مجبرة إلى النظر لتوسع الناتو، وتطوير بنيته التحتية العسكرية القريبة من حدودها على أنها أحد التهديدات المحتملة لأمن بلدنا".
وذكر أن التحالف عفا عليه الزمن، وأضاف: "لا يمكن أن تكون القوالب النمطية للتفكير في السنوات الماضية أداة فعالة لاتخاذ قرارات فعالة في ظل الظروف سريعة التغير في العالم الحديث"، وأشار إلى أنه بينما لم يعد حلف وارسو بشأن الدفاع الجماعي الموقع بين الاتحاد السوفيتي (سابقا) والحلفاء الأوروبيين قائما، فإن الناتو ما زال يتوسع، ومع ذلك خاطب الناتو: "ما زلت أعول على أن تسود المصالح في الأمن المشترك ومستقبل آمن وسلمي لكوكبنا".
وستقيم الملكة إليزابيث الثانية حفل استقبال لقادة الحلف في قصر باكنغهام، مساء الثلاثاء.
الناتو يتعهد بحماية بولندا ودول البلطيق
قال أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في مقابلة نشرت، الثلاثاء، إن الحلف لا يعتبر روسيا عدواً، لكنه سيرد على أي اعتداء قد تشنه على بولندا أو دول البلطيق.
جاء موقفه بعدما هددت تركيا بعرقلة خطط دفاعية جديدة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) لحماية بولندا ودول البلطيق من اعتداء روسي مفترض، ما لم تصنف القوى الغربية منظمة كردية أنها إرهابية.
وأكد ستولتنبرغ لصحيفة "ريجبوسبوليتا" البولندية "بوجود قوات الحلف في بولندا ودول البلطيق، نوجه رسالة قوية لروسيا: إذا حصل أي اعتداء على بولندا أو أي من دول البلطيق، فالحلف بكامله سيرد".
ويعقد الحلف، الثلاثاء، قمة في لندن على وقع خلافات عديدة.
وأعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الثلاثاء، أن روسيا منفتحة على التعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) مع افتتاح قمة الحلف الغربي التي تستمر يومين في لندن.
وأضاف الأمين العام: "لا ننظر إلى روسيا (كعدو)"، لكن "يجب أن نكون واثقين بأنه لا احتمال لتكرار ما رأيناه في أوكرانيا، أي غزو روسيا المسلح لجارتها، في دول أخرى من حلف شمال الأطلسي".
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، أن تعرقل تركيا أي خطة للدفاع عن دول البلطيق إذا لم تمنح الدول الأعضاء دعماً لأنقرة في معركتها ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سورية.
ويبدو أن قمة حلف شمال الأطلسي، التي تأتي في الذكرى السبعين لتأسيسه، ستشهد توتراً مع تركيا بسبب خلافها مع حلفائها حول حيازتها منظومة دفاع جوية روسية وعمليتها العسكرية في شمال سورية.
وقد يهمك أيضًا:
ترامب: الرسوم ستزيد في حالة عدم إبرام اتفاق تجارة مع الصين
رئيس أميركا يؤكد أن اتفاق التجارة مع الصين سيوقع في مكان ما في الولايات المتحدة