واشنطن - محمد صالح
إتهمت الولايات المتحدة روسيا بالتخطيط لاختلاق هجوم أوكراني يمكنها استغلاله لتبرير غزو أوكرانيا. ونفت موسكو المزاعم الأمريكية ووصفتها بأنها ليست الأولى من نوعها، مؤكدة أن هدف وجود قواتها في أراضيها قرب الحدود الأوكرانية هو التدريب. وتقول تقارير إن أحد الخيارات التي تدرسها روسيا هو تنظيم وتصوير هجوم وهمي، مع صور مروعة لانفجار يظهر عددا كبيرا من الضحايا. وتشعر الولايات المتحدة والناتو بالقلق من حشد القوات الروسية بالقرب من أوكرانيا. لكن روسيا تنفي أي نية للغزو، وتقول إن قواتها العسكرية التي بلغ قوامها 100 ألف جندي موجودة هناك بهدف التدريب. وتؤكد أنها لا تخطط لأي عملية وهمية. وتأتي التوترات بعد ثماني سنوات من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا، ودعمها تمردا في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا.
وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية إن العملية المزعومة "التي خططت لها أجهزة الأمن الروسية، ستظهر صورا لسقوط ضحايا مدنيين في دونباس، من أجل إثارة الغضب ضد السلطات الأوكرانية". وزعم المسؤولون أن هذا يمكن أن يستخدم بعد ذلك لتبرير هجوم على أوكرانيا. وقالوا إن المخطط المزعوم سيعرض الجثث والمواقع المدمرة ومعدات عسكرية أوكرانية مزيفة وممثلين ناطقين بالروسية يلعبون دور المفجوعين. لكن المسؤولين أضافوا أن هذا ليس سوى أحد الخيارات التي تدرسها روسيا، وأوضحوا أنهم كشفوا النقاب عنه "لثني روسيا عن مسار العمل الذي تنوي القيام به". وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إن لدى المخابرات الأمريكية "دليلا واضحا وصادما على عدوان روسيا غير المبرر ونشاطها الخفي لزعزعة استقرار أوكرانيا".
وذكرت في بيان "هذه النية القتالية تجاه دولة ديمقراطية ذات سيادة أمر غير مقبول على الإطلاق ونحن ندينها بأشد العبارات الممكنة. وستواصل بريطانيا وحلفاؤها فضح الحيلة والدعاية الروسية". ورد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على الادعاءات الأمريكية في وقت لاحق الخميس. ونقلت عنه وكالة تاس للأنباء قوله "هذا ليس الوعد الأول من نوعه (بنشر تفاصيل عن الاستفزاز الروسي).. شيء مشابه قيل أيضا من قبل، لكن لم يحدث أي شيء من هذا القبيل". وفي غضون ذلك، قال السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيزوف لشبكة "سي أن أن" إن موسكو لا تخطط لأي عملية وهمية كذريعة لغزو أوكرانيا. وجاءت أنباء المخطط المزعوم بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة أنها سترسل المزيد من القوات إلى حلفائها في الناتو في أوروبا. وقالت روسيا إن هذه الخطوة "مدمرة" وأظهرت أن مخاوفها بشأن توسع الناتو شرقا لها ما يبررها.
وقد عبر حلف شمال الأطلسي الناتو الخميس عن مخاوفه من نشر روسيا قوات قوامها 30 ألف جندي- بما في ذلك قوات خاصة وطائراات مقاتلة وصواريخ باليستية قصيرة المدى- في بيلاروسيا، الجارة الشمالية لأوكرانيا. وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبيرغ: "هذه أكبر عملية انتشار روسية هناك منذ الحرب الباردة". ويعود التنافس بين روسيا والولايات المتحدة، اللتين لا تزالان تمتلكان أكبر الترسانات النووية في العالم، إلى الحرب الباردة (1947-1989). كانت أوكرانيا آنذاك جزءا مهما من الاتحاد السوفيتي الشيوعي. تتواصل الجهود الدبلوماسية المكثفة الرامية إلى منع نشوب ما يتخوف عدد من الخبراء العسكريين بأن يكون حرباً كبيرة في أوروبا. فقد قال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يعتزم زيارة موسكو وكييف للالتقاء بنظيريه هناك في بداية الأسبوع المقبل، وذلك في إطار جهد على أعلى المستويات من جانب زعيم غربي لنزع فتيل التصعيد في الأزمة الأوكرانية.
وسيزور ماكرون روسيا الاثنين للالتقاء بالرئيس فلاديمير بوتين بينما يزور أوكرانيا الثلاثاء لإجراء محادثات مع الرئيس فلوديمير زيلينسكي. وكان الرئيس الفرنسي، الذي دعا إلى نزع فتيل التصعيد في الأزمة، قد أجرى محادثات متكررة عبر الهاتف خلال الأيام الماضية مع بوتين وزيلينسكي وكذلك مع الرئيس الأمريكي جو بايدن. وقال مكتبه عقب محادثاته الأخيرة أمس مع بوتين وزيلينسكي إن تلك المحادثات سعت إلى "تحديد العناصر التي ينبغي أن تقود إلى خفض التصعيد". وعرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال زيارته للعاصمة الأوكرانية كييف الخميس، التوسط في محادثات بين أوكرانيا وروسيا. وقال إردوغان إن "تركيا مستعدة للقيام بدورها في حل الأزمة". ولدى تركيا علاقات جيدة مع كل من أوكرانيا وروسيا.
قد يهمك أيضاً :
جونسون سيتواصل مع بوتين لتراجع روسيا ولتسريع الجهود الدبلوماسيّة وتجنب "حمّام دم" في أوكرانيا
قلَق بريطاني بشأن الحدود الروسية - الأوكرانية و"الناتو" يَحسِم موقفة من نَشر قوات في أوكرانيا