الرباط - الدار البيضاء
تحرّكت أمواجُ المتوسّط من جديد وهي تحملُ قوارب المهاجرين المغاربة صوب الضّفة الأخرى، في تحدّ للسّلطات التي كثّفت مراقبتها على المحطّات البحرية وأحوال الطّقس المتقلّبة، التي تكون سبباً في وقوع "مآسي" ببحور الهجرة السّرية إلى أوروبا، ففي واقعة مأساوية جديدة، لفظ شاطئ السّواني بإقليم الحسيمة، الأربعاء، جثث ثلاثة شبّان، كلّهم من مدينة بني بوعياش، حاولوا العبور إلى الضّفة الأخرى، لكنّهم عادوا إلى أهاليهم في توابيت بعدما انقلب قاربهم في عرض البحر بسبب قوّة الأمواج.
وعلى الرّغم من تسجيل حالات اختفاء كثيرة في منطقة الرّيف ومقتل العشرات من الشّباب الحالم في الوصول إلى أوروبا، مازالت "قوارب الموت" تجذب المئات من المواطنين، خاصة في منطقة الرّيف والجنوب المغربي.
وقتل أربعة شبّان مغاربة بالقرب من معبر بني أنصار اختناقاً داخل إحدى قنوات شبكة الصّرف الصّحي الممتلئة بالمياه العادمة، بعدما حاولوا التّسلل إلى مليلية المحتلة عبر قناة للصّرف الصّحي انطلاقا من المحطة المينائية.
وقال الحقوقي من الحسيمة عبد الله الغلبزوري إنّ "الهجرة ليست ترفا، الهجرة مسألة ضرورة"، مضيفاً أن "من يترك اليابسة وراءه مغامرا بحياته، يعرف تماما لم يهاجر، ليس يسيرا المقامرة بحياتك، لكن ظروف العيش صعبة، لا فرص عمل هنا، وحتى تحويلات المهاجرين لم تعد قادرة على إعالة الأسر الممتدة".
وتابع الحقوقي ذاته بأن" البطالة وشحّ فرص العمل بالإضافة إلى المضايقات الأمنية لشباب المنطقة بعد الحراك، أهم أسباب الهجرة؛ فأكثر من معتقل سابق هاجر سرا نحو الضفة الأخرى حين أيقن أنه سيلاحق مجددا ليعاد إلى السجن".
وزاد قائلا: "لقد كان صادقا من قال ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، لذلك يهاجر أشخاص آخرون في وضعية اقتصادية جيدة نسبيا، معتقدين أن العيش في دولة تضمن كرامتهم أفضل بكثير من العيش أغنياء لكن بلا كرامة".
وواصل الحقوقي ذاته بأنّ "المنطقة ودعت شباناً في عمر الزهور من بني بوعياش كانوا يمنون النفس بحياة أفضل، لكنهم عادوا إلى أهلهم في توابيت بعد أن لفظهم البحر. حزن عميق يعتصرنا على كل الذين ماتوا في محاولتهم الهجرة، ويزداد حزننا كلما عرفنا أن الشباب لن يتوقف عن التفكير في الهجرة، فالواقع لم يتغير رغم الحراك، ولا يوجد آمل بتغييره".
وختم الغلبزوري بالقول إن "الهجرة بالنسبة لشبان المنطقة مسألة وجود، إنهم يعتبرون أنفسهم مدفونين في المغرب، ولا حياة لهم إلا بعد الهجرة، لذلك سيظلون دوما يهاجرون حتى وإن كان عدد الموتى كل ليلة ضعف عدد العابرين، لقد أصبحوا جديين في تفكيرهم، الموت والبقاء في المغرب شيء واحد".
قد يهمك ايضا