الرباط - الدار البيضاء
أجمع المتدخلون في اللقاء التواصلي الذي عقدته وزارة العدل المغربية بشراكة مع الهيئة الوطنية للعدول حول "دور العدل في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، على خطورة هذه الجريمة، ودعوا مختلف المعنيين بمنظومة مكافحتها إلى تكثيف الجهود من أجل التصدي لها ومحاصرتها.
وتعوّل وزارة العدل على اللقاءات التواصلية التي تعقدها من مهنيي المهن القانونية والقضائية، من محامين وعدول وموثقين، لتحفيزهم على الانخراط في الجهود التي يبذلها المغرب لمكافحة غسل الأموال، تماشيا مع التزاماته الدولية في هذا المجال، وذلك بتفعيل التدابير الموكولة إليهم، وفي مقدمتها التصريح بالمعاملات المشبوهة.
وقال هشام ملاطي، قاض مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، إن مهنيي المهن القانونية والقضائية يُعتبرون من الأشخاص الخاضعين، أي الذين يتوجب أن يلتزموا بمجموعة من التدابير الواردة في قانون مكافحة غسل الأموال، والمساهمة في إطار مقاربة وقائية لمكافحة هذه الجريمة، نظرا للصلاحيات المخولة لهم ومنها تحرير العقود.
وأوضح ملاطي أن عددا من العمليات المنفذة في ميدان المهن القضائية والقانونية، مثل تحرير العقود، يمكن أن تكون منفذا مهما لغسل الأموال غير المشروعة المتحصّلة من جرائم لإضفاء الشرعية عليها، عبر بيع أو شراء عقارات أو تفويت بعض الأصول، ما يقتضي التحلي باليقظة أثناء تحرير عقود هذه المعاملات.
وأضاف أن اللقاءات التي تعقدها وزارة العدل مع المهن القضائية والقانونية تهدف إلى تحسيس مزاولي هذه المهن بخطورة جريمة غسل الأموال وتداعياتها الخطرة على الاقتصاد الوطني وعلى سمعة المغرب في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وكذا التعريف بمقتضيات قانون مكافحة غسل الأموال والالتزامات المفروضة عليهم والتشاور حول كيفية تفعيلها.
ويُعد التصريح بالاشتباه في المعاملات المشبوهة من التدابير الأساسية المطلوب في مزاولي المهن القضائية القيام بها، حيث يقدمون التصريحات إلى وحدة معالجة المعلومات المالية قصد تعميق البحث فيها بالتعاون مع شركاء آخرين، وإعداد تقرير بشأنها يحال على النيابة العامة المختصة إذا لزم الأمر.
وتقوم وحدة معالجة المعلومات المالية، حسب السيدة بالمدني، المسؤولة بالوحدة، بمهام عملياتية، حيث تتلقى التصاريح بالاشتباه في وجود غسل أموال أو تمويل الإرهاب أو الجرائم الأصلية لغسل الأموال من الأشخاص الخاضعين (المحامين والموثقين والعدول)، وتقوم بالبحث فيها.
وأوضحت بالمدني أن وحدة معالجة المعلومات المالية تتلقى التصريح بالاشتباه عبر نظام آمن، وتقوم بتجميع معلومات أخرى من طرف شركاء وطنيين ودوليين. وبناء على المعطيات التي يتم تجميعها، تُعدّ تقريرا "إما يفند أو يؤكد الاشتباه، وبالتالي يحال على النيابة العامة المختصة للنظر فيه".
وشددت المسؤولة ذاتها على أن التصاريح التي تتلقاها وحدة معالجة المعلومات المالية من الأشخاص الخاضعين لا تُقدم إلى النيابة العامة، وأنّ الوحدة تقوم فقط بأخذ المعطيات الواردة فيها، وبناء عليها تعدّ التقارير التي تُرفع إلى النيابة العامة المختصة، دون أي إشارة إلى الجهة التي صدر عنها التصريح بالاشتباه.
من جهته، قال هشام بوحوص، أستاذ بكلية الحقوق بطنجة منسق ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية، إن غسل الأموال ليس جريمة عادية، "بل جريمة خطرة جدا"، موردا أن من أبرز التحديات التي تطرحها هذه الجريمة، وجود ارتباط وثيق بينها وبين تمويل الإرهاب، وما يترتب عنها من مخاطر تسلسل الجماعات الإرهابية واختراقها للمؤسسات المالية والتجارية، ما سيفرز انعكاسات خطرة على الاقتصاد الوطني وعلى استقرار العملة والتوازنات المالية والتنافسية.وأضاف المتحدث أن المشرع المغربي أدرك العلاقة الوثيقة بين غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث قد تستغل الجماعات الإرهابية الأموال المتحصل عليها من تجارة البشر والاتجار بالمخدرات والفساد، وغيرها من المعاملات غير المشروعة، في تمويل العمليات الإرهابية.
وأكد بوحوص أن المشرّع وفّر ضمانات كثيرة للأشخاص الخاضعين أثناء ممارستهم للالتزامات التي يفرضها عليهم القانون، كالتصريح بالاشتباه، حيث تُخاض هذه العملية بسرية تامة من طرف وحدة معالجة المعلومات المالية، ولا يعرف القضاء مصدر التصريح بالاشتباه، كما أن المصرّحين بالاشتباه، يردف المتحدث، لا تترتب عليهم أي مسؤولية جنائية حتى لو ثبت انتفاء شبهة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب في المعاملة المصرح بالاشتباه فيها.
قد يهمك ايضا
وزير العدل المغربي يؤكد استمرار العمل بتجربة المحاكمة عن بُعد
وزير العدل يستعرض استراتيجية المغرب في التصدي لظاهرة الإرهاب