كييف - جلال ياسين
أصبحت مدينة ماريوبول الاستراتيجية الساحلية والمحاصرة منذ أسابيع من قبل القوات الروسية، على شفير الهاوية بحسب ما أكد مسؤولون أوكرانيون. كما غرقت منذ أكثر من يومين في حرب شوارع ضارية، بعد منحها مهلة روسية حتى يوم الاثنين من أجل الاستسلام، إلا أنها رفضتها. في حين وقع جزء من المدينة منذ الأحد تحت سيطرة القوات الروسية، لكن المعارك التي تحولت إلى حرب شوارع استمرت ولا تزال في أجزاء أخرى. وتحولت بعض الأماكن ومواقع القتال في المدينة، بحسب رويترز إلى أرض مقفرة من المباني السكنية المتفحمة، حيث ألقيت بعض الجثث ملفوفة في بطانيات على الطرق.
إلى ذلك، أظهرت صور جديدة التقطت عبر الأقمار الصناعية، ونشرتها شركة "ماكسمار" المتخصصة، اليوم الأربعاء ، حجم الدمار الكارثي الذي حل بالمدينة المطلة على بحر آزوف. وفيما علق آلاف المدنيين داخل المدينة، طالبت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتشوك في حديث للتلفزيون الأوكراني أمس الثلاثاء بفتح ممر إنساني للمدنيين، قائلة إن 100 ألف شخص على الأقل أرادوا مغادرة ماريوبول لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.
كما اتهمت كييف موسكو بترحيل سكان ماريوبول وغيرها من المناطق التي سيطر عليها الانفصاليون إلى روسيا. وقالت المدعية العامة إيرينا فينيديكتوفا إن ذلك شمل "النقل القسري" لـ 2389 طفلا إلى روسيا من منطقتي لوجانسك ودونيتسك.
في المقابل ، نفت موسكو جملة وتفصيلا حصار المدنيين في ماريوبول أو إجبار الناس على المغادرة. يذكر أن ماريوبول التي تطل على بحر آزوف، شكلت منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية، في 24 فبراير الماضي، هدفا استراتيجيا للروس ، لاسيما أن الاستيلاء عليها سيتيح، ربط المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لموسكو في الشرق بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014.
وفي المقابل أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية في بيان نشر على صفحتها الرسمية على فيسبوك، اليوم الأربعاء "هناك احتمال أن تدخل القوات المسلحة لبيلاروسيا في الحرب ضد بلادنا إلى جانب الاتحاد الروسي." إلا أنها زعمت أن " عددا كبيرا من الجنود وبعض القادة يرفضون المشاركة في تلك العمليات العسكرية"، بحسب ما توفر لديها من معلومات.
أما على صعيد التطورات الميدانية، فأكدت أن المقاومة ضد القوات الروسية مستمرة، لافتة إلى صد 7 هجمات روسية أمس في عجدة مناطق، وتدمير 7 دبابات و 6 أنظمة مدفعية وعدة مركبات. كما أفادت بأن وحدات الدفاع الجوي أسقطت طائرتين بدون طيار. وكان مسؤولون غربيون، ومسؤول عسكري في حلف شمال الأطلسي رأوا في تصريحات صحفية خلال الساعات الماضية، أن مينسك ستتدخل غالباً في العملية العسكرية الروسية، معتبرين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بات بحاجة إلى الدعم. كما كشف مسؤول استخباراتي كبير في حلف شمال الأطلسي، أن الأخير على علم بمخططات بيلاروسيا، لجهة اعدادها البيئة والأجواء المناسبة لتبرير تدخلها دعماً للروسي في الأراضي الأوكرانية.
تأتي تلك المخاوف بعد أن أعلنت مينسك الشهر الماضي تغيير دستورها بما يسمح لها باستضافة القوات الروسية وأسلحتها النووية بشكل دائم.يذكر أن الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو يعتبر أحد الحلفاء اللصيقين لبوتين، ولطالما دعم الكرملين، كما برر وأيد العملية العسكرية الروسية على أراضي الجارة الغربية، منذ انطلاقها في فبراير الماضي. وقد جرت عليه مواقفه هذه العديد من العقوبات التي فرضها عليه الغرب مؤخرا.
إلا أن لوكاشينكو أعلن الأسبوع الماضي أن بلاده لن تتدخل عسكريا في الحرب، على الرغم من دعمه المواقف الروسية. كذلك، أكد رئيس هيئة الأركان العامة في بيلاروسيا فيكتور جوليفيتش، يوم السبت الماضي (12 مارس) أن بلاده لا تخطط للانضمام إلى العملية الروسية في أوكرانيا.
وفي السياق ذاته أكد مسؤول كبير في البنتاغون أن الولايات المتحدة تراقب القوات الروسية لكشف نقلها مواد بيولوجية أو كيميائية إلى أوكرانيا. وقال، في إيجاز للصحافيين عن الأوضاع في أوكرانيا الثلاثاء، إن واشنطن تراقب أي حركة روسية لوضع شحنات كيميائية أو بيولوجية في الذخائر، مثل الصواريخ والقذائف، كما تراقب التحركات النووية الروسية باستمرار.
كما أضاف "لم نرصد تغيرا على سلوك روسيا النووي يستدعي تفعيل خطط الردع"، مضيفاً أن التصريحات الروسية حول استخدام الأسلحة النووية خطيرة جدا. كذلك، قال إن الولايات المتحدة ترصد مناقشات لدى الروس لاستدعاء المزيد من الإمدادات والجنود، مشيرا إلى أن الوضع الأمني في أوروبا تغير بصرف النظر عن نتيجة الحرب في كييف.
كذلك أردف قائلاً: "تقديرات الأميركيين أن القوات الروسية ربما تستدعي جنوداً للالتحاق بالمعركة في أوكرانيا، وعلى الأرجح من أراضي دول حيث تنتشر قوات روسية" أما فيما يخص مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية، فقال المسؤول إن ماريوبول تتعرض للقصف والجنود الروس يحاربون الأوكرانيين داخل المدينة، لكن المقاومة الأوكرانية شرسة وتدافع عن المدينة.
كما لفت إلى أن "تقديرات الأميركيين أن القوات الروسية تريد القضاء على أي مقاومة في ماريوبول ثم تجمع القوات القادمة من الشمال باتجاه الجنوب". وكشف أيضاً أن هناك 5 إلى 7 سفن في بحر آزوف قصفت على محيط ماريوبول خلال الساعات 24 الماضية. إلى ذلك أوضح المسؤول أن "تقديرات الأميركيين أن القوات الروسية تعاني من سوء إمدادات في الغذاء والطاقة، بما في ذلك عدم توفّر الطاقة للسفن". وقال إن "بعض الجنود الروس يعانون من البرد القارس وأصيبوا بسبب البرد وخرجوا من ساحة المعركة"
كما صرح أن موسكو قصفت أوكرانيا حتى الآن بأكثر من 1100 صاروخ، مشيراً إلى أن "القوات الروسية قصفت المدنيين والمباني السكنية خلال الأيام العشرة الماضية"، لافتاً إلى أنه "ربما يرقى ذلك إلى جرائم حرب". تأتي تلك التصريحات بعد أن قال الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين إن اتهامات روسيا الكاذبة بأن كييف تمتلك أسلحة بيولوجية وكيماوية توضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفكر باستخدامها بنفسه في الحرب على أوكرانيا.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
دمار هائل في دنيبرو وحظر تجول في كييف مع استمرار المفاوضات مع روسيا وأميركا ترصد نماذج نهاية الصراع