كييف - جلال ياسين
مع دخول القتال يومه الـ 33، حذرت كييف من محاولات روسية لاختراق جبهات بمحيط العاصمة الأوكرانية. وأوضحت هيئة الأركان، اليوم الاثنين، أن روسيا تحاول اختراق خط الدفاع من الجهة الشمالية الغربية ومن الجهة الشرقية لكييف.إلا أنها أكدت في الوقت عينه أن القوات الأوكرانية مستمرة في ردع الروس بمحيط العاصمة.
وقالت في بيان نشرته على فيسبوك إن العمليات الدفاعية مستمرة بالاتجاهات الشرقية والجنوبية الشرقية والشمالية الشرقية. كما أعلنت أنها صدت 5 هجمات للقوات الروسية في اتجاه دونيتسك ولوغانسك (شرق البلاد).
كذلك، أشارت إلى أن القوات الأوكرانية ركزت جهودها على تنظيم عملياتها الدفاعية في كل من كريفي ريه وزابوروجيا وميكولايف. إلى ذلك، أعلنت إسقاط 4 مقاتلات ومروحية وطائرتين مسيرتين وصاروخي كروز تابعين للقوات الروسية أمس الأحد، فضلاً عن تدمير 5 دبابات ومدرعة روسية.
يشار إلى أن معظم الجبهات كانت شهدت خلال الساعات الماضية هدوءا نسبيا، باستثناء بعض المناطق جنوب وشرق البلاد. فيما ترابض القوات الروسية في محيط كييف منذ أسابيع عدة، دون أي تقدم.
في حين رئيس المخابرات العسكرية كيريلو بودانوف كان حذر مساء أمس في بيان على "فيسبوك" باحتمال حصول تغيير في عمل القوات الروسية قريباً، وتركيزها على جنوب وشرق البلاد، لافتا إلى حرب شوارع قد تندلع قريبا.
وفتح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينكسي، الأبواب أمام التسوية مع موسكو، عبر بوابة الحياد في مقابلته مساء أمس الأحد. فقد بدا راضخا للأمر الواقع، أمام هول الدمار الذي حل ببلاده، والتي شبهها بالشيشان خلال حربها مع الروس.
وقال زيلينسكي في مقابلة مع وسائل إعلام روسية منعت من النشر في روسيا، أن قضية "حياد" بلاده التي تشكل أحد البنود المركزية في المفاوضات لإنهاء النزاع، "تُدرَس بعمق". إلا أنه تدارك ذلك، مضيفاً أن تلك المسألة يجب أن تضمنها دول غربية، كما يفترض أن تعرض على الاستفتاء الشعبي في أوكرانيا. كما ذكّر باتفاقيات بودابست ، قائلا بحسب ما نقلت فرانس برس، "لا أريد أن نضع وثيقة على طريقة اتفاقيات بودابست"، في إشارة إلى الاتفاقيات التي وقعتها روسيا العام 1994، والتي ضمنت وحدة أراضي وأمن ثلاث جمهوريات سوفيتية سابقة بينها أوكرانيا، مقابل التخلي عن الأسلحة النووية الموروثة من الاتحاد السوفيتي، إلا أنها لم تحترم منذ عام 2014.
إلى ذلك، كرر التشديد على ضرورة لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال "علينا أن نتفق مع رئيس روسيا الاتحادية، لكن من أجل الاتفاق، يجب أن يخرج من حيث هو ويأتي للقائي".
يذكر أن وفدين روسي وأوكراني سيلتقيان مجددا بداية اليوم أو غدا في جولة مفاوضات مباشرة في تركيا، بعد جلسات طويلة امتدت لأكثر من أسبوعين عبر الفيديو، سبقتها جلسة على الحدود البيلاروسية، وأخرى على الحدود البولندية. إلا أن أيا من تلك الجلسات التي انطلقت بعد 4 أيام على العملية العسكرية الروسية (28 فبراير) والتي وصفت بالصعبة والمعقدة، لم تتوصل حتى الآن إلى تسوية تنهي النزاع الذي دخل شهره الثاني.
وفي تتمسك موسكو بـ"حياد" الجارة الغربية، ونزع سلاحه النووي أو الذي يشكل تهديدا لها، فضلا عن عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، تواصل كييف المطالبة بسيادتها على أراضيها، وبضمانات أمنية.
وعلى صعيد آخر وبعد أن اندلعت حرائق جديدة في منطقة محطة تشيرنوبل للطاقة النووية التي تسيطر عليها القوات الروسية، اتهمت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشتشوك روسيا بارتكاب أفعال "غير مسؤولة" حول المحطة المخصصة لتوليد الكهرباء، والتي يمكن أن تؤدي إلى إطلاق إشعاعات عبر معظم أنحاء أوروبا، وحثت الأمم المتحدة على إيفاد بعثة لتقييم المخاطر. وقالت إن القوات الروسية تعمل على "إضفاء طابع عسكري" على المنطقة المحظورة حول المحطة التي شهدت أسوأ حادث نووي مدني في العالم عام 1986.
كما أضافت أن الجنود الروس نقلوا كميات كبيرة من الأسلحة القديمة التي لم تخضع للصيانة الجيدة، ما قد يتسبب في إلحاق أضرار بوعاء الاحتواء الذي شيد حول المفاعل الرابع المحطم بالمحطة لمنع انتشار المواد المشعة في البيئة. إلى ذلك، اعتبرت في تصريحات على حسابها على تليغرام مساء أمس الأحد، بحسب ما نقلت فرانس برس، "تلك التصرفات غير مسؤولة وغير مهنية، وتمثل تهديدا خطيرا للغاية ليس فقط لأوكرانيا ولكن لمئات الملايين الأوروبيين".
وطالبت مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات فورية لجعل المنطقة المحظورة حول تشرنوبيل خالية من الأسلحة، وإرسال بعثة خاصة للحيلولة دون أي تكرار لحادث تشرنوبل نتيجة تصرفات القوات الروسية". كما شددت على أن أي أضرار تلحق بوعاء الاحتواء الذي تم تشييده بتمويل أوروبي "ستؤدي حتما إلى انبعاث كمية كبيرة من الغبار المشع والتلوث في الغلاف الجوي ليس في أوكرانيا فحسب ولكن أيضا في البلدان الأوروبية الأخرى".
واتهمت موسكو "بتجاهل تلك المخاطر" من خلال الاستمرار في نقل الأسلحة في مناطق قريبة من المحطة. وكانت روسيا نفت مرارا أن تكون قواتها تعرض المنشآت النووية داخل الأراضي الأوكرانية للخطر، متهمة القوات الأوكرانية سابقا بالتسبب بحريق كبير في تشيرنوبل.
في حين أوضحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الأحد الماضي، أن الوضع الأمني في محطات الطاقة النووية الأوكرانية لم يتغير، كما اعتبرت أن حرائق الغابات حول تشيرنوبل لا تشكل خطرا إشعاعيا كبيرا.
يشار إلى أنه منذ التاسع من مارس الحالي، توقفت الوكالة الذرية عن تلقي البيانات الاعتيادية من تشيرنوبل، التي تذكر بأروع الحوادث في التاريخ الأوروبي الحديث. ففي أبريل 1986، انفجر المفاعل الرابع في تلك المحطة ما أدى إلى تلويث معظم أنحاء أوروبا.
يذكر أنه منذ إطلاق روسيا للعملية العسكرية في 24 فبراير الماضي على الأراضي الأوكرانية، استنفرت العديد من الدول الأوروبية ودول الناتو أمنياً. فيما تعالت الأصوات المحذرة من المساس بالمحطات النووية في البلاد، كذلك ارتفعت المخاوف من احتمال استعمال أسلحة نووية أيضاً، بعد تصرحات مقلقة أطلقها عدد من المسؤولين الروس، على الرغم من أن موسكو أوضحت لاحقا أن مثل هذه الخطوة الخطيرة مستبعدة.
قد يهمك ايضاً
كييف تحت القصف مع استمرار المفاوضات بين أوكرانيا وموسكو وأميركا تُعلن مقتل 7 آلاف جندي روسي