الجزائر – ربيعة خريس
فجّر البيان الأخير لوزارة الشؤون الدينية الجزائرية, الموجه لأئمة المساجد, لحث المواطنين على التصويت في الانتخابات البرلمانية الجزائرية المُزمع تنظميها في الرابع مايو/آيار المقبل, جدلًا كبيرًا في الساحة, وقسمت آراء السياسيين ورجال الدين بين مؤيد يرى أنه من الطبيعي أن ينخرط رجال الدين في التعبئة العامة للانتخابات البرلمانية المقبلة ومُعارض يؤكد أن الأمر يعتبر بمثابة خرق للدستور وقانون الانتخابات.
واتهم سياسيون معارضون السلطة الجزائرية, بخرق القانون والدستور, ومحاولة تسييس بيوت الله والزج بها في الصراع السياسي القائم. وأعرب رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة في الجزائر, جمال غول, عن رفضه القاطع للزج بالمساجد في الصراع السياسي القائم, واعتبر أن تخصيص جزء من خطب الجمعة لحث المواطنين على التصويت يوم 4 مايو / آيار هي محاولة لتسييس المنابر الدينية التي تعتبر مكانًا للعبادة, والانتخاب حرية شخصية, وقال المتحدث بلغة صريحة وواضحة " نحن لسنا ضد المشاركة ولا المقاطعة ولا ضدها. ويرى غول أن الدعوة للانتخاب هي نوع من الدعاية الانتخابية, لذلك فالتعليمة التي أصدرها وزير الشؤون الدينية والأوقاف هي خرق لـ الدستور الجزائري.
وأبدى العضو القيادي في حركة البناء الوطني, إحدى التشكيلات الإسلامية الفاعلة في الساحة, فريد هباز, في تصريحات صحافية لـ " المغرب اليوم " عن رفضهم القاطع لتعليمة وزارة الشؤون الدينية في الجزائر, واصفًا إياها بأنها محاولة لتسييس المساجد, لكن تشكيلته السياسية لا تعارض فكرة تنظيم الأئمة وشيوخ الزوايا ورجال الدين حملة انتخابية بعيدًا عن المساجد وبمحض إرادتهم أي بدون توجيه.
ولم يتجاوب بعض الأئمة, مع تعليمة وزارة الشؤون الدينية, ورفضوا تخصيص خطب الجمعة, لحث المواطنين على التوجه نحو صناديق الاقتراع يوم 4 مايو / آيار المقبل. وكشف رئيس النقابة الوطنية للأئمة, جلول حجيمي, في تصريحات صحافية, أن عدد الأئمة الذين لم يستجيبوا لتعليمات الوزارة الوصية بلغ نسبة 10 بالمائة, بمعنى أن نسبة التجاوب كانت مرتفعة. ودافع المتحدث بشدة, على الذين لبوا نداء الوزارة, مشيرًا إلى أنهم انخرطوا في حدث مهم, وهم أيضًا مواطنون ومن واجبهم الحفاظ على أمن واستقرار الجزائر.
وعلّق وزير الشؤون الدينية الجزائري, محمد عيسي على الاتهامات التي وُجهت إليه والمتعلقة بمحاولة تسييس بيوت الله, قائلًا إن الأمر كان "مبادرة صادقة" من الأئمة والخطباء. وقال عيسى في تصريحات صحافية إن " أئمة المساجد في جزائرنا المجيدة صنّاع رأي عام، فقد هبوا هبة صادقة الجمعة الماضي ليطبقوا سنة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم في بذل النصيحة للمجتمع من السنة التي رواها الإمامان البخاري ومسلم ".
وانخرطت العديد من الجمعيات والنقابات الفاعلة في الساحة الاجتماعية, في مسعى حث المواطنين على التوجه نحو صناديق الاقتراع, ومواجهة ظاهرة العزوف الانتخابي, وضرورة الحفاظ على أمن واستقرار الجزائر. ووجهت النقابة المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية, المحسوبة على السلطة في الجزائر, نداء من أجل الوطن, تحوز " المغرب اليوم " على نسخة منه, تدعو من خلاله الجزائريين للتوجه نحو صناديق الاقتراع, وقالت إن " الشعب الجزائري يترقب يوم الرابع من مايو/آيار حدثًا مهمًا ومنعرجًا حاسمًا في المسار السياسي من خلال الانتخابات التشريعية لاختيار ممثلي ونواب الشعب في البرلمان".
وأكدت النقابة, أن الجزائر أصبحت مستهدفة من أي وقت مضى، من طرف بعض القوى الغاشمة التـي تحركها الأطماع والمصالح، فيما أوضحت أن الشعب ينتظره منعرج حاسم يوم 4 مايو / آيار المقبل. وأضافت " إن هذه الانتخابات التشريعية تأتي في ظرف متميز وخطير تشهده المنطقة من خلال الصراعات التي تعرفها دول الجوار والتهديدات الإرهابية التي تسعى إلى زعزعة استقرار هذه الدول ".
ودخلت الحملة الانتخابية التي انطلق عدها التنازلي, أسبوعها الثالث, بنشاط حزبي مكثف, في وقت يعرف الشارع حالة من الفتور التي ميزها غياب المواطنين وعدم التفاعل مع الموعد الاستحقاقي المقبل. وانطلقت رسميًا الدعاية للانتخابات البرلمانية في البلاد في 9 أبريل/نيسان الجاري والتي تشارك فيها 35 حزبًا سياسيًا، والعشرات من القوائم المستقلة، التي تتنافس على 462 مقعدًا في المجلس الشعبي الوطني.