الرباط-الدار البيضاء اليوم
طالبت أحزاب مغربية في مذكرة وجهتها لوزارة الداخلية المغربية بـ"حظر استعمال الخطاب والرموز الدينية في الحملات الانتخابية المقبلة"، يأتي ذلك في سياق اللقاءات التشاورية التي أطلقتها وزارة الداخلية مع الأحزاب المغربية، في إطار الإعداد الجماعي للانتخابات المقرر تنظيمها في العام المقبل، وفي آخر لقاء عقده وزير الداخلية المغربي مع الأحزاب المغربية، سواء الممثلة في البرلمان أو التي ليس لها تمثيل فيه، طلب من مُمثلي الأحزاب إعداد مقترحات وتصورات للاستحقاقات القادمة.
تنمية وإصلاح ديني واستباق أمني.. ثلاثية المغرب السحرية لمواجهة الإرهاب
رفض جماعي
وقدم كُل من أحزاب "الاستقلال"، "الأصالة والمعاصرة"، و"التقدم والاشتراكية"، وهي أحزاب مُعارضة للحكومة، ضمن مذكرة مُشتركة مجموعة من الاقتراحات، أبرزها "حظر" استعمال الرموز والخطاب الديني في الانتخابات القادمة.وبحسب المذكرة الموجهة لوزارة الداخلية، فإن الأحزاب الثلاثة تشدد على ضرورة التفرقة بين الرموز الوطنية ومقدسات البلاد التي لا يختلف بشأنها أي أحد، واستعمال خطاب ديني في حملات انتخابية.
وتضمنت مذكرة أحزاب المعارضة حول الإصلاحات السياسية والانتخابية "عدم اعتبار وجود الرموز الوطنية والنشيد الوطني وكذا اللونين الأحمر والأخضر في المنشورات والمطبوعات الدعائية أو استعمالها في مهرجانات الحملات الانتخابية من موجبات الطعن"، وعبر أصحاب المذكرة عن رفضهم استغلال الدين لأغراض سياسية، وأيضاً استخدام الخطاب الديني في التجمعات والمهرجانات الانتخابية.
برامج لا خطابات
أوضح المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالمغرب، رشيد رشيد لزرق، أن هذا المقترح يأتي في إطار توسيع المقتضيات القانونية الموجودة أصلا التي تحظر استخدام الرموز الدينية والوطنية في الحملات الانتخابية، ليشمل الآن حتى الخطاب الديني في المهرجانات والتجمعات الانتخابية.ولفت الأزرق في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى أن الدين والوطن مُشترك بين جميع المغاربة والأحزاب السياسية، واستخدام واحد منهما من طرف حزب معين لاستمالة الناخبين، فيه نوع من التعالي على باقي الاحزاب ورغبة في تحوير النقاش من "برامج وخطط ومحاور انتخابية تنموية وإصلاحية، إلى خطاب ديماغوجي (شعبوي) يُدغدغ المشاعر والأحاسيس، بعيداً عن أي إنجازات على أرض الواقع".
وأوضح أن هذه الخطوة جاءت في سياق ما تم تسجيله خلال الانتخابات الماضية من استغلال مُفرط للخطاب الديني من طرف حزب العدالة والتنمية، بعيداً عن أي أساس تدبيري أو برامجي، أي أن ما حصل عليه من أصوات جاء على "أساس ديني".وخلص إلى أن النقاش الانتخابي يجب أن يبقى محصوراً في ما هو برامج وإنجازات على أرض الواقع، بعيداً عن أي حسابات أخرى. ناهيك عن كونها فرصة لمُحاسبة مُسيري الشأن العام، ومناقشة حصيلتهم الماضية، بمنطق الأرقام الواقعية.
مقاعد مُلغاة
أما أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، فيُذكر أن القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، يُحدد شروط تأسيس وعمل الأحزاب السياسية، إذ تقول المادة الرابعة منه: "يعتبر باطلا كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، أو بصفة عامة على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان"، كما "يعتبر باطلا كل تأسيس لحزب سياسي يهدف إلى المساس بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو المبادئ الدستورية أو الأسس الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة".
وشدد السعيد في تصريح لـ"العين الإخبارية" على أنه "فيما يتعلق بتدبير الحملة الانتخابية، حرص الجزء الرابع من القانون بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية على تحديد الحملة الانتخابية وتحديد المخالفات والعقوبات المقررة عليها، حيث نصت المادة 38 منه على أنه لا يجوز أن تتضمن الإعلانات غير الرسمية التي يكون لها غرض أو طابع انتخابي، وكذا برامج المترشحين ومنشوراتهم اللونين الأحمر أو الأخضر أو الجمع بينهما".
ويُضيف أنه في ذات المنحى، منعت الفقرة الأولى من المادة 39 من ذات القانون التنظيمي القيام بالحملة الانتخابية في أماكن العبادة أو في أماكن أو مؤسسات مخصصة للتعليم أو التكوين المهني أو داخل الإدارات العمومية. كما أن المشرع نص على نفس المقتضى في المادتين 35 و36 من القانون التنظيمي لمجلس النواب.وفي نفس السياق، لفت إلى أن "القضاء الدستوري سبق وأن نظر في العديد من الطعون الانتخابية الرامية إلى إلغاء المقاعد البرلمانية التي استندت على بعض الرموز الوطنية أو الدينية"، حيث أورد في هذا الصدد مجموعة من قرارات، قائلا: "يمكن الإشارة على سبيل المثال إلى القرار رقم 12/855 الذي جاء في حيثياته أنه بعد فحص المنشور الانتخابي المستعمل من طرف المطعون في انتخابه خلال الحملة الانتخابية، الذي هو عبارة عن صورة تركيبية من اختياره تضمنت صومعة مسجد وبجانبها رمز لائحته الانتخابية وصورته الشخصية، لذلك قضى المجلس الدستوري بإلغاء السيد أحمد المتصدق عضوا بمجلس النواب على إثر الاقتراع الذي أجري في 25 نوفمبر 2011 بالدائرة الانتخابية المحلية "جليز النخيل" (عمالة مراكش). بالإضافة إلى "القرار رقم 12/856 بإلغاء انتخاب كل من السادة عبد اللطيف بروحو ومحمد الدياز وكذا العضو الذي حل محل السيد نجيب بوليف".
لقاءات تشاوية
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية المغربية، قد عقدت سابقاً لقاءين، الأول مع الأحزاب الممثلة في البرلمان المغربي، والثاني مع بقية الأحزاب غير المُمثلة. وخلالهما طلب وزير الداخلية المغربية عبدالوافي لفتيت من هذه الأحزاب تقديم تصوراتها ومقترحاتها بخصوص الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ومطلع الشهر الجاري، أنهت وزارة الداخلية المغربية، جميع التكهنات بخُصوص الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مُؤكدة أن الانتخابات التشريعية والمحلية ستجرى في عام 2021 المقبل.
وفي سنة 2021 سيتم تنظيم جميع الاستحقاقات الانتخابية، ويتعلق الأمر بانتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، والتي على إثرها يُعين الملك محمد السادس رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي حصل على المرتبة الأولى. بالإضافة إلى باقي المؤسسات المنتخبة وطنيا ومحلياً.كما يتعلق قرار وزارة الداخلية، أيضاً، بانتخابات المجالس الجماعية والمجالس إقليمية والمجالس الجهوية والغرف المهنية، بالإضافة إلى ممثلي المأجورين، ومجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، ويُنتظر أن يعقد وزير الداخلية في الأيام المُقبلة سلسلة من اللقاءات الجديدة مع ممثلي الأحزاب المغربية، من أجل مُناقشة هذه المقترحات والخروج بصيغة مُشتركة.
وقد يهمك ايضا:
إمكانية منح وزارة الداخلية المغربية "امتيازات" مقابل التصويت في الانتخابات
"الداخلية" المغربية تعتبر الكمامة إجبارية وعدم وضعها يعرِّض للحبس