الرباط - الدار البيضاء اليوم
قال الكاتب والإعلامي المغربي المقيم بألمانيا محمد مسعاد إن “رسالة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير للملك محمد السادس رسالة استثنائية بكل المقاييس، وجاءت لتنهي سوء الفهم الكبير بين الرباط وبرلين”، مضيفا أنه منذ دجنبر الماضي “تبادل الطرفان ما يكفي من الإشارات الإيجابية، وحان الوقت للجلوس إلى الطاولة لإعادة ترتيب الأوراق”. وأشار مسعاد، في مقال له بعنوان “رسالة شتاينماير المليئة بالاحترام للمغرب ولمغاربة ألمانيا”، إلى أن “الأجواء الودية بين العاصمتين تقتضي أيضا الرفع الدائم لحظر التواصل مع المؤسسات الألمانية في المغرب، للدخول بشكل مباشر في حوار صريح حول الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والبدء في تنفيذ المشاريع المشتركة”.
وبعدما وصف الإعلامي المغربي الظرفية الراهنة بـ”الفرصة لكي تعود ألمانيا إلى بعدها المتوسطي الإفريقي، من خلال تعزيز التعاون بين ألمانيا كأكبر اقتصاد أوروبي والمغرب كبوابة نحو إفريقيا بسوق اقتصادي يشمل أكثر من مليار نسمة”، ختم مقاله بالقول: “شكرا للمغرب حيث جذورنا بتنوع زرعه، وألمانيا حيث أوراقنا تتمدد وتعطي ثمرا طيبا، ومن دون شك أن فرحة مغاربة ألمانيا لن تكتمل إلا بتشريفها بزيارة ملكية من أجل إرساء شراكة جديدة بين البلدين”.
وهذا نص المقال:
“ألمانيا ترفع سقف الحب عاليا”، عبارة في الصميم للزميل يونس دافقير وهو يعلق على رسالة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير للملك محمد السادس. هي فعلا رسالة استثنائية بكل المقاييس جاءت لتنهي سوء “الفهم الكبير” بين الرباط وبرلين. بين شهر مارس، حيث ظهرت تلك الرسالة التي أمرت بتجميد أوصال التيار الكهربائي بين البلدين، ورسالة يناير التي تسعى للدفع بالطاقة النظيفة إلى الأمام، جرت مياه كثيرة تحت الجسر. مبادرة متميزة برسائل سياسية قوية؛ فهي لم تكتف بالإشادة بمخطط الحكم الذاتي فقط، بل اعتبرته بمثابة “جهود جادة وذات مصداقية”. ما يجمع بين البلدين أكثر مما يفرق بينهما، وتنتظرهما تحديات كثيرة.
منذ منتصف ديسمبر تبادل الطرفان ما يكفي من الإشارات الإيجابية، وحان الوقت للجلوس إلى الطاولة لإعادة ترتيب الأوراق. فهذه التحديات لا يمكن مواجهتها إلا من خلال التواصل المباشر والمنفتح والمبني على الاحترام. وهذا يتطلب حوارا مباشرا من خلال عودة سفيرة المملكة السيدة زهور العلوي إلى برلين، وقبول أوراق اعتماد السفير الألماني الجديد في الرباط توماس بيتر تسانيسن، وهو أحد أعضاء السلك الديبلوماسي الألماني المخضرمين، القادر في نظري على أن يكون دينامو حقيقيا في هذه الفترة نظرا لخبرته الطويلة.]
أعتقد أن هذه الأجواء الودية بين العاصمتين تقتضي أيضا الرفع الدائم لحظر التواصل مع المؤسسات الألمانية في المغرب، للدخول بشكل مباشر في حوار صريح حول الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والبدء في تنفيذ المشاريع المشتركة لمصلحتهما. فهذه الأزمة أوقفت التقدم في تنفيذ مشروع طاقة الهيدروجين الذي ينتظر أن يجعل من المغرب لاعبا أساسيا في هذا المجال وأن يلبي خمسة وعشرين في المئة من احتياجات الطاقات المتجددة لألمانيا، وتشجيع المقاولات الصغيرة والمتوسطة والتدريب المهني، وتعزيز التعاون المشترك لإرساء السلام في ليبيا، وتعزيز شراكة شمال جنوب على قاعدة رابح-رابح. هذا بالإضافة إلى التعاون في مجال الهجرة والتنسيق الأمني، حيث شددت رسالة شتاينماير على “الالتزام المتفرد للمغرب في مجال محاربة الإرهاب الدولي، وهو أمر ضروري بالنسبة لبلادي وأمنها”.
إنها فرصة أيضا لكي تعود ألمانيا إلى بعدها المتوسطي/الإفريقي من خلال تعزيز التعاون بين ألمانيا كأكبر اقتصاد أوروبي والمغرب كبوابة نحو إفريقيا بسوق اقتصادي يشمل أكثر من مليار نسمة. كواحد من مغاربة ألمانيا، لا بد من الإشادة بخطوة برلين التي لجأت عندما توقف التواصل بين البلدين إلى نظام الألياف لديها من خلال الاستئناس بخبرة ورأي الكفاءات الألمانية من أصل مغربي للتغلب على هذه الأزمة. كانت إشارة ذكية للخارجية الألمانية تحسب لها أنها استعانت بخزان يخفق قلبه للبلدين عندما أحست بأن بطاريات الماكينات الألمانية تحتاج للاستعانة بطاقة بديلة. وهي بذلك ترد على حكمة المعلم الكبير غوته لتقول له نحن لم نكرم غرباءنا كما تدعو، بل هم أبناء بلدنا وجزء من نسيج مجتمعنا المتنوع.
هنا لا يسعني إلا أن أستعير عبارة من أحد بورتريهات مسارات مغربية ألمانية المجمعة في كتاب أصدرته شبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا، تقول: “تجربتي أوصلتني إلى خلاصة مفادها أن دولتين مختلفتين تماما، وبلغات وديانات مختلفة، يمكن أن تصبحا وطنا واحدا لي”. فشكرا للمغرب حيث جذورنا بتنوع زرعه وألمانيا حيث أوراقنا تتمدد وتعطي ثمرا طيبا. من دون شك أن فرحة مغاربة ألمانيا لن تكتمل إلا بتشريفها بزيارة ملكية من أجل “إرساء شراكة جديدة بين البلدين” كما تقول رسالة شتاينماير.
قد يهمك أيضاً :
رئيس ألمانيا يدعو الملك محمد السادس لزيارة المانيا من أجل شراكة جديدة
المغرب يُرحب بمواقف ألمانيا البنّاءة ويستأنف العلاقات الدبلوماسية معها بعد 8 أشهر من القطيعة