محمد شلبى أمين
أتى الليل يداعب نجمات السماء الساهرة ، تُطل من بين الظلام نجمة ساحرة .. تخرج لسانها للقمر ، نجلس .. نراقب ، صراع يملأ القلوب ، نتجاذب أطراف الحديث ، ينفعل أحدنا ، يُبالغ فى انفعاله ، أقف محاولاً أن أضع لانفعاله حدوداً ، دفعني ، خرج من الدائرة ،أطلق ساقيه لعناق الريح الباردة ، شكلنا قطاراً ،سرنا خلفه ، يصرخ: اتركوني وشأني ،ونحن .. لا ، فهو سامرنا، وأمسيتنا ، حكايته بدأت حينما أراد أن يعبر الدائرة أول الليل ومنعه من يجاوره ، وقف يقول : كانت هناك ، خلف الأسلاك .. تكمن قريتي ، بها عرسي ، فيها .. أبى ، وقبر أمي ، اخواني، أحبتي ، فيها حبيبتي . وجوه أحبائي شاحبة ، سعيدة ، اليوم تكتمل فرحتي ، الليلة ليلتي . عريس أنا ، تجاوزت العقد الثالث، بدأ شبح الشيخوخة يطاردني ، كادت الأيام تلفظني ، أتحامل على أحلامي ، أتناسى آلامي، أتماسك رغم الخواء الذي يزلزلني ، أبدو في عيونهم الأمل الذي من خلاله تتحقق الأحلام ، ربما يحقق معنى الحرية ، لكن كيف ؟.
دفوف تقرع فوق رأسي ، وأمام عيني، سعداء هم ، أرسم البسمة على وجهي ، أرى عروسي تغمرها الفرحة ، عروسي أجمل من فى الأرض ، الشمس تغار منها إذا أشرقت ، والقمر يتودد إليها ، يتقرب كي يحظى بابتسامتها ، عروسي أجمل من فى الكون ، كوكب خاص ، حورية هبطت من الجنة إلى الأرض كي ألقاهاهنا ، في تلك البقعة الطاهرة، دعوت الله كثيراً أن يرزقني زوجة صالحة، إذا نظرت إليها سرتني ، وإذا غبت عنها حفظتني ، ها هى دعواتي تتحقق، أحمد ربى ، أتمنى أن يرزقني منها الولد الصالح . لكن ……… طلبت مهرها .. أن أنزع تلك الأسلاك الواقفة أمام القرية، حاولت كثيراً ، أفنيت العمر الماضي أحاول . واليوم عريس أنا، الملح يتطاير ، والحلوى تتناثر، كانت أمي تحلم بهذا اليوم ، وأبى يدعوا الله أن يحيا حتى يشهده ، واخواني ، أحبائي ، الكل سعيد ، وأنا اليوم أولد من جديد .
العرس تمدد فرحاً في جوف الليل، أحلامي أمست تتحقق ، حملتها وسرت إلى البيت الذى أضاءته الفرحة، مشيت قليلاً .
قالت : أنزلني ، أنزلتها ، صمت الناس، قالت : محرم على حتى تنزع تلك الأسلاك الواقفة أمام القرية .
فهذا مهري ، لم تدفعه حتى الآن . وقف الناس، الكل يحاول ، الكل يتمنى ، الكل ينتظر ، وأنا اليوم .. عريس أنا ..وعروسى أجمل من في الكون .