الرئيسية » بأقلامهم
عبد القادر كعبان

بقلم - عبد القادر كعبان

وقع المفتاح من بين أصابع يدي، حاولت التقاطه، تذكرت ذلك العجوز يعبث بأكياس القمامة، سقط وهو يحاول استبعاد بعض القطط الجائعة مثله، عدت وفتحت قفل الباب، فجأة سمعت صراخ طفل ابن الجيران، وقفت دقائق متسائلة، ما سر البكاء اليومي لهذا الطفل؟!

لطالما كنت أسمع صراخه وشجارا يحدث بين والديه كلما حدث ذلك، ترددت دائما في التدخل لمعرفة سر ذلك البكاء، قلت في نفسي، ربما هو يشعر بالجوع أو هو مبتل كباقي الأطفال، كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، وقت عودتي من العمل متعبة، لم أقو على الوقوف، دون أن أطرق ذلك الباب الحديدي، ترددت هنيهة ثم طرقته بيد مرتجفة، سمعت صوتا يسأل من وراء الباب، من الطارق؟

فقلت بنبرة ثقة جارتك، افتحي من فضلك.

كان مظهرها غريبًا وكأنها سجينة تتلهف عيونها لرؤية ضوء الشمس، تحمست لمعرفة سر الزيارة المفاجئ، ثارت العاصفة حينما سألتها عن سر بكاء ولدها، أحست وكأنها تواجه فضيحة، صرخت قائلة لم يبق إلا أنت يا محققة، أتعلمين هو طفل لا يختلف عن أمثاله المزعجين في بلدنا البائس، كم أكره صراخ هذا الطفل وصراخ والده! تمنيت لو كنت عاقرا.
شعرت بدوار مفاجئ وذعر صامت، الكثيرات من العوانس في أيامنا  يحلمن بفرصة الزواج والإنجاب، وأخريات يرفسن نعمة الخالق الوهاب، بعد جهد مليء بالغضب والغليان فهمت منها أن زوجها عاطل عن العمل ويتعاطى المخدرات، لم تكن تعلم أنه يرفض فكرة الإنجاب، عاد نواح الطفل يتزايد، أسرعت وضمته إلى صدرها محاولة إسكاته، تلتها لحظات قصيرة من توقف صراخه، أخبرتني أنها تعاني مشاكل مالية وزوجية معه، يخرج كل يوم صباحا ويعود متأخرا كل ليلة، تنكفئ هي الأخرى وحيدة تغالب دموع الأسى القاهرة.

شعرت برعشة ألم، رعشة عطف وإشفاق، فشلت في إقناعه بضرورة بحثها عن فرصة عمل، تلقت منه الضرب والشتم، استمرت دموعها الساخنة تمتزج بصراخ طفلها الجائع، أحسست في أعماق نفسي أنها تحتاج المساندة، فتحت حقيبتي الصغيرة، أعطيتها مبلغا من المال لشراء الحليب والحفاضات لذلك المسكين، عادت نظراتها تقول لي: أرجوك أحتاج منك المساعدة.

ارتمت علي تقبل يدي، حاولت إبعادها مستغفرة الرحمن، وعدتها بمساعدتها كي تبحث عن عمل كخادمة في احد البيوت، ضممتها إلى صدري وربت عليها بعطف، قبلت ذلك الطفل بحنان وانسحبت أتنفس الأمل بعيدا عن صراخ وردة متفتحة تلتهمها الأشواك.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.
مسرح "الراويات" المنسي والمغيب
خانه الظن
بَلى .. أحضّرها
ما أجهلكـ

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة