بيروت - وكالات
يهتم المؤرخ اللبنانى والمهندس المعمارى خالد تدمرى بجمع كل ما له علاقة أو صلة بالتاريخ العثمانى فى منطقة الشرق الأوسط عامة ولبنان خاصة. ولا يلبث أن ينهى تدمرى- الذى يعكف منذ أكثر من 20 عاما على توثيق وحفظ الأرشيفيات العثمانية- أحد المعارض المصورة التى تبرز الآثار العثمانية فى لبنان إلا ويبدأ التحضير لمعرض آخر. ومؤخرا عمل تدمرى على تأسيس معرض للكثير من اللوحات والخرائط التى تعود للحقبة العثمانية وتظهر معالم مدينة صور فى جنوب لبنان خلال تلك الفترة. وحمل المعرض الذى أقامه تدمرى فى العاصمة اللبنانية بيروت الأسبوع الماضى، اسم "ذاكرة صور: 100 عام فى 100 صورة"، على أن يستقم كمعرض دائم فى وقت لاحق فى المدينة نفسها. وفى لقاء خاص مع مراسل الأناضول، قال خالد تدمرى إنه "عمل على إنشاء هذا المعرض بعد عودته من رحلة طويلة إلى تركيا دامت أكثر من 14 عاما من أجل الاطلاع والبحث المعمق فى الأرشيف العثمانى". وأضاف تدمرى أن "الهدف من كل هذه المعارض التى أنشئت والتى ستؤسس فى المستقبل هو توثيق ذاكرة لبنان من خلال الصورة والتاريخ والأرشيف العثمانى العريق". وحكمت الدولة العثمانية لبنان فى الفترة من عام 1516 إلى 1917. وأشار المؤرخ اللبنانى إلى أن أهم المعارض التى قام بها هى "معرض ذاكرة فيحاء طرابلس (شمال لبنان)" و"معرض ذاكرة جبيل (شمال لبنان)" و(معرض ذاكرة عاليه) و"معرض ذاكرة بعلبك (شرق لبنان)". وقال تدمرى إن "ما جعل السلطنة العثمانية تتميز بالكثير من الصور الفوتوغرافية هو اكتشاف هذه التقنية فى التصوير فى عهد الخليفة العثمانى السلطان عبد الحميد الثانى"، مضيفا أن "السلطان عبد الحميد الثانى اهتم كثيرا بالتصوير الفوتوغرافى وعمل على تشجيعها وتطويرها حيث لجأ من أجل ذلك إلى إعطاء الهبات والمكافآت للمصورين وخاصة المتميزين والمتفوقين منهم" . وبحسب تدمرى فإن "الخلافة العثمانية أسست لهذه الغاية العديد من الأستديوهات الفوتوغرافية فى إسطنبول، انطلق منها الكثير من المصورين نحو العديد من مناطق الخلافة، ليوثقوا ويصوروا المشاريع العمرانية والتحديثية للدولة". وبخصوص عدد الصور الأرشيفة من الحقبة العثمانية، قال المؤرخ اللبنانى إنه "يوجد فى أرشيف السلطان عبد الحميد الثانى أكثر من 35 ألف صورة محفوظة فى أكثر من 10 آلاف ألبوم فى قصر (يلدز) فى إسطنبول"، مؤكدا أن "هذه الصور تعتبر ثروة عالمية غالية جدا". وعن كيفية اطلاعه على هذا الأرشيف، قال تدمرى إنه "حصل على إذن خاص من الدولة التركية للاطلاع عليه والاستفادة من مخطوطاته، وتصوير القسم الأكبر الخاص بلبنان" . وأضاف تدمرى أن "الصورة العثمانية الخاصة بلبنان تظهر مدى اهتمام الدولة العثمانية بهذا البلد من الناحية العمرانية والتربوية والثقافية والدينية". وحول وجود أرشيف عثمانى فى لبنان، قال تدمرى متأسفا "إن غالبية الأرشيف أتلف بسبب إهمال الدولة اللبنانية"، مشيرا الى أن "الوزارات اللبنانية ومراكز المحافظات لم تحتفظ بهذا الأرشيف" . وأوضح أن "ما هو موجود اليوم من أرشيف الصور العثمانية فى لبنان قليل جدا بمنطقة الشوف فى جبل لبنان، ومنطقة البترون شمالى لبنان" . وأشار تدمرى إلى أن "الثروة العثمانية الأساسية فى لبنان هى سجلات المحاكم الشرعية" . وعن وجود مشروع لإعادة جمع الأرشيف العثمانى فى لبنان، قال تدمرى إن "هذا المشروع كبير جدا يحتاج لجهد الحكومة اللبنانية مباشرة"، مشيرا إلى أن "مؤسسة المحفوظات الوطنية فى لبنان لا تتمتع بإمكانيات تسمح لها بإعادة تنظيم وجمع وتوثيق الأرشيف العثمانى فى لبنان". وخالد تدمرى هو مهندس معمارى فى مدينة طرابلس فى شمال لبنان، حاصل على الدكتوراه فى التخطيط من جامعة المعمار "سنان" فى إسطنبول، وبروفيسور فى معهد الفنون الجميلة والعمارة فى الجامعة اللبنانية منذ العام 2002 .