الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون

واشنطن - وكالات

فازت الكاتبة الأميركية ليديا ديفيس المعروفة بأقصوصاتها غير النموذجية بجائزة «إنترناشونال مان بوكر» العريقة التي تمنح في لندن. ويلاحظ أن وصف لجنة التحكيم فيه تلميح بطريقة غير مباشرة إلى ابتكار ديفيس شكلا أدبيا طوعته لأدبها عندما تصب المشاعر في جمل موجزة. وتقوم بعض أقصوصات ليديا ديفيس على مقطع واحد، بل جملة وحيدة. فازت ليديا ديفيس بالجائزة مع مكافأة مالية قدرها ستون ألف جنيه استرليني (70 ألف يورو)، وهي تمنح كل سنتين إلى كاتب لا يزال على قيد الحياة لأعمال صدرت بالإنجليزية أو ترجمت إلى الإنجليزية. وترعى هذه الجائزة من قبل مجموعة «مان بي إل سي»، التي ترعى أيضا مان بوكر للرواية، التي فازت بها عام 2012 هيلاري مانتل. وصف الإعلان الرسمي للجنة التحكيم قصّ ديفيس الفائزة بالدورة الخامسة بالمسكون بالإيجاز ودقة الشعر، سرد يقظ وخيال فخم يصل إلى أقصى مدى في تعبيريته بكلمات قليلة ومقاطع قصيرة. تمارس ليديا ديفيس لعبة شعور لغوية مع الكلمات، فتعصرها بحنو وتمسدها كي تلتقط أقل عدد منها، لكنها توصل المعنى العميق كمعادل حسي للسرد الطويل. لا تنسى ليديا ديفيس في أي حال من الأحوال سرد جيمس جويس أو ويليام فوكنر المتمهل والطويل، وهي تلتقط أقصوصتها من الواقع، لكنها تبني ذلك بمقطع واحد، بل بجملة وحيدة. من أجل ذلك ترى لجنة تحكيم الجائزة في أعمال ديفيس، ما يمكن تسميتها بأكثر من قصة، ربما خرافة أو حكمة، مناجاة فلسفية أو صلوات، منمنمات… وحتى مزح قصيرة، لكنها تبقى في النهاية أقصوصة أو قصة لا تتجاوز ثلاث أو أربع صفحات. وعادة ما تشغل قصصها مساحة تتراوح بين ثلاث وأربع صفحات، الأمر الذي جعلها تؤثر في صناعة أدب الجيل الذي تلاها في الثقافة الأمريكية. وسيترقب القارئ مجموعة ليديا ديفيس القصصية الجديدة، التي تمتهن التدريس الأدبي في جامعة بنيويورك، في يونيو من العام 2014. وهذه الكاتبة، التي تلقت التهاني في الاحتفالية التي أقيمت في العاصمة البريطانية لندن، سبق لها أن فازت بجائزة «ماك آرثر» الأمريكية للرواية ونالت وسام الفنون والآداب من الحكومة الفرنسية. ولدت ليديا ديفيس عام 1947، في نورثهامبتون، بولاية ماساشوستس الأمريكية، وهي ابنة الناقد وأستاذ الأدب الإنجليزي روبرت جورهام ديفيس. تزوجت عام 1974 من بول أوستر وأنجبت منه ولدا، لكنهما تطلقا فيما بعد، وهي حاليا متزوجة من الفنان آلان كوت. وهي مترجمة، ترجمت العديد من الكلاسيكيات الأدبية الفرنسية. تم اختيار ليديا ديفيس زميلة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم عام 2005. وقد نشرت مجموعتها القصصية الأولى عام 1976، ورشحت مجموعة أخرى لها لجائزة همنغواي عام 1986، وصدرت لها مجموعة أخيرة عام 2007، لكنها جمعت أغلب قصصها في كتاب واحد صدر عام 2009، وتترقب صدور مجموعتها الجديدة منتصف عام 2014. نموذج من قصصها فوكو و قلم الرصاص جالساً في غرفة الانتظار تقرأ كتاب فوكو بينما تمسك قلم الرصاص بين أناملك، تُسقط كأس الماء على الأرض، فتضع الكتاب وقلم الرصاص جانبًا، وتجفف الماء المراق، ثم تعتدل في جلستك لتقرأ كتاب فوكو وبيدك قلم الرصاص، تتوقف عن الكتابة في الكراس، ثم تتناول الكتاب مرة أخرى ومازلت ممسكا بقلم الرصاص. المحامي يومئ لك من مدخل الغرفة. تضع كتاب فوكو وقلم الرصاص جانبًا وكذلك الكراس. تجلس مع المحامي تناقش بعض الحالات المشحونة بالصراعات التي تحولت إلى نقاشات حادة، ويفيض المحامي في تحليل الخطأ الواقع، وتحديد مكمن الخطر. تغادر مكانك متجهًا إلى قطار الأنفاق، تجلس في مقعدك، وتخرج كتاب فوكو وقلم الرصاص، ولكنك لا تقرأ، بل تفكر في المقابل في الحالات المشحونة بالصراع، ومكمن الخطر، والجدال المتعلق بالسفر. الجدال بحد ذاته أصبح شكلاً من أشكال السفر؛ فكل جملة تنقل المتجادلين معها إلى الجملة التي تليها، والتالية إلى ما بعدها، وفي النهاية، لا يبقى المتجادلون كما كانوا عندما بدؤوا، أضف إلى ذلك أنهم قد سئموا أيضًا من السفر بعد أن أمضوا وقتًا طويلا وجهًا لوجه مع مرافقيهم طوال الرحلة. بعد التأمل في عدة حالات عن الجدال وأنت في قطار الأنفاق، تتوقف عن التفكير، وتفتح كتاب فوكو، وتطالع النص المكتوب بالفرنسية المستعصي على الفهم، ولكن تبقى جمله القصيرة أسهل فهمًا من الجمل الطويلة التي يمكن أن تفهم مقطعًا مقطعًا، أما الطويلة جدًا، فإنك ما إن تصل إلى نهايتها حتى تكون قد نسيتَ البداية، لتعود مرة أخرى إلى البداية، وتقرأها، وتفهمها، ثم تعيد الكرة، فما أن تصل إلى النهاية حتى تنسى البداية، وتستمر في القراءة بلا عودة إلى البداية وبلا فهم، وبلا تذكر، وبلا تعلم، وقلم الرصاص مازال ساكنًا في يدك. ولحسن الحظ قد تقع عيناك على جملة واضحة المعاني؛ فتضع بقلم الرصاص علامة على الهامش، وتشير بالعلامة إلى فهمك وإلى التقدم الذي أحرزته في الكتاب، ثم ترفع عينيك من كتاب فوكو لتلقي نظرة على المسافرين، وتلتقط الكراس والقلم لتكتب خاطرة عن هؤلاء المسافرين، تضع علامة بطريق الخطأ على هامش الكتاب بقلم الرصاص، تنحي الكراس جانبًا، وتمحي العلامة، وتعود إلى التفكير في الجدال. الجدال ليس فقط مثل المركبة التي تنقل المتجادلين إلى أماكن عميقة وبعيدة، ولكنه كالنبتة أيضًا، تنمو وتتسلق على سياج من الشجيرات، تحيط بالمتجادلين بنعومة وبسرعة تسمح لبعض الضوء أن يتسلل من خلالها، وتستمر بالنمو والكثافة، حينها يبدأ الضوء في التلاشي إلى حد العتمة. وفي نهاية الجدال وفي هذه العتمة يزداد التشابك بين المتجادلين بعضهم ببعض، والتصاقهم بالشجيرات. تفكر في الأسئلة التي تود طرحها عن الجدال، تلتقط الكراس والقلم وتبدأ في الكتابة، ثم تضعه جانبًا وتعود إلى كتاب فوكو، فقد صار من الأسهل الآن التمييز بين النقاط الأصعب والنقاط الأسهل فهمًا؛ فالأصعب تكون مع الجمل الطويلة، وعندما يشير الاسم إلى فاعل وُضع في بداية الجملة، مُستبدلاً بضمير للمذكر أو المؤنث، وعندما ينسى ضمير الاسم الذي استبدل وأشير عنه فقط في الجملة، وفي بعض الأوقات يكون الضمير في وسط الجملة اسمًا جديدًا، والاسم الجديد بدوره يُستبدل بضمير جديد، وهذا الأخير يستمر إلى نهاية الجملة. كما أنه من الصعب أيضًا إدراك الفاعل عندما يكون اسمًا مثل كلمات (فكرة، غياب، قانون)؛ ومن السهل إدراكه عندما يكون كلمة سهلة مثل (شاطئ، موجة، رمل، منتجع، معاش، باب، رواق، موظف) في سياق الجمل التي تتحدث عن الرمل، والموظف، والمعاش، تأتي جملة تتحدث عن الجاذبية، الإهمال، الرأفة، الغياب، أو القانون؛ لذا فالجزء المفهوم من الكتاب منعزل عن الجزء الغامض. تضع كتاب فوكو وقلم الرصاص، تتناول الكراس وتضع ملاحظة عن صعوبة فهمك لكتاب فوكو. ترفع ناظريك إلى الأعلى لترى المسافرين، تفكر مجددًا في الجدال، وتدوِّن ملاحظة عن السؤال باستخدام كلمات مختلفة.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

باحث عراقي يحظى بجائزة "ابن رشد للفكر الحر" لعام…
مهرجان الفداء الوطني الأول للمسرح المغربي ينطلق السبت المقبل
مٌقترح قانون يَجعل إٍتقان الأمازيغية شرطاً للحصول على الجنسية…
مؤسسة الرعاية التجاري وفا بنك تطلق السابقة الوطنية للفنون…
وزارة الثقافة المغربية تعلن رقمنة قرابة 200 مكتبة عمومية…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة