باريس - وكالات
من العنوان يتضح تحيز الكاتب الفرنسى ريجيس دوبريه فى كتابه "فى مديح الحدود" لفكرة الحدود التى يقدم قراءة عميقة لها استنادا إلى رصيد من المعارف والوقائع والأديان والأساطير والفلسفات لكى يصل إلى رفض "دين العولمة" ويدافع عما يعتبره فضائل للتنوع والاختلاف الثقافى والإنسانى. ويسجل أنه "من لا حدود له لا مستقبل له" رافضا دعاوى العولمة التى تسوق نفسها تحت بريق شعار أن الإنسانية ستكون أفضل من دون الحدود فى حين أن العولمة "نفسها تستدعى إقامة الجدران المكهربة والمراقبة عن طريق الفيديو ضد تهديدات" منها التدفق البشرى من الجنوب إلى الشمال حيث تفرض عليه قيودا صارمة ولكنها تمنح للسلع التى تنتجها حرية مطلقة فى المرور إلى الجنوب. ويقول، إن الحدود "تصمد بتحولاتها وتبقى بتغيراتها فالثبات بداية الدمار" وإن العالم إذا أصبحت له لغة واحدة وأخلاق واحدة ونكهة واحدة ستصاب الإنسانية بالملل والكآبة إذ "ما من عيب أسوأ فى ثقافة ما أن تكون وحدها" فإذا تشابهت الأماكن فما الفائدة فى الانتقال من مكان إلى آخر مختلف من شأنه أن يؤدى لانحسار "الضجر القاتل" بسبب هذا الاختلاف. ويضيف أن العولمة "يزعجها كل استثناء ثقافي للحدود سمعة سيئة يكره القناص الأسوار، أما الطريدة فتحبها"، حيث "اللاحدودية محببة إلى المستفيدين منها، وهم ثلاثة أصناف الاقتصاديون والتقنيون والمستبدون". والكتاب الذى يقع فى 79 صفحة متوسطة القطع صدر هدية مع مجلة (الدوحة) القطرية وترجمته الكاتبة السورية ديمة الشكر، والكتاب تدوين لمحاضرة ألقاها المؤلف فى البيت الفرنسي-اليابانى فى طوكيو عام 2010. وكان المؤلف غادر فى شبابه إلى أمريكا اللاتينية والتحق بالمناضل الأممى الأشهر تشى جيفارا مقاتلا معه فى أدغال وغابات كوبا وبوليفيا وأمضى ثمانى سنوات منها ثلاث سنوات فى السجن فى بوليفيا.