الإسكندرية – أحمد خالد
صدر عن مكتبة الإسكندرية العدد الثاني عشر من مجلة "ذاكرة مصر المعاصرة"، المجلة الربع سنوية الصادرة عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة؛ وهي مجلة ثقافية تُعنَى بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، وتستكتب شباب الباحثين والمؤرخين، وتعرض لوجهات نظر مختلفة ومتنوعة.تناول الدكتور عماد هلال في هذا العدد تاريخ الإفتاء في مصر وتطوره. ويشير إلى أنه لم تعرف مصرُ مناصبَ رسميةً للإفتاءِ منذ دخلها الإسلام إلى بداية العصر المملوكي؛ حيث كان الإفتاءُ طوال تلك القرون فرضَ كفايةٍ يقوم به متطوعًا من حَصَلَ على إجازاتٍ من شيوخه بالإفتاء. وقد تصدَّر للفتوى كبارُ العلماءِ والمجتهدين بدايةً من الصحابة الذين دخلوا مصر عند الفتح، واستمرَّ الإفتاءُ تطوعيًّا في العصرين الفاطمي والأيوبي، وعندما خضعت مصر للعثمانيين سنة 923هـ/ 1517م، فإنهم تركوا الأمور على حالها، ولم يهتموا بتعيين مفتٍ حنفيٍّ ولا حتى مفتٍ من مذهبٍ آخر.ويوضح أن غياب وظائف الفتوى في مصر في القرن السادس عشر لا يعني أن العلماء المصريين لم يتصدروا للفتوى، ولم يقوموا بفرض الكفاية على أكمل وجه، فقد ظهر عددٌ من الفقهاء الكبار الذين وصف كل واحد منهم بأنه "المعول عليه في الفتوى في زمانه"، أو "المشار إليه بالفتوى في وقته"، فهذه الألقاب لا تشير إلى وظائف رسمية، بل تشير فقط إلى مكانةٍ ساميةٍ في الفتوى، استهلَّ القرنُ الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي، وقد تَرَبَّعَ على عرشِ الفتوى الإمامُ شمس الدين الرَّملي. ويبدو أن الدولة العثمانية كانت تُحاول إيجادَ مناصب رسمية للفتوى يتم تعيين شاغليها من "إسلامبول".وعلى صفحات العدد الجديد يصطحبنا الدكتور أحمد عبد الجواد في جولة شائقة داخل بيوت وسرايات باشوات مصر، مبينًا أنه يمكن القول بصفة عامة إن بيوت الطبقة العليا المصرية بين الحربين (1919 – 1939) قد تركزت في قاهرة الخديوي إسماعيل (1863 – 1879) والتي أقامها غرب القاهرة القديمة، وشملت أحياء الأزبكية وقصر النيل إلى ميدان الإسماعيلية (ميدان التحرير الآن) والتي امتدت جنوبًا إلى قصر العيني لتشمل حي جاردن سيتي والمنيرة، وشمالاً لتشمل أحياء كلوت بك والفجالة والظاهر.ويمكن القول أيضًا إن بيوت الطبقة العليا المصرية في القرن التاسع عشر والتي عاصرت فترة حكم محمد علي باشا وخلفائه تركزت في القاهرة القديمة داخل الأسوار. وتشمل تلك الطبقة: بيروقراطية الإدارة والحكم مثل نظار الدواوين، ورؤساء المجلس الخاص ومجلس الأحكام وشورى النواب، وموظفي الخدمة الخاصة أو الدائرة السنية أو المعية ورؤساء شرطة القاهرة والإسكندرية، ومحافظي الأقاليم ومديري المديريات والمراكز، ومفتشي العموم ونوابهم، ورؤساء المجالس والدواوين الإقليمية، هذا بجانب كبار التجار، وكبار رجال الدين.ويضم العدد الكثير من الموضوعات الشيقة؛ منها "إعادة بناء صورة مصر" للدكتور خالد عزب، و"مصر بريشة عاشقيها" لسوزان عابد، و"تاريخ نادي الاتحاد السكندري" لمحمود عزت، و"مدينة بور فؤاد آخر المدن الملكية" لشيرين جابر، و"الموالد العشبية" لإيمان الخطيب، بالإضافة إلى الأبواب الثابتة في كل عدد (أوسمة ونياشين- طابع بريد - مصطلحات من زمن فات - بروتوكولات ومراسم - لطائف وطرائف)، والمزيد من الروائع والنوادر في 90 صفحة ملونة.يذكر أن مجلة "ذاكرة مصر المعاصرة" مجلة ربع سنوية صادرة عن مكتبة الإسكندرية عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة؛ وهو المكتبة الرقمية التي تضم تاريخ مصر من عهد محمد علي وحتى نهاية عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات. رئيس تحريرها الدكتور خالد عزب، وسكرتير التحرير سوزان عابد، والتصميم والإخراج الفني لآمال عزت.