القاهرة - الدار البيضاء اليوم
في الماضي القريب كانت شريحة كبيرة من النساء اللبنانيات يستطلعن جديد موضة العباءات قبل وصول الشهر الكريم، يتحرين خطوطها وألوانها، كي يتزين بها في حفلات الإفطار والسحور، متألقات، أنيقات، يلفتن الأنظار. هذه المنافسة في لبس أجمل العباءات، تراجعت مع تضاؤل عدد اللقاءات والتجمعات الرمضانية.
وكانت نجمات الفن أول المهتمات بأزياء وإكسسوارات تتلاءم مع المناسبة. وتكتسح صورهن وسائل التواصل الاجتماعي، وتشكل الـ«ترند» المنتظر في هذا الشهر.
وحالياً تتراجع نسبة بيع العباءات، وكذلك الكافتان وأقراط الأذن وغيرها من الإكسسوارات التي ترافق المرأة الأنيقة في شهر رمضان. وفي ظل انهيار سعر الليرة أمام الدولار، وعدم توفر العملة الصعبة بين أيادي الجميع، كما في سنوات سابقة، تأثرت سلباً هذه التجارة. والمرأة التي كانت تشتري العباءات بالجملة وتتحلى بمجوهرات تحمل لمسة شرقية، لجأت إلى ما تملكه في خزانتها من قبل.
أورور عز الدين إحدى أكثر مصممات العباءات والمجوهرات شهرة في لبنان، ترى أن الأمور بمجملها تغيرت، وما عادت كما في الماضي. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «يشهد بيع العباءات تراجعاً ملحوظاً يصل إلى نسبة 60 في المائة، مقارنة بالأعوام الماضية. فالتوصيات التي كانت تردنا من قبل نساء لبنانيات وخليجيات قبل موعد الشهر الفضيل، كانت تصل إلى فوق المعدل العام لمبيعاتنا في هذه الفترة».
وتشير أورور عز الدين إلى أن التهافت الذي كانت تشهده هذه السوق في الماضي القريب ولّى. حفلات الإفطار والسحور تراجعت، وصارت تجمعات النساء تقتصر على جلسات ضيقة في البيوت. وقد تفاجأت بإحدى زبوناتها تسرّ لها أن ما من شيء بات يفرحها أو يزودها بطاقة إيجابية. ولذلك فإن أجواء الشهر الفضيل برمتها تبدلت، وما عادت كما في الماضي. وتتابع أورور عز الدين لـ«الشرق الأوسط»: «هموم اللبناني كبرت وما عاد الفرح سهل المنال. كما صار من الصعب أن يدفع الزبائن بالدولار، كما في السنوات السابقة. وفي المقابل ارتفعت أسعار البضاعة التي نسدد ثمنها بالدولار أيضاً. وحدهم الخياطون هم من خفضوا من أسعارهم نسبة إلى تدهور سعر الليرة. وهو ما سمح لنا بتخفيض أسعارنا إلى حد ما، نسبة إلى تلك التي كانت تروج في الماضي».
فالعباءة التي كان ثمنها من قبل يلامس الـ550 دولاراً باتت اليوم بـما يقارب 220 دولاراً. وما كانت تحققه هذه الأسواق من أرباح انخفض بدوره بحيث لا يتجاوز أحياناً الـ20 دولاراً في القطعة الواحدة.
*الـ«أونلاين» ينقذ تجارة العباءات
اعتاد الناس بسبب فترة الحجر خلال جائحة «كورونا» على التخفيف من خروجهم من منازلهم أو حتى التوجه إلى الأسواق. هذه العادة تركت أثرها السلبي على الأسواق عامة وعلى سوق العباءات خاصة، ولكن بفضل التسوق «أونلاين» لا نزال نستطيع الاستمرار. وتعلق أورور عز الدين: «قلة من النساء لا تزال تتمسك بهوايتها السابقة، وهي التسكع في الأسواق والـ«مولات». ولولا وسائل التواصل الاجتماعي من صفحات «إنستغرام» و«فيسبوك» و«تيك توك» لكانت هذه التجارة في خبر كان. هذه الصفحات أتاحت الفرصة أمام عدد من النساء للاطلاع على آخر صيحات الموضة، في تصميم العباءات وبالتالي المجوهرات. وبفضل هذه المواقع تتحرك مبيعاتنا ولا تصاب بالركود التام. فالتبضع عبر الـ«أونلاين أنقذنا فعلاً».
وحتى مصدر الأقمشة اختلف عما قبل، واتجه مصممو العباءات بشكل أكبر نحو أسواق جديدة كتركيا مثلاً. وتوضح أورور عز الدين: «تركيا تستحوذ على المساحة الأكبر من مشترياتنا بالنسبة للأقمشة الخاصة بصناعة العباءات، تلحق بها إيطاليا وبلدان أوروبية أخرى. لكن سوق الهند، وعكس ما يعتقده كثيرون، يبقى الأبعد بالنسبة لنا، لأنه أغلى من غيره، منتجاتهم غالية الثمن، ولا تفيدنا، لأنها ترفع التكلفة علينا بشكل كبير».
ولكن من هي النساء التي تثابر على شراء الأزياء والمجوهرات الخاصة بالشهر الفضيل؟ ترد أورور: «غالبيتهن من الميسورات، أو ممن لهن علاقات مباشرة مع جمعيات الـ«NGO”. فهذه المؤسسات قد تكون الوحيدة على الساحة التي لا تزال تنظيم حفلات إفطار وسحور. كما أنه لدينا زبائن من خارج لبنان في بلدان الخليج ومصر، ولكن حتى هناك الأحوال تغيرت، مع أنهم لا يعانون من أزمات كبيرة كما في لبنان».
بالنسبة إلى المجوهرات تؤكد أورور عز الدين، أن هذه السوق تنحصر بأصحابها من نجمات الفن والنساء الميسورات المهتمات دائماً به.
من أهل الفن، تتعاون مع أورور هيفاء وهبي والممثلات ماغي بو غصن ودجى حجازي وأمل بشوشة وغيرهن عديدات.
وعن موضة العباءات وخصائصها هذا العام تقول المصممة أورور عز الدين: «جميعها تطبعها اللمسة الشرقية. وهذه الموضة منتشرة حتى في دور أزياء أجنبية معروفة.
منها من أطلقت تصاميمها للعباءات، قبل شهر رمضان مثل دار (بالانسياغا) وغيرها، وهي اعتمدت نفس القصات الرائجة في بلادنا. ولعل أشهر هذه القصات هي تلك الكلاسيكية المعروفة باسم (الفراشة). أما أنا شخصياً فأركز دائماً على الألوان أن في تصميم العباءات والمجوهرات».
قد يهمك أيضا
عباءات مُرَصَّعَة بالأحجار الكريمة تتناسب كل الأذواق